حسين البكري
في إحدى جزر البحر المتوسط حضرت حفلاٍ وطنياٍ للحزب الحاكم أقيم على مسرح روماني قديم يقع وسط العاصمة وقد رأيت المشاركين في العرض مستمتعين بما يشاهدون وأنا أيضاٍ كنت فرحاٍ بوجودي بين الوزراء ورجال الدولة فالجميع سواسية ولهم الحق في اختيار أماكنهم مهما كانت قريبة أو ملازمة لرجال الدولة.. نعم لقد كانت الزينة مبهرة والأعلام الوطنية مرفرفة فوق الهامات وفي هذه الجزيرة لا يوجد شيء اسمه رشوة أو استغلال للمنصب ومن المستحيل رؤية الشرطي بيده سلاح أو عصا أو مواطن فرح بالفوضى فكل مواطن يحمل ثقافة اجتماعية تحترم حرية الآخر وحقه في حياة مرتاحة وآمنة.. نعم لا أحد يحتفظ بالسلاح ليهدد من يخالفه الرأي والناس يهتمون بالسياحة والسياح لزيادة دخلهم القومي لذا لا أحد يؤذي أحداٍ على وجه الخصوص «الأجانب» لأنه لم يعد بمقدور أي شعب الانزواء أو الانغلاق تحت شعار متخلف «نحن نكره الأجانب» هكذا دون سبب مقنع في زمن أصبح فيه العالم أشبه بالمدينة السياحية الصغيرة كل هذه الافكار وغيرها وقفت معي مندهشة ومبهورة وهي تشاهد «البالونات» الملونة بأيدي أطفال الجزيرة يحركونها في كل الاتجاهات وكلما اصطدمت بوجوه رجال الدولة «كنت أضع يدي على قلبي» غير أنهم يستمرون بمداعبة الصغار بهدوء ويبعدون رؤوسهم بمرح وكم اندهشت أن لا أحد حاول إبعاد طفولتهم عن المكان انما رأيت جزيرة طيبة وأهلها مسالمون متفقون على مواصلة حياتهم «حكومة ومعارضة» بسلام معاٍ في خدمة الشعب والوطن غادرت الاحتفال ومشيت أفكر وأحلم ثم وقفت في مكان مرتفع يطل على البحر وطيوره..