باعتبارهم فئة توجيهية هامة

‭{‬ حين يحرص القائمون على المساجد – أئمة وخطباء وسدنة – على أداء رسالة المسجد بالشكل المطلوب فإن ذلك – ولا شك – يتطلب منهم أن يبذلوا جل أوقاتهم لهذا الهدف السامي وإذا تحقق ذلك البذل مع صدق النية فإننا سنجني من ذلك ثماراٍ طيبة يعود خيرها على مجتمعنا كافة..
ذلك أننا نعيش في مجتمع ديني يأخذ فكره ومعتقده ومبدأه – أساساٍ – من المسجد.
ولكن يا للأسف فإن هؤلاء القائمين على المساجد لا يستطيعون أن يتفرغوا لأداء رسالة المسجد فأوقاتهم مشغولة أساساٍ بطلب الرزق هنا وهناك.
فهل تستطيع وزارة الأوقاف أن تساوي هؤلاء بغيرهم من موظفي الدولة حتى يتفرغوا ويتمكنوا من أداء دورهم  ورسالتهم..
مع هؤلاء القائمين على المساجد ونظرة العلماء لذلك الوضع وطموح الوزارة نبقى سويا..

حقيقة
الأخ «ج. ع.ج» يعمل قيماٍ واماماٍ لأحد مساجد أمانة العاصمة يتقاضى من وزارة الأوقاف مبلغاٍ زهيداٍ لا يتجاوز 0005 ريال كإعاشة شهرية ولا يكاد هذا المبلغ يغطي أدنى حاجات المعيشة إلا أنه يعمل عاملاٍ – أينما وجد – من أجل تغطية حاجات بيته وأولاده..
«ج» لم يعمل أساساٍ من أجل الراتب ولكنه يحتسب إقامته للمسجد عند الله تعالى إلا أن ذلك الاحتساب لا يمنع أن يطمح لأن يتقاضى راتباٍ مجزياٍ يصرفه عن الانشغال بهم الرزق ليتمكن من التفرغ للمسجد والعمل على أداء رسالته على الوجه الأكمل.
«ج» نموذج لآلاف ممن يقومون على المساجد لكن هم طلب الرزق يشغلهم كثيراٍ عن التفرغ للمساجد ورسالتها بل أن هناك الكثير من الأئمة يضطرون إلى ترك مساجدهم حتى الصلوات المفروضة لا يتواجدون فيها لأنهم مشغولون بطلب الرزق إذا كان ذلك حال القائمين على المساجد فكيف يمكن لهم أن يؤدوا دورهم الهام في المجتمع خاصة وأنهم فئة مهمة لهم دور عظيم في توجيه وارشاد المجتمع.
وكيف لهؤلاء أيضاٍ أن يعملوا على انجاح رسالة المسجد ودوره في مجتمع يعتمد على المسجد «أساساٍ» كمصدر لبناء الأفكار والمبادئ..
لا شك أن هناك دوراٍ هاماٍ يجب أن تؤديه وزارة الأوقاف وهي الجهة المعنية الأولى بهذا الشأن في بلادنا عن أهمية ذلك الدور يحدثنا الأستاذ محمد عبدالغني مصطفى – خطيب جامع الحسن بن علي – أمانة العاصمة فيقول: لا شك ولا ريب بأن القائمين على المساجد لهم دور كبير وهام وعلى الجهات المختصة في الدولة تكميل هذا الدور لا سيما وأن دور الدولة في الماضي كان عظيماٍ في ذلك الأمر حيث أن قياداتها «الدولة الاسلامية» كانوا يقدرون الأئمة والخطباء والقضاة ويعطونهم رواتب قيمة من بيت مال المسلمين حتى يتفرغوا لأداء رسالتهم على الوجه المطلوب ويكونوا بعيدين عن كل ما يشتت أذهانهم من متطلبات الحياة وهموم المعيشة وقد قرأت أن بعضاٍ من الخلفاء كانوا يقضون ديون الدعاة والعلماء لعلمهم أن الدين هم في الليل وذل في النهار وما ذلك إلا لحرصهم على أن يصرفوا عن صفوة هذه الأمة كل ما يعكر صفوهم ويشغل بالهم من هموم الحياة.
فالامام والخطيب هل يتفرغ لأداء مهامه أم يتفرغ للسعي من أجل العيش خصوصاٍ وأن الاعاشة التي يتقاضونها ما بين خمسة إلى سبعة آلاف ريال لا تزيد على ذلك.
ويزيد الطين بلة إذا كان هذا الخطيب أو الداعية لا يمتلك سكناٍ خاصاٍ به كذلك ليس له سكن في المسجد..
وفي حقيقة الأمر فإننا نلاحظ أن وزارة الأوقاف والارشاد للأسف الشديد تغفل الأئمة والخطباء والقائمين على المساجد بشكل عام ولطالما قام بتنبيههم الكثير والكثير من الناس حتى أن رئيس الجمهورية السابق كلفهم بتحسين معيشة الخطباء والمرشدين ضمن برنامجه الانتخابي..
وقد وعـــــدت الإدارة المختـــــــصة بوزارة الأوقاف أن تعمل بذلك إلا أنها خـــــيبت آمال من كان يعول عليهم الأمر..
وقد قام بعض الاخوة القائمين على المساجد بإثارة هذه القضية في وزارة الأوقاف مطالبين برفع مستوى حقوقهم التي يتقاضونها وأن تكون على الأقل مساوية لما يتقاضاه الفنانون ولم يطالبوا بأكثر مما يتقاضاه هؤلاء وغيرهم رغم اختلاف الأدوار بينهم في بناء المجتمع المسلم وبالتالي فإن هذا حق يجب عدم السكوت عنه ويجب على وزارة الأوقاف اعطاء كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقصان بما يضمن لهم الحياة الكريمة خصوصاٍ أن هذا المبدأ معمول به في أرجاء الوطن العربي حتى في الدول التي تنتهج العلمانية كمبدأ لإدارة الدولة فكيف بنا نحن وبلادنا توصف بأنها بلاد الايمان والحكمة وأخيراٍ أذكر المسؤولين القائمين على الوزارة بقول الله تعالى «وقفوهم إنهم مسؤولون» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيع لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» قال تعالى  «فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه».
حق شرعي
حين يؤمل القائمون على المساجد أن يمن الله عليهم بوضع مادي أفضل مما هم عليه وذلك بأن تعمل وزارة الأوقاف على تسويتهم بغيرهم من موظفي الدولة فهل هذا حق لهم¿ خاصة وأن كثيراٍ من الناس يعتقد أن إقامة المساجد أمر تطوعي لا ينبغي أن يؤخذ عليه مقابل.. عن ذلك الأمر يحدثنا الشيخ جبري ابراهيم – مدير عام الوعظ والارشاد بوزارة الأوقاف – فيقول:
الحقيقة أن قضية الأذان والصلاة وقراءة القرآن تسمى عبادة محضة وقد اختلف العلماء على مذاهب فبعضهم يرى أن لا يعطى الامام والخطيب عليها شيئاٍ بل يرتجي ثواب الله والدار الأخرة..
وهنا الاختلاف على أن تكون الأجرة من الناس أما إذا كانت من بيت مال المسلمين فلا خوف عليها إذا كان منقطعاٍ لعمله بل ينبغي أن يعطى من بيت المال بقدر ما يسر حاجته لأن بيت المال لكل مسلم فيها نصيب ومثل هذا العامل في المسجد كمثل غيره ممن يعمل في سلك الدولة يستحق أن يعطى كفايته خاصة إذا علمنا أن هذا القائم على المسجد إذا اشتغل بطلب الرزق في مكان آخر قد يهمل عمله ورسالته في المسجد وبسبب ذلك يضيع هذا المسجد ويهمل..
ولذلك يجب أن ينصف الخطباء والأئمة والسدنة بأن يأخذوا حقهم من بيت مال المسلمين ومن ريع الأوقاف وينبغي أن يساوى هؤلاء بغيرهم من موظفي الدولة وهذه شريحة مباركة لها دورها الهام في تأهيل المجتمع وينبغي أن يعتني بها تأهيلاٍ وتدريباٍ وكفايتهم معيشياٍ..
آمال
وزارة الأوقاف بدورها تشارك هؤلاء العاملين على المساجد طموحهم وتؤكد أحقية ذلك الأمر إلا أن تلك المشاركة لم تتعد حد الأماني والطموح الذي لا ندري هل هناك «أمل» أن يتحقق في القريب أم أن الأمر مجرد تعاطف دون اثارة القضية على أعلى مستويات الدولة لتحقيق المطالب المشروعة لهؤلاء.. عن دور وزارة الأوقاف يحدثنا الدكتور حمود السعيدي – وكيل الوزارة المساعد لقطاع الارشاد – فيقول:
رغم أن الوزارة حريصة كل الحرص على هذه الشريحة الهامة وتعتني باختيارها وتأهيلها إلا أن شحة الموارد التي تعاني منها وزارة الأوقاف إضافة إلى الأزمات المتتالية التي تتعرض لها البلاد قد أخرتنا كثيراٍ وصعبت من إمكانية إعطاء رواتب مجزية للأئمة والخطباء والسدنة ونحن في وزارة الأوقاف نعاني كثيراٍ من شحة الموارد ونقص الإمكانات حتى في مكتبات الوزارة نفسها..
ورغم أن مسألة العمل في المساجد أساسها تطوعية إلا أننا نعمل على كفايتهم قدر المستطاع وقد سبق للوزارة أن صرفت إعاشة رمزية تقدر بثلاثة آلاف ريال شهرياٍ تضاعف على مراحل حتى تصل إلى مبلغ 00021 ريال وبالنسبة لطموح الوزارة فقد قال «السعيدي»: الوزير همته عالية ونحن لدينا إرادة قوية لتحقيق معيشة كريمة للقائمين على المساجد وأملنا أن نعطيهم إعاشة كافية إضافة إلى مكتبة خاصة وجهاز كمبيوتر..
أما عن موانع تحقيق ذلك الطموح يقول «السعيدي» لدينا 00057 مسجد تقام فيها خطبة الجمعة وغالبية العاملين في هذه المساجد ليسوا موظفين لدى الوزارة وهذا يتطلب ميزانية ضخمة تعجز الوزارة حالياٍ عن توفيرها..>
عسكران: انحراف المساجد عن أداء رسالتها الربانية أبعد الناس عنها
< حين تنحرف المساجد عن أداء رسالتها الربانية وأهدافها التي شيدت من أجلها تصبح أماكن للاستقطاب السياسي والتوظيف الحزبي يهرب بل يبتعد الناس منها..
ويؤكد محمد إسماعيل عسكران خطيب جامع الصحابي عامر بن الأكوع بأمانة العاصمة على أن ابتعاد الناس عن المساجد ونفورهم منها: يرجع إلى عدة أسباب من بينها: الانهماك في الدنيا والجري وراءها وهذا سبب واضح وصريح هنالك سبب آخر لا يحس ولا يشعر به إلا من ترك المسجد فراراٍ وهرباٍ جراء انحراف معظمها عن أداء رسالتها الربانية وأهدافها والأغراض التي شيدت وبنيت لأجلها.. قال تعالى «وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله احداٍ» لذا فقد أصبحت بؤراٍ للفتن ومنبعاٍ للصراعات والنزاعات وإذكاء نار العداوة في المجتمعات وأماكن للأستقطاب السياسي والتوظيف الحزبي مما جعل الناس يفرون عنها ويهربون منها ويتركونها ولو رجعت قليلاٍ إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى عليه وعلى واله وصحبه وسلم من إقامة للشعائر الدينية وجمع لكلمة المسلمين ولملمة الصفوف لتعلقت قلوب الكثير ممن تركوها وفروا منها ورجعوا إليها..>