حافظ مصطفى
ربما تكون الدولة معذورة إذا لم تستطع علاج مواطن عادي ولكنها غير معذورة في علاج مواطن يعتل بسبب دوره الاجتماعي حيث يعرف كثير من الأطباء إن هناك أمراض المهنة إلا أن مايحدث في الواقع غريب وغير عادل في توزيع العائد المالي العام على فئات المواطنين بحسب أدائهم العام . فالمذيع والفنان بشكل عام أو الذين يعملون في الصحافة والإعلام هم أكثر الفئات إصابة بأمراض العصر كالضغط والسكر والقلب والجلطات وآلام الظهر كل ذلك يحدث بسبب المهنة التي تدفع بالمنتمي إليها إلى القلق والحذر والخوف والتردد وربما القهر والتهديد والإصابة الجسدية أو الموت العضوي والمعنوي لكننا نلاحظ أن من يسقط على فراش المرض منهم يعاني كأنه شخص عادي لم يعان من آلام مجتمعه ولم يسهر متأملا ومتألما من حال المعدمين والمقهورين وهو يعلم إن مرفقه لا توجد به موازنة خاصة بالعلاج أو سقف مالي يصرف من اجل الإنفاق على العلاج بينما نجد هذا البند موجود في مرافق إنتاجية أخرى. تظل أعمال هؤلاء باقية بعد رحيلهم بينما ينسى المجتمع الراحلين الذين لم يحترقوا من اجل قضية أو موقف أو كلمة ما يظل ظهور الفنان على الشاشة بعد رحيله الما يؤرق من يعترف بعطائهم الجليل ورحيلهم النبيل . بينما الموازنات العامة في مجلس النواب ترصد بالهبل على شؤون القبائل وتظل موازنة أمراض المهنة (صفر). ففي عدن مثلا قيل للمذيعة أمل بلجون من قبل احد الأطباء إنها ستموت بعد 6 أشهر أطال الله بعمرها إلا أنه كذب المنجمون ولو صدقوا و كان ذلك سببا في القلق فوق الم الإهمال وهي التي تزور كل البيوت بطلتها البهية وهاهي المذيعة في الإذاعة ومقدمة البرامج الحوارية والأعمال الدرامية نبيلة حمود تسقط على فراش المرض دون أن تسرع السلطة المحلية أو المركزية لعلاجها لترافقها اسطوانة الأوكسجين في مشهد اليم. ورجل من خلف الكواليس ظل لسنوات عديدة يخدم المسرح في ضبط الصوت وهندسة الإضاءة الأخ عبد الجبار سيف يسقط على فراش المرض لتغمر نصف وجهه كمامة الأكسجين وهو في داره في مشهد حزين. الإعلام والإبداع يحارب من خلال إذلال رموزه في هذا البلد يبكي الإعلامي على النازح والمصاب والمريض والسجين لكنه لا يجد من يبكي عليه إلا إعلاميا آخر وتكون بذلك شهادته مجروحة. الفنان يقف معنا بأغنية ولحن يقترب من كل شخص و يتغلغل فينا وجدانيا ويجب أن لا نتصور إن هذه العاطفة التي نحسها اداء ولحنا وكلمات انها دون جهد وطاقة تستنفد صحة المبدع ناهيك عن عدد ساعات البروفات وإعادة التسجيل وإعادة البروفات وقت وجهد وصبر مسفوح على طريق الوصول إلى الوجدان الإنساني الذي يحتاج إلى من يطبطب عليه . ألا يستحق هذا المبدع أن يطبطب عليه المجتمع حين يسقط على فراش المرض يداعب مخدعه الموت كلما انشغل عنه الناس وبالذات رجل القرار(بعيد الانتهاء من طباعة هذا المقال نقل الفنان سعيد مزماز عازف المزمار الشهير الى العناية المركزة في مستشفى الجمهورية بعدن) . لن يسقط سهوا من مقالي هذا أسماء من هم أشهر من نار على علم في مجال الإبداع والألم والمرض ولكنهم رأس جبل جليد الإهمال واللامبالاة فهل يجب على هؤلاء قطع بطاقة عضوية لدى شؤون القبائل ربما يعيشون في رعاية القبيلي أفضل من الدولة..