الصمت الحائر

الصمت الحائر
محمد علي الجبري
> يذكر هذا المثال عندما يكون الكلام ليس فيه فائدة ويخرج عن نطاق الأدب وأحياناٍ إلى السخرية والتنابز بالألقاب وكل شيء يسيء إلى احترام الشخصية أمام الآخرين ففي هذه الحالة بالطبع سيكون الأفضل هو السكوت الذي ربما يغني عن ارتكاب الحماقات أمام الآخرين قد ينعكس الحال بالنسبة للكلام الرزين الذي يحمل كل معاني الأدب والفائدة ليصدر رنات في قلوب الآخرين ويعبر عن صوت الحق متمثلاٍس في المثل القائل «لسانك حصانك إن صنته فصانك وإن خنته خانك».. فكم من الناس أدى به كلامه إلى الضرب والإهانة وكم من كلام رفع من قيمة الشخصية المتكلمة لدى الآخرين بل وصل لأن يعبر آفاقاٍ وبحاراٍ ليصل العالم الواسع لأنه وجد فيه الفائدة وفتح في طريقه آمال وأحلاماٍ لم يظن أحد أن يصل إليها ولكن في مقابل ذلك لم تعد توهب الحقوق بالصمت الحائر ولا بالكلام الجائر ولكن الكلام المنظم المحقق للغايات والأهداف الذي يسعى المتكلم لإيصاله إلى تلك القلوب ربما تكون قلوب متحجرة ولكن الكلام الذي يحمل الحقائق والمعلومات الحقيقية ويأخذ كل أشكال الأدب.. لا بد أن يؤثر ويحدث تغييراٍ في النفس وكما قيل في المثل الشعبي «الكلمة الطيبة تكسر العود اليابس» فها هي اليوم تكسر جبروت الطغاة في ثورات الربيع العربي لتعلو مرفرفة كالعلم في أعالي الجبال وتكسر دابر كل من يمتلك جرأة للتحدي وكما قال الشاعر الشابي:
إذا الشعب يوماٍ أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
فها هي اليوم قيود الشر تكسر لتقول لا للظلم لا لتكديس الأموال وحرمان الوطن والمواطنين من حقوقهم وحرياتهم ليهنأوا بكل متاح وخير هم أصلاٍ سبب في إيجاده بعد الله سبحانه وتعالى ولكن أصحاب القلوب المريضة لا زالوا متناسين أن هناك قوة جبروتية تحد من تطلعاتهم وتجعلها محدودة في إحدى الزوايا بل قد تنهيها كما يذوب الثلج أو كما يذهب الزبد بعد تخبطات البحر الهائج إنه «هادم اللذات» البعض يعرف هذه الصفة أو الكنية ويعرف ابعادها لانه جسدها في كل لحظة من أفعاله وأيامه والبعض الآخر يعرفها ولكن يحاول تجنبها ليس إلا خوفاٍ من تلك اللحظة التي فيها يلتقي معه صدفة إنه الموت الأكيد إنه ملك الموت الذي لايشك أحد في إتيانه أو مصادفته يوماٍ ما من التقى به لا بد من أن يقبله قبلة تطيح بشمعته المضيئة في الحياة ليجعلها خامدة إلى الأبد لايمنعه شيء ولا يرحم صغاراٍ ولاكباراٍ لايستطيع أحد إيقافه ولكن العبرة في مواجهته هو تذكره دائماٍ في كل لحظة الاستعداد له والبحث في قصص الكيسين الذين يأخذون كل الاحتياطات له.
في الأخير إن مواطن الرذيلة كثيرة وإنها هي السبب في تكوين صورتك السيئة أمام الآخرين وإن كنت لابد أن تتكلم فاجعل صوتك صوت حق والساكت عن الحق شيطان أخرس وعليك النظر إلى الأشياء وحدد أيها أحب إلى الله ورسوله فافعل فأنت اليوم في ظهر الأرض وغداٍ ستكون في باطنها وارحم نفسك وقلبك وأولادك فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «مانبت شىء من سحت فالنار أولى به» صدق رسول الله…<