عاصم السادة
أكد الأستاذ حسن شرف الدين وزير الدولة أن حكومة الوفاق الوطني تواجه تحديات كثيرة وتركة ثقيلة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية إذ بنت الحكومة برنامجها المقدم للبرلمان على أولويات هامة تتضمن تحقيق الأمن والاستقرار وبسط النظام والقانون وهيبة الدولة ومكافحة الفقر والبطالة وتوفير الخدمات الأساسية وخلق توازن اجتماعي واقتصادي وعدالة تنموية ومكافحة الفساد.. لافتاٍ إلى أن أبرز التحديات السياسية للحكومة هو بروز بعض سياسات التهميش والإقصاء والمناكفات السياسية.
وقال شرف الدين في هذا الحوار الذي أجرته معه «الوحدة» أن الأحزاب السياسية لاتزال بحاجة إلى مزيد من التمرس على الوفاق الوطني واستيعاب مفهوم الشراكة الحقيقية باعتبارها من ضروريات التعايش في المرحلة الراهنة.. مشيراٍ إلى أن هناك طرفاٍ سياسيا يعتقد أن السلطة انتزعت منه في حين أن الطرف الآخر يعتقد أن هذه الشراكة فرضت عليه عنوة وأخذت نصيبه الكبير وبالتالي فإن المسألة ليست الانتزاع ولا التسابق على السلطة بقدر ما أن المرحلة حساسة ومليئة بالتحديات الجسام.. المزيد من التفاصيل تجدونها في ثنايا الحوار:> لنبدأ بوضع الحكومة في خضم التحديات التي تحيط بها من كل الجوانب اليوم..هل حكومة الوفاق مؤهلة وقادرة على تجاوز كل العثرات التي تقف أمامها لتحقيق احتياجات ومتطلبات الشعب اليمني برمته..¿
>> بإذن الله ستعمل كل ما باستطاعتها لتجاوز ما يمكنها من العثرات وتحقيق ما بوسعها من المتطلبات المهم أن لديها النوايا والاستعداد الكامل للعمل بكل ما لديها من استطاعة.. أما تحقيق احتياجات الشعب برمته وتجاوز كل العثرات كما في سؤالك فهذه عمومية غير عادلة إذ لا توجد حكومة انتقالية مؤقتة في العالم تستطيع أن تتجاوز كل التحديات وتحقق احتياجات الكل ومثل هذه الكليات قد لا تحققها حكومات تعمل في ظروف مستقرة ومجتمع منسجم في تطلعاته ومتقارب في توجهاته وخياراته فما بالنا بظروف بلد لا يشبهه أحد في تعقيداته وخصوصياته وحجم تحدياته كما أنه صعب أن يرضى عنك الكل في ظل هذا الانقسام المؤسف وما يحدث أحيانا من تصيد أخطاء وتصفية حسابات لتشويه إيجابيات الآخر وبالتالي فالحكومة الآن في مهمة صعبة لإنجاز التحول المنشود وما دمنا قد أفسحنا المجال للخيار السياسي بدلا عن خيارات أخرى مكلفة فإن السياسة هي فن الممكن أي أنك مطالب بأن تعمل كل ما تستطيع لتحقق ما يمكن فإذا نجحنا في التوافق على حل مشكلة أو تجاوز تحد فهذا إنجاز بحد ذاته كالهيكلة على سبيل المثال أو الحوار الوطني إذا توافقنا على لجانه ومحدداته وأولوياته فهذا أكبر إنجاز ولذا فنحن ملزمون بخلق أجواء الانسجام ومسهلات التوافق وتقبل الآخر إذا أردنا تجاوز أكبر قدر من العثرات وتحقيق متطلبات الناس.
وفاق إيجابي
> ما مدى الانسجام والتناغم بين وزراء الوفاق في أداء مهامهم الحكومية¿ وبرأيك..هل العمل السياسي عامل مؤثر على أداء الحكومة¿
>> بالتأكيد هناك مؤشرات إيجابية لأجواء الوفاق السائدة بين طرفي الحكومة رغم وجود بعض المنغصات هنا أو هناك لكن الجميع مؤمنون بأننا فريق حكومة وفاق بما يعني فريق عمل تنفيذي يقوم بتسيير أعمال عاجلة حتى لا تتوقف مصالح الناس بمعنى أن كل عضو عليه مسئولية وطنية تلزمه بأن يكيف التزامه السياسي مع واجبه الحكومي بحيث يخلق توازنا بين المهمتين وإذا حدث تصادم بينهما يكون الانحياز في الأخير للمصلحة العامة باعتباره ملتزما لشعب هو أكبر من الجماعات او الأحزاب او الأشخاص. كما أنه يؤدي يمينا دستورية في العمل الحكومي لا نؤديه في العمل السياسي. فالوفاء بالقسم مقدم على الالتزام لغيره.
التغيير بأقل خسائر
> ماذا عن التسوية السياسية التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة لإخراج البلاد من الأزمة التي مرت بها العام الماضي..¿ وما هي المعوقات التي تعرقل المضي بهذه التسوية بين فرقاء العمل السياسي..¿
>> واضح أن التغيير يحتاج لبعض الوقت حتى تهضمه بعض العقليات التي ما تزال غير مستوعبة لاستحقاقاته والتسوية جزء محوري من هذه الاستحقاقات لا يمكن أن يكتمل التغيير دون أن يستوعبها الجميع.. نحن مع أي حل عقلاني يخرج البلاد من هذه الدوامة التي تسبب البعض في إطالة أمدها ولا ننسى أننا لم نصل إلى هذه المبادرة إلا بعد أن ضاق الخناق بالجميع حتى بمن حولنا المهم أن نحقق التغيير بأقل الخسائر لأن البلاد لا تحتمل المزيد.. وإذا كان الغالبية قد وقعوا على مبادرة وهم يعلمون جيدا أنها تلزمهم بتسوية وتنازلات صعبة من الجميع فلماذا نعرقلها¿ خاصة أننا اجتزنا نسبة كبيرة من المهام المنوطة بحكومة الوفاق والمتمثلة في نقل السلطة سلمياٍ والتغيير التدريجي والتحضير للمرحلة الثانية وهي الحوار الوطني وهذه فرصة تاريخية أمام اليمنيين لحل مشاكلهم وترتيب أوضاعهم وبناء دولة مدنية حديثة فما الداعي لتعطيل بقية البنود مادمنا قد تجاوزنا الأصعب¿ وكلنا نعلم أن هذه المبادرة والتنازلات هي التي جعلت شباب الثورة يفسحون المجال للخيار السياسي ويأملون خيراٍ طالما أنه جاء بانتخابات رئاسية مبكرة ورئيس جديد وحكومة جديدة وحوار قادم وحمل مؤشرات بحياة أفضل خرج من أجلها غالبية الشعب لا من أجل طموحات ذاتية أو حسابات ومشاريع خاصة لقد خرج الشباب للساحات لأنهم يريدون أن ينعموا بحياة حرة كريمة خالية من الظلم والصراعات والفساد والشخصنة والأسرية والجهل والفقر والمرض خرجنا لنقول أين نحن من العصر¿ وبرأيي فهذا سؤال يجمع عليه كل الأطراف ولا اعتقد أن هناك من يعرقل قطار التسوية الذي يخرجنا من هذا التردي إلا من أنتج هذا الوضع أو ساهم في إنتاجه أو كان جزءا منه.
تركة ثقيلة
> ما هي ابرز المشاكل والتحديات الكبرى التي تواجه حكومة الوفاق الآن على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية¿ وما هي الحلول التي رسمتها الحكومة لتخطي تلك المشاكل بصورة نهائية لا وقتية..¿
>> حكومة الوفاق تواجه تركة ثقيلة جدا ليس على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقط كما تذكر بل حتى على الصعيد الثقافي والصحي والتعليمي والعسكري والأمني والخارجي وحتى البنيوي وهناك الفساد والمفسدون في كافة مفاصل الدولة وانهيار اقتصادي وتنموي واستثماري لا يعقل أن يكون هناك طبقات برجوازية تغرق في المليارات بينما هناك مئات الآلاف يعيشون تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم وهناك انهيار للطبقة الوسطى من المجتمع وهناك أيضاٍ فوضى وانفلات مثال ذلك أننا في عصر الضياء والثورات التكنولوجية والالكترونية ما نزال نعاني من انقطاع الكهرباء والماء والدواء والغذاء وتتعرض الكهرباء لكل هذا الكم من التدمير والانقطاعات بكل بساطة بينما نبحث عن هيبة دولة توقف هذا الجنون والإذلال اليومي وعلى هذا الأساس بنت حكومة الوفاق برنامجها الذي قدمته للبرلمان والأولوية فيه للأمن والاستقرار وبسط النظام والقانون وهيبة الدولة ومكافحة الفقر والبطالة وتوفير الخدمات الأساسية وخلق توازن اجتماعي واقتصادي وعدالة تنموية ومكافحة الفساد.. كما نعول كثيرا على القرارات الشجاعة لرئيس الجمهورية التي ندعمها بقوة في حكومة الوفاق وستمضي على الجميع دون استثناء.. هذا على صعيد التحديات التي تواجه العمل التنفيذي للحكومة أما التحديات والمشاكل السياسية فمن أهمها بروز بعض سياسات التهميش والإقصاء والمناكفات السياسية التي يؤسفنا أن بعضنا لا يزال يمارسها حتى الآن رغم انه عانى منها في ما سبق ونتمنى أن تنتهي فورا كما أن أكبر تحد يواجه الحكومة الآن هو الحوار الوطني الذي على ضوئه سيتقرر مصير البلد وقضاياه الشائكة وطبيعة الدولة التي نريد بالإضافة إلى الكثير من الصعوبات والتحديات التي يصعب اجتيازها في غضون فترة بسيطة وهذا يستوجب على الحكومة تكثيف جهودها وإنجاز برنامج عملها في عدة اتجاهات وفي آن واحــد.
> كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن والدول الدائمة فيه لما من شأنه الجدية والاهتمام باليمن والأخذ بيده نحو تحقيق التسوية..¿
>> بالتأكيد نحن نقدر جهودهم ونعتز بمواقفهم لأنها أخذت بيد اليمنيين إلى بر الوفاق والانتقال السلس ودعمهم لعملية التحول الديمقراطي والرقابة المباشرة على الأطراف المخلة بالمبادرة والضغط عليها لكننا نطمع بمثل هذا الاهتمام وأكثر على صعيد دعم التنمية والاستثمار ومساعدة الاقتصاد الوطني على التعافي فهذه مشكلة المشاكل في اليمن واستمرار التأخر عنها يزيد الوضع تفاقما ومرارة. ونحن نرحب بدعم الأصدقاء والأشقاء لبلادنا خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة سيما أن الأشقاء ومن خلال المبادرة التي تقدموا بها وعدوا بتقديم الدعم اللازم حتى يتجاوز اليمن هذه المحنة التي يمر بها لذلك أعتقد أنهم لن يبخلوا في دعم حكومة الوفاق حتى تستطيع أن تنجز ما عليها من مهام عديدة بما يضمن خروج اليمن من هذا النفق المخيف.
إكتفاء ذاتي
> كان من المقرر انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض مطلع العام الجاري لكنه تأجل ثلاثة أشهر تقريباٍ..ما هو السبب الجوهري لهذا التأجيل¿ ومتى تتوقعون انعقاده..¿
>> هناك أسباب متعلقة بظروف هذه البلدان وعدم استعدادها حاليا وظروف أخرى متعلقة باليمن وأوضاعه الداخلية وربما لم تكتمل الثقة بعد بقدرة اليمن على استثمار هذا الدعم في الاتجاه الصحيح حتى يصل قطار الاستقرار إلى مرساه الآمن ويبدو اننا ما نزال بحاجة لبعض الوقت حتى نزيل الصورة الملتبسة التي تكونت في المراحل السابقة ونستطيع اليوم بشراكتنا معا ان نصحح النظرة لأن هناك نوايا جادة لتحسين الصورة وخلق وضع مغاير في التعامل مع الخارج على أساس الاحترام المتبادل للالتزامات مع أنني منحاز لمبدأ الاعتماد على الذات واستغلال مواردنا كي نحقق اكتفاء ذاتيا نحل به مشاكلنا دون اتكال على الآخرين.
مفهوم الشراكة
> برأيك.. هل الأحزاب السياسية استوعبت مفهوم الشراكة الوطنية وما الموقف الصحيح الذي يفترض عليها أن تقفه في المرحلة الانتقالية الأولى والثانية ..¿
>> ربما نحتاج المزيد من التمرس على هذا الوفاق حتى نستوعب مفهوم الشراكة الحقيقية باعتبارها من ضرورات التعايش في المراحل الصعبة لأنه ما يزال هناك طرف يعتقد أنه تم انتزاع السلطة منه عنوة بعد أن ظل متفردا بها وطرف آخر أو جزء منه يعتقد أن هذه الشراكة فْرضت عليه عنوة وأخذت من نصيبه الكثير على الرغم من ان المسألة ليست انتزاعا ولا تسابقا على السلطة بل استحقاق مرحلة مليئة بالتحديات الجسام وعلينا أن نقتنع جميعا بأن هذه الشراكة أنقذت بلدا كان على مشارف الجحيم.. نحن في مرحلة تغيير والجميع مقتنع بأن عجلة التغيير لن تعود إلى الوراء والكل متفقون على أنه ضرورة فرضتها المصلحة العليا التي تتطلب نظاما جديداٍ نبنيه جميعاٍ وهذا بحاجة لشعور صادق بالمسئولية الجماعية التي لن تتوفر إلا بتجسيد واقعي لقيم التعايش والقبول بالآخر بين مختلف الأطراف وتأكيد مصلحة الوطن قبل كل المصالح والنأي بأنفسنا عن اختلاق الأزمات حتى نمر بسلاسة ونتجاوز عتبة المراوحة الراهنة ونحقق تطلعات أبناء شعبنا في بناء دولتهم المدنية الحديثة التي خرجوا من أجلها دولة الحرية والعدالة والمساواة والعزة والكرامة..
إعلام مهني
> ما تقييمك للخطاب السياسي والإعلامي لهذه الأحزاب خلال الفترة الماضية حتى هذه اللحظة..¿
>> أعتقد أن في خطاب رئيس الجمهورية مؤخرا عن هذا الجانب ما يكفي للرد على هذا السؤال ونحن مع إيقاف التجاوزات المتبادلة التي تسهم في إطالة أمد المراوحة وأخشى أن تقود لعواقب نحن في غنى عنها تماماٍ.. يجب أن يكون هناك إعلام مهني يؤدي أمانة مهنية ويلتزم بميثاق شرف ينتصر فيه للحقيقة ويتعامل مع واقع لا تزوير فيه ولا تجميلا كاذبا ولا تجنيا على أحد أو فبركات باطلة أو تنفيذ أجندات ذاتية مع تقديرنا الكبير لبعض الملتزمين بالمهنية وأرى أنه من الضرورة أن يشعر الناس بالتغيير حتى على صعيد الصورة الإعلامية السابقة التي ملها الجميع.
> من وجهة نظرك..هل الأحزاب السياسية لديها تصور وبرامج تساهم في التعاطي بجدية مع المستقبل ورسم ملامح الدولة المدنية ووضع قواعد اجتماعية جديدة تؤسس لمرحلة انتقالية آمنة¿
>> بكل تأكيد قادرة على ذلك بخبرتها في العمل السياسي واستفادتها من التجارب الخارجية القريبة من ظروفنا ولا يوجد هناك عاجز طالما توفرت إرادة التغيير والبناء والنوايا المخلصة للانتقال الآمن والعبور باليمن إلى مرحلة الاستقرار المستدام والتنمية المستدامة والتأسيس لمداميك الدولة المدنية التي نريد.
> بخصوص الخيارات الديمقراطية.. ما هي الديمقراطية التي تناسب مناخنا السياسي وكذا النظام السياسي الأفضل لهيكل الدولة في اليمن برأيك¿
>> سيكون هذا السؤال الهام جدا مطروحا بقوة وعلى رأس أولويات ونقاشات الحوار الوطني فالقناعات لم تستقر بعد وتتأرجح بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني وهذا الأخير ما أراه مناسبا لليمن إضافة إلى نظام انتخابي يعتمد على القائمة النسبية يبدو الأقرب لظروف اليمن بما يضمن تمثيل كافة الناخبين في البرلمان وبالتالي مشاركة الجميع لكن الحوار سيحسم كل هذه الرؤى المتباينة.
> هناك حديث مازال يتردد صداه في الساحات عن الدولة المدنية المنشودة لليمن.. برأيك ماهي الشروط الأساسية للانخراط في إطار المدنية بمعنى الكلمة¿ وهل هناك تجاوب سياسي من قبل الأحزاب لاسيما وان ثمة من يعارض مثل هكذا فكرة..¿
>> لا اعتقد أن هناك من يعارض هذه الفكرة حتى الطرف الشريك لنا فالدولة المدنية هي حلم وطموح الجميع بلا استثناء ونحن مع دولة مدنية ترعى وتحمي الحقوق الدينية ويمكننا في هذا الصدد الاستفادة من التجربة التركية وربما التجربة التونسية المتمثلة في تيار الغنوشي أو حزب النهضة الذي يقدم نفسه كتيار ديني معتدل مغاير تماما للتيارات المتشددة وبالتالي نحن أقرب إلى نموذج الدولة المدنية التي تعلمنا كيف ندير شؤوننا الدنيوية وعلاقاتنا كبشر لهم كامل الحقوق والكرامة وعليهم واجبات ومسئوليات ومساءلات متساوية نحن بحاجة للائتلاف الوطني واحترام القانون والتنوع المذهبي وهذا هو جوهر فكرة الدولة المدنية التي نريد وحتى نمهد الأرضية لهذه المدنية يجب على الجميع أن يؤمنوا بكافة حقوق أخوتهم في البلد فالمدنية عالم من السلام والوئام والتحضر فنحن الآن أمام حاضر يتطلب صياغة جديدة لعلاقاتنا ببعضنا حتى نتمكن من صياغة مستقبلنا.
فرصة تاريخية
> الحوار الوطني الشامل الذي يعول عليه كافة اليمنيين كسبيل أوحد لإخراج البلد من المشاكل التي تحيطه ولاسيما في الشمال و الجنوب ..هل لكم أن تحدثونا عن أهمية هذا الحوار وملامحه وطبيعة المشاركين فيه..والى أي مدى ستتجاوب معه القوى السياسية في الساحة من أحزاب وقوى سياسية واجتماعية للخروج برؤية موحدة مرضية للجميع..¿
>> الحوار الوطني هو أهم عناوين المرحلة الثانية من المبادرة ويشكل فرصة تاريخية لليمنيين لحل مشاكلهم وترتيب أوضاعهم وبناء دولة مدنية حديثة.. وتكمن أهميته في أنه هو الذي سيحدد مصير البلاد فإما أن يضع حداٍ لمشكلات ومصائب اليمن أو أن يتم استغلاله لتمديدها فتزداد استفحالا وهنا مكمن الخطر الذي سيقود الجميع لصراع مفتوح على كل الاحتمالات أقلها تمزيق البلاد وهو ما لن نقبل به مطلقا ولن نسمح بالوصول إليه لأننا جميعا نقبع في سفينة واحدة تتلاطمها الأمواج إما أن ننقذها من الغرق أو نصمت على غرقها حتى نغرق جميعا ولن نقبل بالغرق.. لهذا سيكون المشاركون من كل القوى والاتجاهات والمشارب ولن يستثنى أحد حتى نتشارك جميعا في إنقاذ السفينة وتصويب مسارها حتى وإن اختلفنا أو علت أصواتنا أثناء الحوار علينا أن نجعله صراع أفكار وعصفاٍ ذهنيا وجدلا بناء نخرج منه برؤية موحدة ترضي الجميع وعلى الجميع أن يتذكر دائما بأن الله لم يهلك الأولين إلا لكثرة جدالهم العقيم ولا بأس أن نصل لحلول ممكنة أفضل من التمترس وراء مطالب تعجيزية لا تخرجنا من النفق المظلم.
توحيد الرؤى
> بما انك واحد من أعضاء لجنة الاتصال والتواصل للحوار مع الشباب في الساحات ..لماذا رفض الشباب في الساحات التحاور معكم سيما «حورية مشهور» حيث تم طردها من الساحة..¿ وهل صحيح أن بعض أعضاء اللجنة كانوا غير راضين عن ما وضعته «مشهور» من فكرة للتحاور مع الشباب ..ولماذا..¿
>> أولاٍ هذه الحادثة واحدة من السموم التي لن نسمح بأن تضر بجوهر الشراكة الثورية والفكرة الحوارية والشراكة الوفاقية أيضا وبالتأكيد هناك من يصطاد في الماء العكر ليصيب التوافق الوطني بمقتل.. وثانيا أعيد التأكيد بأن اللجنة الوزارية ليس من مهامها إجراء حوار مع الشباب وإنما التواصل معهم لشرح تفاصيل المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتسهيل إطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد بين الشباب أنفسهم تمهيداٍ لانضمامهم للحوار الوطني بفاعلية وتأطير أنفسهم واختيار ممثليهم غير أن المهمة شديدة الحساسية خاصة وأن الشباب هم من قادوا الثورة الشبابية الشعبية وضحوا بكل شيء في سبيل التغيير ولهذا مازلنا نعتقد بأن الإعداد المتأني والجيد لعمل اللجنة سيمكنها من النجاح في مهامها بإذن الله وبحرص الجميع على التعاون لإنقاذ البلاد مما وصلت إليه ومن أجل نجاح اللجنة سيكون هناك برنامج لعمل لقاءات ميدانية تقوم بها للتواصل مع بعض شباب الساحات في عدد من المحافظات وقد تم الاتفاق على توزيع أعضاء اللجنة من الأخوة الوزراء على عدد من المحافظات ووضع الخطوط العريضة للبرنامج والعمل جار على الانتهاء من بقية التفاصيل ويتضمن البرنامج لقاءات مع الشباب وتسهيل إقامة ورش عمل نقاشية في ما بينهم وسيكون دور اللجنة خطوة تمهيدية مساعدة للجنة الحوار الوطني إذ من المهم أولاٍ أن يلتقي الشباب في ما بينهم قبل الحوار لتوحيد روءاهم المتعلقة بمستقبل البلاد وشكل الدولة المدنية المنشودة وغيرها من القضايا الوطنية الهامة التي ستكون أهم محاور الحوار الوطني.
خشية واضحة
> في ما يخص القضية الجنوبية ثمة من يطرح الفيدرالية كأحد الحلول الناجعة وأخر يرى أن الحل النهائي لقضية الجنوب هو فك الارتباط.. كيف تفسرون مثل هكذا أطروحات¿ وما هو من وجهة نظرك الحل الأسلم والأنجع لهذه القضية..¿
>> مثل هذا الانقسام لن يخدم القضية الجنوبية في شيء وهذا دليل ارتباك داخلي والتباس واضح وقعنا فيه جميعا حول فهمنا لجوهر القضية الجنوبية هل تعني قضية انفصال فقط أم قضية مظالم ومطالب عادلة¿ ثمة من يريد الوحدة لكنه لا يريد النظام السابق وله مطالب عادلة وثمة من يريد فك الارتباط لكنه لا يريد صراعات ودوامة جديدة ورفضا دوليا وإقليميا.. والخشية واضحة من ان يكون ثمن الفك باهظا وأمامنا النموذج السوداني الذي لا يبدو انه سيستقر على المدى القريب رغم ان ظروفه مختلفة تماما عن ظروفنا ليس من حيث الظروف الداخلية المتشابكة عندنا بل حتى من حيث موقف المجتمع الدولي والإقليمي وأعتقد بأن الشعب متوحد وأن اخوتنا في الجنوب لا يقلون وحدوية عنا في الشمال ونحن مع حل القضية الجنوبية حلاٍ عادلاٍ قد يتاتى من خلال توافق الجنوبيين في ما بينهم حول رؤيتهم للحل الأنجع ولا ضرر من ان يكون هناك حوار في ما بينهم أولاٍ ومن حقهم ان ينسقوا لتوحيد رؤيتهم وحلهم سواء في الداخل او الخارج حتى يتسنى لهم الدخول في الحوار الشامل برؤية موحدة فالجميع مطالب بأن ينتهز هذه الفرصة التاريخية لإنهاء الانقسام وحل مشاكل البلاد وإغلاق ملف الصراعات للأبد.
حوار علني
> الحوثيون..هل لديهم رغبة في المشاركة في الحوار الوطني القادم..¿ وما هي رؤيتهم للدخول في الحوار..¿
>> الحوثيون تعاملوا مع دعوة الحكومة للمشاركة في الحوار بإيجابية كبيرة رغم مطالبهم وهم لم يشترطوا شروطا وإنما لهم مطالب يعتبرون تنفيذها خطوة هامة تمهد لحوار عادل وبناء إلى جانب غيرها من الخطوات التي أعلنوا عنها في رؤيتهم مؤخراٍ ومنها الاعتراف من القوى المتورطة بالحرب على الجنوب والمحافظات الشمالية بخطأ الحرب وعدالة قضيتيهما ووقف الخطاب التحريضي والشحن الطائفي وحيادية الإعلام الرسمي والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين من الثوار والمعتقلين على خلفية سياسية وأن تتخذ القرارات بالتوافق ويكون الحوار علنياٍ و حيادية المؤسسة العسكرية والأمنية إلى غيرها من البنود التي تضمنتها رؤيتهم تلك.
> هناك من يقول أن الحوثيين يرفضون الدخول في الحوار حتى الآن لأسباب لعل منها أن بعض القوى السياسية تحاول اليوم الاستفراد بالسلطة ولا تقبل أن يشاركها أحد.. ما صحة ذلك¿
>> بالرجوع إلى رؤيتهم المعلنة بشأن الحوار نلاحظ أنهم لا يرفضون الحوار لذات الحوار وإنما يقدمون تصوراٍ لشكله وآلياته حيث يرون أن من الضمانات لحوار ناجح أن تكون أسس وآليات وأطر الحوار وترتيباته متوازنة وغير مجيرة لصالح طرف من الأطراف حتى لا يكون الحوار مطية للقوى الانتهازية المستبدة والإقصائية وأن يكون للقوى التي ستشارك فيه حق المشاركة في وضع آلياته وأطره وأسسه وهذا من حق كافة القوى الوطنية وعموماٍ فإنني أعتقد بأنه منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية لم يعد بإمكان أحد ان يستفرد بالسلطة فالشعب ثار على الاستفراد.. صحيح اننا نلاحظ بعض سياسات التهميش والإقصاء والمناكفات السياسية يمارسها بعضنا لكنها لن تستمر طويلا ومن يقوم بها مطالب بإنهائها عاجلا لأنه يعلم جيدا أن أي حركة استفراد من أي طرف قد تهدم كل ما بنيناه منذ التوافق على المبادرة وأعتقد أنه مستوعب للعواقب ويدرك جيدا أن الوضع لا يحتمل المزيد مطلقا ولكن اذا استمر في ذلك فحينها لكل حادث حديث.
> هل صحيح أن الحوثيين يعتزمون رفع دعوى قضائية ضد اللواء علي محسن الأحمر على ذمة الحروب التي قادها في صعدة ضدهم¿ وماذا عن الاعتذار الذي طالبوا به من اللواء محسن قبل أشهر..¿
>> هذا السؤال يوجه لهم ومع ذلك أعتقد أنه اعتذر شفهيا بشكل غير مباشر لكنهم في ما يبدو يريدون اعتذارا صريحا باعتباره كان يمثل نظاما سابقا وللشعب الحق في تحديد الموقف منه وقد سمعنا جميعا بأنه أعلن استعداده للمثول للقضاء في أية لحظة إذا طْلب منه ذلك وهذا تطور محسوب له إذا أثبت ذلك فعليا ومادمنا وصلنا إلى قناعة بأن نحتكم جميعا للقضاء في كل مشاكلنا فهذا انجاز كبير للربيع اليمني.
مشروع أممي
> قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ..ما الغاية المرجوة منه .. وماهي ضرورات وجوده وهل سيعالج كافة القضايا بالفعل من عام 48م حتى 2011م.. ¿
>> قانون العدالة الانتقالية أعتقد أنه موجود أصلا في قيم ديننا وأعرافنا وأخلاقنا كمجتمع عروبي وإسلامي أصيل خاصة أن ديننا يأمرنا في أكثر من مكان بإصلاح ذات البين والإصلاح بين الاخوة والتسامح والعفو عند المقدرة ومن عفا وأصلح فأجره على الله ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس…..الخ.. ألسنا أحق بالامتثال لتعاليم ديننا قبل أن تأتي مثل هذه القوانين لتذكرنا¿ لهذا لقي قانون العدالة الانتقالية تقبلاٍ واسعا من الجميع لأنه مشروع أممي متعارف في بلدان النزاعات والصراعات يتضمن تدابير عادلة تعالج ما ورثته دول النزاعات من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في فترات الصراع. وتتضمن هذه التدابير ملاحقة قضائية ولجانا لكشف الحقائق من أجل تحقيق المحاسبة والتعويض عن الضحايا حيث تقدم العدالة الانتقالية اعترافاٍ بحقوق الضحايا على اعتبار حقهم في ملاحقة المذنب قضائيا ليعرفوا الحقيقة والمطالبة بمعاقبة المرتكبين ليحصلوا على تعويضات عادلة كي يغلقوا الملفات للأبد ومثل هذا التسامح والتعويض قد يكون مضرأ بالفرد والمجتمع لأنه ربما يشجع الآخرين على التساهل في ارتكاب الانتهاكات لكن القانون الدولي لم يغفل ذلك بل يلزم الدول التي تطبقه بأن تلتزم إلى جانب التعويضات بعدم تكرار تلك الانتهاكات ويشترط إصلاح المؤسسات التي لها يد في الجريمة او كانت عاجزة عن تفاديها ولم تقم بواجبها في حماية الناس.
لهذا نحن بأمس الحاجة لمثل هذا القانون لأننا في بلد حافل بالصراعات في مراحل عديدة وجدير بنا أن ننصف المتضررين من المراحل السابقة والراهنة وننهي كل الملفات السوداء من حياتنا حتى لا نترك فرصة للرجوع إليها بين الفينة والأخرى وهنا تكمن أهميته في بلاد كاليمن وبالنسبة للفترة الزمنية التي سيشملها القانون فلا تزال محل بحث في الحكومة.
> ثمة مشاريع سياسية جديدة نشأت كأحزاب ..كيف تفسر عوامل ظهور نشأتها خاصة في الوقت الراهن…¿
>> نحن في مرحلة تشكل مدني ومن حق الجميع أن يتأطر ويعلن عن وجوده ويمارس العمل السياسي في العلن طالما أنه لا يتعارض مع المصلحة العليا للبلاد أو يعرض السلم الاجتماعي للخطر وطالما أنهم يمنيون ويتمتعون بكافة الحقوق والواجبات المتساوية وأفضل لليمنيين أن يمارسوا العمل السياسي المؤطر من أن يمارسوا العمل الفوضوي المسلح وأعتقد أن المرحلة كفيلة بفرز الغث من السمين وهي مرحلة تنافس سيتحول فيها ميزان الصراع إلى صراع برامج مثلى وتقديم مشاريع تبني ولا تهدم لكسب رضا الناس «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض»..