لكي نرجع إلى كنف الحكمة وحتى لا نتحول إلى طواغيت يتعين علينا أن نسمع وجهات نظر جميع شركائنا في الوطن وننصت إلى آرائهم بلطف وإنصاف لأن الحوار الوطني يشكل جسراٍ للتواصل بين الفرقاء ويهيئ الأرضية التي يقوم عليها وطن آمن مزدهر تشيده جهود أبنائه ويحميه حبهم ويحرسه وعيهم لا يمكن لنا أن نفهم بعضنا إلا بأن يصغي كلَ منا للآخر ويحاوره ويراجعه.. هكذا يؤكد الباحث والمفكر محمد يحيى عزان في أمسية نظمها «منارات» حول الرهان على الحكمة اليمانية في نجاح الحوار الوطني.
مشدداٍ على أن نجاح هذا النوع من الحوار يتطلب استحضار عدة مبادئ وطنية وسياسية وأخلاقية وتتمثل المبادئ الاخلاقية في مشاركة كل القادرين على اثراء الحوار وترشيده وليس الفرقاء فقط مشاركة مباشرة أو عبر قنوات تستقبل الآراء والمقترحات وماينتج عن مراكز الدراسات وتقديمها إلى طاولة الحوار مع استشعار المشاركين أنهم مجرد وكلاء للمجتمع ولا يتحاورون في شركة خاصة بهم والتعرف على ما عند الآخرين كما يرونه هم وليس كما يفسره غيرهم أو ينسب إليهم قسراٍ لأن المفترض في الحوارات يكون على أمور حاضرة لدى مختلف الأطراف يعبرون عنها بأنفسهم وليس مجرد فرضيات و مزاعم يتوقعها كل من الآخر.
ويضيف: من المبادئ الأخلاقية التي يتطلب وجودها لنجاح الحوار أيضاٍ توفر الرغبة في التوافق و الوصول إلى نتيجة إيجابية والإيمان المطلق بأن الآخرين شركاء في الوطن ووضع مسائل الخلاف في دائرة الاحتمال الذي يساوي بين الصواب والخطأ وتفريغ الحوار من الأحكام المسبقة وتغيير النوايا لما لذلك من دور سلبي يمنع الأطراف من الشعور بحرية الطرح و حشد نقاط الاتفاق أولاٍ وكل ما يوطد الأرضية المشتركة ويقرب من التفاهم وانتقاء العبارات اللطيفة واختيار الكلمة المهذبة في التخاطب والرغبة في الوصول إلى الأفضل مهما كان ومن أي طرف إلى جانب الاستعداد للتراجع عن الخطأ والانقياد للصواب الذي صنعه الجميع بحوارهم الراقي وتحديد الإطار العام للحوار على أن تكون الصدارة للقضايا الكبرى التي تحدد مسار المجتمع بأسره وعدم إلاكثار من التفاصيل التي تكمن فيها الشياطين والاستفادة من تجارب الآخرين خصوصاٍ الناجحة سواء كانت عربية أو أجنبية فالمجتمع البشري متساو في قابليته للتطوير والتحديث..
