كانت البداية مع الطالب عز الدين محمد أبوطالب – خريج ثانوية عامة والذي حدثنا قائلاٍ: إن الطالب خريج الثانوية العامة يكون في فراغ لأنه مقيد بنتيجة الشهادة العامة وان الطالب لا بد أن يستثمر وقته في دراسة حرة كدراسة الانجليزي والكمبيوتر في المعاهد الخاصة وأنهم يطمحون إلى القيام بأي عمل للقضاء على وقت الفراغ واستثمار الوقت بوظيفة أو دراسة ويرى أن فكرة إعادة خدمة الدفاع الوطني فكرة رائعة بأن يؤدي الطالب هذه الخدمة بعد التخرج من الثانوية العامة أو أي شيء يخدم به وطنه على أكمل وجه..
وأما الطالب عادل فيصل – خريج ثانوية عامة فلم يجد شيئاٍ مفيداٍ يمكن أن يقضي به عام التوقف عن الدراسة بعد التخرج من الثانوية العامة سوى دراسة الانجليزي والكمبيوتر أو قراءة الكتب الثقافية والفكرية التي تنمي العقل وتفيد في الحياة وهو يطمح بعد انتهاء دراسة الدبلوم أن يتقدم إلى امتحان التوفل وذلك للحصول على الشهادة الدولية في اتقان اللغة الانجليزية لكي تسهل له الطريق للسفر إلى الخارج للدراسة الجامعية.
وقال انا مع فكرة إعادة خدمة الدفاع الوطني وذلك للحفاظ على الشباب من الانحراف لعدم وجود تنميات فكرية أو ثقافية أو اجتماعية لتوعية الشباب وتنميتهم تنمية صحيحة تفيدهم في مجالات الحياة المختلفة لقتل وقت فراغهم.
التربويون اعتبروا التوقف لمدة عام كامل بعد التخرج من الثانوية العامة يسبب احباطاٍ لدى الطالب كما ذكر الأستاذ عبدالله دحان الجوبي – مدير مدرسة عمر بن عبدالعزيز بمديرية بني الحارث ويضيع عاماٍ من عمر الطالب بدلاٍ من استغلاله للالتحاق بالكلية التي يرغب فيها ما يجعله يتأخر عاماٍ كاملاٍ في الشارع ويكون عرضة لتعلم سلوكيات غير سوية أو قد ينظم إلى مجموعات ارهابية أو متطرفة تغير من سلوكه وكان من الأحرى أن تستغلها الدولة في خدمة الدفاع الوطني أو في مراكز صيفية يتم تأهيل الطلاب فيها تحت اشراف وتدريب الدولة.. ويفضل المدير عبدالله أن يلتحق الطالب فور ظهور نتيجة الثانوية العامة بالجامعات أسوة ببقية الدول العربية التي تعمل بهذا النظام إذ يرى أنه لا مانع من إعادة خدمة الدفاع الوطني إذا كانت البلاد ستستفيد من هذه الخدمة وعلى المختصين دراسة هذا الموضوع وخدمة الدفاع الوطني واجبة على كل إنسان كما أنها ثقافة يتعرف منها الطالب أثناء توزيعه على مناطق ومحافظات بالجمهورية على عادات وتقاليد بلده والمناطق الجغرافية المتنوعة وهي فكرة سديدة «خدمة الدفاع الوطني» ولصالح الطالب والمجتمع اليمني.
وأضاف الجوبي: إن على المختصين في هذا الجانب أن يهيئوا الظروف المناسبة للطالب ليتعلم وأن لا يضيع سنة من عمره كان من المفترض أن يستغلها ويتم تدريب الطالب فيها سواءٍ تدريباٍ عسكرياٍ لخدمة البلاد أو التحاقه بالجهة المناسبة حسب موهبته وقدراته وأن تكون الدولة هي المختصة في تنمية وتنشئة جيل الشباب دون أن يتدخل أي طرف سياسي في تربيته وتكون هذه مسئولية الدولة إزاء جيل المستقبل الذي نطمح أن يقوم بدوره في الارتقاء بمستوى اليمن.
ويرفض الأستاذ /رشاد البخيتي – مدير مدرسة أن يتوقف الطالب عن الدراسة لمدة عام لأنه يخلق الملل والكسل لدى هذا الطالب وعدم الاستفادة من التحصيل العلمي والوقت والأجدر أن تقيم الجهات المختصة دورات تدريبية أو صيفية حتى يستفيد منها الطلاب وحتى يكون العام كله دراسة وتلهْفاٍ للجامعة ويستقر الطالب كي يستحق الشكر والتقدير مع خدمة الدفاع الوطني لأنها واجب وطني هام فهي تغرس في نفوس الطلاب معنى حب الوطن وتنمية مشاعر الانتماء لهذا الوطن والدفاع عنه وأيضاٍ تجعل المرء يشعر بأنه الإنسان الذي يستحق الاحترام والتقدير لأنها تخلق الثقة والصلابة.
ويقول البخيتي: يأتي هنا دور وزارة التربية والتعليم لتعمل على خلق هذه المثْل والقيم والاخلاق وكيفية تعلم حب الوطن والدفاع عنه وتسهيل وتذليل المصاعب أمام الشريحة الهامة من الشباب والاستفادة من العطل الصيفية
وأشار الأستاذ يحيى حطروم: مدير عام شعبه المناهج والتوزيع بمكتب التربية محافظة صنعاء: إلى أنه في السابق كان هناك قرار مايسمى بالخدمة الإلزامية سواء بالتجنيد أوالتدريس الإلزامي ولكن بعد فترة أْلغي هذا القرار ولم تصل أي توجيهات إلى مكاتب التربية بشكل عام بما يخص خريجي الثانوية العامة ومن ثم بدأ الطالب خريج الثانوية يتأخر سنة بعد التخرج وبالتأكيد ليس هذا من مصلحة الطالب وعلى الرغم من أن هناك أسراٍ مثقفة تستغل هذه الفترة بتسجيل أبنائها في معاهد للتقوية إلا أن هذا الوضع يؤخر الطالب سنة دون دراسة ونحن هنا نشكو حرصاٍ منا ومن أولياء الأمور أن لا يتأخر أبناؤهم في التعليم وأن يواصلوا التعليم بعد الثانوية مباشرة بالالتحاق بالجامعة سواء للذكور أو الاناث.
ويوجه كلمة كتربوي وولي أمر بأنه لابد أن يتعلم الطالب أو الطالبة بعد الانتهاء من الثانوية العامة وأن على السلطات أو من يرجع إليهم القرار بأن يوافقوا للطلاب بعد التخرج من الثانوية العامة وأن يواصلوا دراستهم الجامعية وكذلك على من يهمه الأمر سواء الحكومة أو وزارة التربية والتعليم على أن لا يكون هناك فوارق بين المعدلات أو الدرجات للطلاب لاتاحة الفرصة ولابد من تحديد النسب للمعاهد وكذلك الجامعات ليتم احتواء البطالة لأننا نحتاج لخبراتهم التي تعلموها ويتعلمونها وفي الأخير الطالب هو جزء من البلد وليس معنى أنه إذا لم يأت بمعدل عال لا نهتم به بل لابد من أن نصلحه ونبعده عن البطالة والضياع.
بالمقابل يرى الباحث الاجتماعي الأستاذ عبدالله يحيى العلفي – مدير وحدة التنمية في المركز اليمني للدراسات الاجتماعية ومدير الدراسات والتدريب في مركز منارات أنه لا يتسنى تحديد الأضرار المترتبة على الغاء الخدمة دون بدائل فخدمة الدفاع الوطني كانت مرحلة هامة من مراحل نمو المواطن اليمني إذ كانت تساهم بشكل مباشر في احتواء الشباب من مختلف المحافظات لإعادة بنائهم اجتماعياٍ وثقافياٍ وجسدياٍ بما يعزز مشاعر الوفاء والولاء الوطنيين وينمي الوعي بالدور الأخلاقي لكل مواطن تجاه وطنه من خلال وضع الشباب في بيئة اجتماعية وثقافية ورياضية تختلف كل الاختلاف عن البيئة الأسرية والطبيعية وما يحيط بها من فعاليات اجتماعية وثقافية كالمدرسة وجماعة الأصدقاء والمنظمات المتطرفة بمختلف أشكالها.. إلخ والتي ينشأ المرء في ظلالها منذ الولادة ويكتسب منها عاداته وتقاليده وثقافته وبشكل مجزأ يمكن تحديد أهمية خدمة الدفاع الوطني في النقاط التالية:
– فترة خدمة الدفاع الوطني كانت قبل الالغاء تساعد على إذابة القيم العصبية القبلية والمناطقية والطبقية الموروثة من العشيرة والقبيلة والعائلة والعادات الاجتماعية السلبية وتعمل على تكريس قيم الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات ومشاعر المحبة النابعة من الولاء للوطن كونها كانت تستقبل الشباب من مختلف المحافظات والقبائل والعشائر والطبقات الاجتماعية والاقتصادية وتضعهم في معسكر واحد لتهيئ لهم بيئة موحدة وتخضعهم لبرامج مكثفة دون تمييز مما يؤدي إلى تنمية مشاعر المساواة والتسامح والتعايش في ما بينهم رغم التباينات الشاسعة من حيث الانتماء القبلي والوضع الاقتصادي والعادات والتقاليد.. إلخ وقد أدى إلغاء خدمة الدفاع الوطني لتعريض الشباب لمخاطر جمة خاصة في ظل انشغال المؤسسات «التعليمية والإعلامية والثقافية» الوطنية في برامج تحقق أهدافاٍ حزبية ضيقة بعيدة عن هموم ومشكلات اليافعين والشباب وأولويات احتياجاتهم التربوية والثقافية ومن ابرز المخاطر التي تعرض لها الشباب في ظل غياب خدمة الدفاع الوطني تنامي قيم المناطقية الضيقة وتفاقم مشاعر الكراهية الجغرافية بين الجنوب والشمال التي وصلت إلى درجة انخراط الشباب في مشاريع تدعو إلى تمزيق الوحدة الوطنية كما أصبح الشباب فريسة سهلة للقوى الدينية الإرهابية العالمية التي استطاعت استغلال غياب خدمة الدفاع الوطني وحالة الفراغ الذي يخيم على الشباب لاستقطاب أعداد غير قليلة والعمل على تجنيدهم فكرياٍ ونفسياٍ وعسكرياٍ لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الوطنية والإقليمية والدولية حتى أصبحت اليمن مرتعا واسعا للجماعات الإرهابية العالمية المتطرفة ناهيك عن أن القوى الدينية استخدمت الشباب في صراعاتها الطائفية داخل اليمن كما برز في صعدة الصراع الطائفي العنيف بين السلفيين والحوثيين.
ويضيف العلفي: لقد شكلت خدمة الدفاع الوطني رافداٍ تنموياٍ كبيرا للدولة فالخدمة الوطنية تدفع الشباب للعمل الوطني الإجباري غير المأجور وفي السابق كانت الخدمة الإجبارية للشباب موجهة في حدود مؤسسات الأمن والجيش والتعليم وكان ينبغي أن تتطور فلسفة الخدمة لتشمل كافة المجالات بحسب القدرات والمهارات والملكات التي يمتلكها كل فرد بحيث لا يستثنى من الخدمة أحد بما في ذلك الفتيات والمعاقون «إذ بإمكانهم أن يشغلوا وظائف تناسب قدراتهم الفسيولوجية والاجتماعية والفنية في إطار تنفيذ الخدمة الوطنية» ومن خلال خدمة الدفاع الوطني استفاد الشباب باكتساب مهارات فنية رغم انحسارها في مجالات الدفاع والأمن والتدريس فقط وكان بإمكان اللاحقين أن يستفيدوا أكثر لو تطورات فلسفة خدمة الدفاع الوطني بالشكل الذي تتسع فيه مجالات الخدمة لتستوعب أعداداٍ كبيرة من الشباب بما في ذلك الفتيات والمعاقون بدلا من إلغاء الخدمة نهائيا.
لقد خسر الوطن بقرار إلغاء الخدمة مورداٍ بشرياٍ تنموياٍ هاماٍ كما حرم الشباب من فرصة تنموية هامة كان يمكن أن تطور مهاراتهم الفكرية والفنية لو استمرت فضلا عن أن الشباب بسبب إلغاء الخدمة وعدم توفر البديل الذي يشغلهم بعد إنهاء الثانوية العامة وقعوا تحت تأثير عوامل محفزة لارتكاب الجريمة في ظل ظروف اقتصادية صعبة ساهمت في نمو البطالة وتضخم مشاعر النقمة من الوطن ومؤسساته وموارده والتمرد على قوانين وأنظمة الدولة.
بالإضافة إلى ما سبق فإن خدمة الدفاع الوطني كان ينبغي أن تمثل أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية لبناء الإنسان السليم جسديا وثقافيا جسديا من خلال برامج تدريبية رياضية مكثفة يخضع لها الشباب خلال فترة الخدمة تقوي اجسامهم وترفع من مستوى صحتهم بما يتناسب مع القدرات الصحية والميول الرياضية لكل فرد وثقافيا من خلال برامج دينية وفكرية وأدبية مكثفة تعمق الولاء الوطني وتنمي الوعي للعمل من أجل المصلحة العامة كالمبادرة في تحسين نظافة الشوارع وزراعة الأشجار وحماية المؤسسات العامة والممتلكات الوطنية من العبث وتجفيف اللامبالاة والاتكالية والسلبية التي تغمر معظم الشباب نتيجة تدني الوعي الوطني وقد أدى إلغاء خدمة الدفاع وغياب البدائل الموضوعية إلى استسلام الشباب لإدمان القات والتدخين وبالتالي إضعافهم صحيا بالإضافة إلى مضاعفة الأعباء الاقتصادية على الأسرة التي إما أن تكون ملزمة بتوفير القات والدخان لأبنائها إذا ما أدمن الأبناء عليها أو يكون الشباب فريسة سهلة للوقوع في ممارسة الجريمة.
وعما إذا كان هناك نسبة كبيرة من خريجي الثانوية العامة تتجه إلى سوق العمل أثناء فترة التوقف وهل يؤثر ذلك على عزيمة الطالب في مواصلة الدراسات الجامعية في ما بعد قال العلفي: لا أعتقد أن كل من يلتحق بسوق العمل تضعف همته لمواصلة التعليم العالي ثمة شباب بأعداد كبيرة يعملون لينفقوا على تكاليف التعليم الجامعي وهم متفوقون في تعليمهم وهم ناجحون في أعمالهم ومع ذلك حتى لو لم يواصلوا التعليم العمل في حد ذاته يعتبر ميداناٍ خصباٍ للتعليم الفني والمهني وعلى الدولة أن توفر نظاماٍ للتعليم الفني يستوعب الشباب في سوق العمل بهدف تنمية قدراتهم الفنية التي اكتسبوها من خلال التجربة العملية.
وأكد الباحث الاجتماعي أنه ليس من العدل أن يتوقف الفقراء عن التعليم عاماٍ كاملاٍ بينما دفعتهم من الميسورين يلتحقون بالجامعات الخاصة لأن ذلك يولد شعوراٍ بالتمييز لدى الخريجين غير المقتدرين ماديا ويجعلهم ناقمين على المقتدرين ماديا وعلى وزارة التعليم العالي توحيد قوانين القبول في الجامعات فما يطبق في الجامعات الحكومية ينبغي أن يطبق في الجامعات الخاصة باستثناء نسب القبول ومع ذلك حتى لو لم يقبل الشباب الميسورون في الجامعات الخاصة خلال السنة الأولى بعد التخرج ثمة فرص عديدة أمامهم مقارنة بالشباب من ذوي الدخل المتوسط والمتدني كالالتحاق بمعاهد اللغة الانجليزية المتطورة أو معاهد التنمية الذاتية أو حتى السفر للدراسة في الخارج وكلها أسباب تعمق مشاعر التمييز بين الطبقات الاجتماعية وتنمي نقمة الفقراء على الاثرياء وليس هناك من حل غير النظر مرة أخرى في إعادة خدمة الدفاع الوطني وفق فلسفة جديدة تستوعب جميع الشباب ذكوراٍ وإناثاٍ دون استثناء «إلا من كان معاقاٍ عقلياٍ» لخدمة الوطن ليس في الجيش والأمن والتعليم فحسب بل في كافة المجالات وبحسب قدرات ومهارات كل فرد..