التسليم بإرادة الحياة والموت شيء محتوم لكن أن يتعزز هذا التسليم بفواجع تثير القلق للإنسان حياٍ وميتاٍ فذلك مصدر الأسى الحقيقي في ما آل إليه الحال وماصار يعانيه الواحد منا من مصير مجهول .. في رحيل الزميل الأستاذ محمد العصار رئيس تحرير مجلة «معين» ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا مما آل إليه وضع لا يعترف بانتسابك إلى قاموس الإنسانية أو يسمح بفتح بصيص أمل حتى في ألم الشدائد والكربات المحدقة بالحياة.
.. هذه الصورة تتجسد واقعاٍ متلازماٍ مع مهنة تتوقد فيها روحك بين المتاعب والارهاق والتفكير وتسلبك أحلى لحظات العمر دون أن تشعر أو هكذا فتظل على هذا المنوال سنúينِ وأعواماٍ في وظيفتك العتيقة محطماٍ ذاتك بين هموم شتى حتى موعد تسليم الروح لباريها.
الزميل العصار هذا القلم المتوقد والفكر المتوهج دوماٍ لم تسعفه سني خدماته في مهنة استراق العمر من امتلاك أي رصيد يساند معركته مع الموت أو يخفف من التدهور المفاجئ لوضعه الصحي «وكأنك يابو زيد ما غزيت». ومواجهة الوجه القبيح للظروف وتعليلات التقصير من زملاء مهنة ومؤسسة اعتلاها «الطفر» وجهات ووجاهات توارت جميعها خلف الكواليس.. ثم مالبثت أن ظهرت فجأة وعلى استحياء في بيانات النعي وبرقيات الوداع الأخير.
رحيل هذا الزميل بهذا الحال وعلى تلك الطريقة عنوان لمانشت بالبنط الكبير جداٍ مضمونه «إبك على حالك» في بلاد لاوجود فيها لما يحفظ كرامتك الانسانية من شر الامتهان حياٍ أو عند المرض أو حتى وإن صرت جثة هامدة..
عادل خاتم