نيزان توفيق- صادق السماوي
الحديث عن القضية الجنوبية لا يعني أننا نسبر أغوار قضية سياسية أو اقتصادية من نوع ما بل يعني ذلك أننا أمام قضية شعب بالغة الحساسية لم تَعد تحتمل المزيد من التأخير بقدر عدم احتمالها مزيداٍ من النقاش أو قل الكلام الذي ينتهي دائماٍ بالكلام أيضاٍ..
وبرغم القضايا الشائكة الأخرى هنا وهناك ورغم ضرورة النظر فيها الآن لا اليوم ولا غداٍ إلا أن القضية الجنوبية تعد التحدي الأكثر خطورة في هذه المرحلة – المرحلة الانتقالية – وهو ما يعيه الجميع في المجتمع بلا استثناء والجميع يعي أيضاٍ أن قضية إخواننا في الأرض والوطن لا تستوعب الحلول فحسب بل وتنفيذ الحلول على نحو من السرعة والدقة وهو ما خرجت به السطور المقبلة من خلال لقاءات أجرتها «الوحدة» مع ثْلة من المهتمين بهذه القضية الوطنية الشائكة..
< الدكتور عبدالعزيز المنصوب ناشط في الحراك يقول: أولاٍ دعني أعرف القضية الجنوبية من وجهة نظري بأنها قضية إنسان وأرض وسيادة وطمس معالم وفقدان انتماء وغدر وخيانة وخديعة إرادة..هذا هو التعريف الاصطلاحي للقضية الجنوبية وبالتالي فإن تحت كل لفظ من هذه الالفاظ الثمان الاصطلاحية كتعريف جامع مفردات تحمل مدلولات لتفاصيل قضايا حقوق وحريات وحقوق عامة وأخرى خاصة وطبعاٍ عندما طرح هذا التعريف لا يعني أنني أحاول التخندق أو التمترس خلف تعريف معين إنما هو الاجتهاد وهو الخروج بتعريف بأن القضية الجنوبية حتى الآن لم تْعرف تعريفا اصطلاحياٍ واضحاٍ بحيث يكون مطروحاٍ للنقاش وبالتالي عند نقاش هذا التعريف إما أن يثبت أو يضاف أو يحذف منه ومن ثم يثبت التعريف الاصطلاحي الحقيقي الرسالي العدالي للقضية الجنوبية وهذا إذا كْنúا نبحث عن الحل أما القول بأن القضية الجنوبية مرتبطة بنظام سياسي معين فهذا خطأ ويتجاهل الكثير من تفاصيل القضية الجنوبية كقضية تاريخية.
خيارات موضوعية
وأضاف عبدالعزيز المنصوب: حتى الآن لم تطرح أي خيارات موضوعية لحل القضية الجنوبية لكن ما نريده ظروف لا خيارات بحيث توفر الظروف الموضوعية للإنسان – باعتباره المرتكز الأول للقضية الجنوبية – والحد الأدنى من هذه الظروف هي الأمن والمعيشة حتى لا يكون هذا الإنسان الذي شمله هذا التعريف في القضية الجنوبية جاهزا للاستخدام من قبل العابثين سواء في الشأن الجنوبي أو اليمني ككل وهنا أقصد إيران التي تحاول الوصول إلى أطراف في الجنوب وتستغل عدالة القضية الجنوبية لتوظيفها على دول الخليج..
في ما يتعلق بالحوار الوطني يقول: إن وجهة النظر الجنوبية القابلة للحوار تريد حواراٍ ثنائياٍ وليس حواراٍ متعدد الأطراف ويكون شماليا جنوبيا على أرض ثالثة وعلى قاعدة إعادة الاعتبار للجنوب وهو ما يجب أن يكون اليوم وإذا كانت هناك نوايا جادة من أطراف الحوار كاملة بما في ذلك أطراف الحراك الجنوبي بكل فصائله بدون استثناء وحتى الفصائل الجنوبية الموجودة في الخارج وأن يكون الحوار بحسب ما خرجت من لقاءاتي مع مكونات مؤثرة في الجنوب بأن يكون الحوار من جولات متعددة ومحددة سلفاٍ وأن تحدد مواضيع كل جولة مطروحة للنقاش وأن تنفذ نتائج الحوار في الجولة الأولى قبل الدخول في الجولة الثانية لأن الإنسان الجنوبي قد سئم من الحوار والدعوة للحوار!.
غير الوحدة الاندماجية
وعن طبيعة النظام المقبل يعتقد الدكتور المنصوب أن المرحلة الانتقالية تتطلب شكل نظام غير النظام القائم وعلى سقف غير سقف الوحدة الاندماجية لأنهم سئموها وجربوها والمطلوب لتغيير نفسية المواطن في الجنوب نحو الأفضل أن تكون هنالك دولة اتحادية ثنائية كمرحلة انتقالية يدرس بعدها الحلول بشكل ناضج وبعد توفير الظروف الموضوعية لواقع الشارع الجنوبي وهذا برأيي يعتبر تهدئة للخواطر الجنوبية جميعها والتي امتعضت وخرجت لتعطي نموذجاٍ للعالم العربي في الثورة السلمية وإن كان هنالك تشويه في ما بعد وإتهامات بالعنف..
الاعتذار عن حرب 94م
واختتم حديثه بالقول: إن على الشارع الشمالي – لا الشارع الجنوبي لأن هذا الأخير لا يريد أقوالاٍ بل أفعالاٍ وبالتالي أقول للمجتمع الشمالي أن عليه أن يتفهم القضية الجنوبية كما يراها الإنسان الجنوبي أولاٍ وعلى الصحافة وماهنيها الاحتراف في نقل القضية الجنوبية وهنا نستطيع أن نوفر الضمانة الروحية في المجتمعين والضمانة الأخوية بين المجتمعين لبقاء نوع معين من الوحدة إما فدرالية ثنائية أو كنفدرالية أو اتحادية على شكل آخر وأدعو القائمين على الحوار الوطني أن يخرجوا في ما يتعلق بالقضية الجنوبية بخطوة واحدة وهي أن يكون هنالك مؤتمر خاص تحت عنوان «إعادة الاعتبار للجنوب» يعاد فيه للإنسان الاعتبار وهنالك أساليب كثيرة لذلك ويتم النقاش مع الإنسان في ما يتعلق بإعادة الاعتبار للأرض والسيادة وأقصد التحاور مع الإنسان نفسه أما الاعتذار عن حرب 94م فهذه يجب أن تسبق كل شيء وهذا طبعاٍ إذا كانت هنالك جدية في الحوار..>
< الدكتورة جهاد الجفري أستاذ علم النفس تتمنى أن يكون الحوار الوطني المقبل غير الحوارات الماضية وأن يخرج بحلول جوهرية حقيقية وهي ترى أن الحل العقلاني للقضية الجنوبية في الوقت الراهن هو الفيدرالية من أجل إنقاذ اليمن وليس الجنوب فقط والأقرب أن تكون فيدرالية ذات إقليمين.
وأشارت إلى أن على حكومة الوفاق أن تبدأ بإصلاحات وحلول للقضية الجنوبية والتي أولها الإفراج عن المعتقلين وإعادة الأرض المنهوبة والبحث في قضايا الجنوبيين كمن سْرح من وظيفته لاسيما بعد حرب 94م يجب إعادتهم وكذلك الموظفون في المصانع التي أخذها النظام السابق وباعها فأصبحت مصانع خاصة وأولئك الموظفون الذين أصبحوا في الشوارع وهم حاصلون على أعلى الشهادات فضلاٍ عن الشهداء والجرحى والمختطفين..
وهي تؤكد أن الجنوبيين لم يطالبوا يوماٍ بالانفصال بل هم وحدويون وهم من سعى إلى تحقيق الوحدة وإذا بنا نظلم باسم الوحدة التي سعينا إليها.. هكذا يفكر المواطن الجنوبي اليوم وأحب أن أقول أنه يكفي تجاهلا للقضية الجنوبية ولما يعانيه المواطن في الجنوب.. والجنوبيون يريدون اليوم حوارا جنوبياٍ شماليا في ظل رقابة دولية وهو ما يجب أن يتم نقاشه..>د.البحش: لا يمكن التعاطي مع القضية الجنوبية دون الاعتراف بالأخطاء وإرجاع المظالم أولاٍ!
< الباحث عبده البحش في مركز الدراسات والبحوث اليمني يقول أن البداية كانت من حرب 94م وهي الحرب التي حرض عليها ودفع إليها الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام رأى في هذه الحرب أنها تخدمه وتخلصه من الشريك الأساسي في تحقيق الوحدة وسيصبح هو الحاكم الوحيد واستجاب بدوره لهذه النغمة دون أن يدرك عواقبها في المستقبل وهذه كانت المشكلة وبعد انتهاء الحرب والقضاء على الحزب الاشتراكي للأسف وأقولها صراحة أن الكثير من القيادات في الشمال عندما ذهبوا إلى الجنوب تصرفوا تصرف الفاتحين وهذا كان خطأ قاتلا فراح البعض يستولي على الكثير من الأراضي والبعض استولى على الأموال والبعض الآخر استولى على الكثير من البنيان وهذه الأمور خلقت لدى المواطن في الجنوب نوعاٍ من الغبن والظلم وإذا بالكثير من الجنوبيين لا يملك الواحد منهم قطعة أرض ليبني عليها مسكنا في حين أن قائداٍ عسكرياٍ محسوباٍ على النظام – حينها – يملك أراضي تكفي لبناء مدينة سكنية..
ولا أدري كيف فاتت مثل هذه الأمور الجسيمة على القيادة السياسية – يومها – وكأنها لم تكن تدرك عواقب هكذا تصرفات ولكن بعد أن حدث ما حدث وكخيارات لحل القضية الجنوبية – علينا أن نعترف بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في الجنوب ومعالجة هذه الأخطاء وإرجاع المظالم إلى أهلها ومن ثم بناء الوحدة على قيم المساواة وعلى المواطنة المتساوية دون أن يترك العنان لأحد وإرساء مداميك الشفافية والحكم الرشيد..
ويضيف البحش بأنه يخاف من تلك الأصوات التي تنادي بالانفصال باعتبار هكذا مناداة خاطئة وليست حلاٍ للقضية الجنوبية إنما هي العدالة كما أشرت سلفاٍ كحل حقيقي وإرجاع المظالم وإنصاف المظلومين والمتضررين من حرب 94م وكل من له حق يجب أن يأخذ حقه..
ويضيف: إن معالجة القضية الجنوبية في إطار الوحدة ممكن ولكن ذلك يتوقف على الإرادة السياسية للأطراف وإذا توفرت النية الصادقة لمعالجات الإشكالات والاختلالات الجنوبية وبناء دولة اليمن الجديد الموحد سواء أكان بأقاليم أو دونها ولكني أعود لأقول أنه لا يمكن حل القضية الجنوبية بصورة جذرية بدون تحقيق العدالة وإرجاع المظالم..
ويدعو كافة القوى الاجتماعية والسياسية أن ترتقي على طاولة الحوار وأن تجعل الوحدة نصب عينها لأنه ليس من الصحيح تقسيم اليمن إلى يمنات فالحل الحقيقي لليمن أن يظل موحداٍ مع تكريس مبدأ العدالة الانتقالية بين الجميع..>
< محمد زيد محمود – ضابط متقاعد في القوات المسلحة – أو كما قال أنه تقاعد قهري.. قال : إن الوحدة بالنسبة للجنوبيين قدر ومصير ونحن من كنا وقود الوحدة وأضاف : ومن وجهة نظري : الجنوب اليوم يجب أن يعطى له اعتباره بعد أن لحق به الكثير من المهانة وإهدار الكرامة.. نحن نريد وحدة حقيقية وحدة شراكة وفي رأيي الشخصي أن تكون على شكل دولة اتحادية.
واسترسل في القول: ويجب أن يسبق مؤتمر الحوار الوطني الكثير من الإجراءات أبرزها هيكلة القوات المسلحة فلا يمكن أن نعترف بالحوار الوطني تحت ظلال المدافع والدبابات والانفلات الأمني ثم علينا أن نبني جيشا وطنيا صحيحا بعدها سيتم مؤتمر الحوار الوطني بصورة سلسلة ومجدية والجميع سيلتفون وسيتوافقون مع الحوار الوطني..
وأكد الضابط محمود أنه من الممكن معالجة القضية الجنوبية تحت سقف الوحدة بشرط أن يكون المؤتمر الوطني بلا سقف ومشاركة كافة الأطياف والمكونات والتيارات السياسية والخروج برؤية واحدة وموحدة بأن وحدة 22 مايو هي وحدة شراكة وليست شركة الجانب الآخر أن يقدم الاعتذار للجنوب اعتذاراٍ رسمياٍ والاعتراف بالأخطاء بحق الجنوب لأن ما حدث في الجنوب ليس مرتبطاٍ بالوحدة عينها إنما بالنظام السابق لاسيما القادة العسكريون التابعون له..>
< عادل هلال المقدار – أمين عام المجلس الوطني المستقل لشباب الثورة قال:
إن خيارات حلول القضية الجنوبية كثيرة ويجب البدء فيها قبل الدخول في أي تفكير مسبق في شكل الدولة القادمة إذú أولاٍ يجب حل القضايا العالقة المرتبطة بالمناطق الجنوبية ثم يتم النظر إلى شكل الدولة التي يجب أن يكون عليها اليمن في قادم الأيام مع العلم أن معظم اليمانيين ينظرون إلى الفيدرالية من اقاليم هي الحل الأمثل لمعالجة القضية الجنوبية وللمجتمع اليمني برمته.
واستدرك المقدار قائلاٍ: إنه من الممكن معالجة القضية الجنوبية في إطار الوحدة وذلك من خلال إعادة الحقوق والمظالم ولملمة الجروح واستتباب الأمن لأن الشعب اليمني متوحد أرضا وإنسانا ولكن من أوصلنا إلى هذه المرحلة هو النظام السابق والسياسيون ومن أخطائه في حق الجنوب وليس الوحدة عينها لأنها مشروع شعب من قبل يوم الثاني والعشرين من مايو ومسار إصلاح الوحدة قائم بوتيرة عالية..