تقرير/عبده حسين
alakoa777@hotmail.com
يمثل قانون العدالة الانتقالية إضافة تشريعية تسهم في إرساء ثقافة التسامح ونبذ الفرقة والسعي نحو بناء مجتمع مدني متصالح مع ذاته يصبو إلى صياغة لبنات إنسانية لعدالة المستقبل من خلال التفاعل مع أخطاء الماضي إلا أن هناك اختلافات في وجهات النظر بين الأحزاب والشباب حول كيفية صياغة القانون وتمريره وصولاٍ إلى المصادقة عليه بالاستفادة من تجارب عدة دول مع مراعاة الخصوصية اليمنية بما يخدم العدالة الانتقالية والسلم الاجتماعي في اليمن.. فإلى التفاصيل:
مواجهة الماضي
« العدالة الانتقالية ليست سلاماٍ كاملاٍ بل هي سلام منقوص كما أنها نوع من التسوية السياسية وليس التسوية الجنائية» هكذا يؤكد مراد ظافر ـ نائب مدير المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية في مداخلة له في الورشة التي أقامها المعهد بالتعاون مع وزارة الشؤون القانونية لمناقشة مسودة قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لمعرفة وجهات نظر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في اليمن حول العدالة الانتقالية والمصالحة واستعراض تجاربها في عدد من الدول العربية والافريقية والآسيوية.
موضحاٍ أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء يكمن في كيفية مواجهة الماضي والانقسام من أجل الوصول إلى السلم الاجتماعي وكيفية التفاعل مع الماضي والتهيئة للدخول في حوار جاد وواسع بكل شجاعة لاستشراف المستقبل.
غير دستورية
أما عبدالرشيد عبدالحفيظ ممثل التنظيم الوحدوي الناصري فقال في استعراضه للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا أن العدالة الانتقالية غير دستورية بمقتضى الآلية التنفيذية التي جاءت بالقانون مطالباٍ المحكمة الدستورية أن تحكم بعدم دستورية المسودة مؤكداٍ الحاجة إلى مراجعة حقيقية لمسودة قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
معايير عصرية
وتضمنت رؤية ملتقى قوى الحداثة حول العدالة الانتقالية إجراء حوار وطني يضمن مشاركة فاعلة لجميع القوى دون استثناء وتوفير معايير حقوقية وقانونية وإنسانية لإحداث تغييرات مؤسسية حقيقية تساعد على إحداث انتقال ديمقراطي يحقق السلم والاستقرار والتنمية والإقلاع عن ممارسة سياسة الفساد والانتقام والاقصاء الوظيفي وحل المشكلات الناجمة عن ممارسة سياسة الإيذاء المادي والمعنوي والنظر في قضايا كل من تعرضوا لأعمال العنف والانتهاك والتعذيب والكشف عن الملابسات والظروف المحيطة بالمخفيين قسرياٍ وكل من كانوا مواضيع للمعاناة إبان مراحل الصراعات السياسية السابقة وتعويضهم على نحو عادل بما يؤدي إلى تعزيز واستعادة الثقة بدولة العدل والنظام والقانون وضمان عدم التكرار وإيلاء أهمية خاصة وعاجلة لإطلاق نقاش وحوار واسع لصياغة دستور جديد وفق معايير وأسس عصرية تكفل وجود قضاء حر ونزيه ومستقل يجرم العنف والتمييز والاتجار بالبشر والدعوة للمصادقة على قانون المحكمة الجنائية الدولية وخلق حالة من الانسجام بين التشريعات المحلية والدولية.
قانون مصيري
وطالبت منظمات المجتمع المدني «مؤسسة شركاء المستقبل للتنمية المؤسسة التنموية الشبابية المؤسسة التنموية للشباب مركز الإشراك السياسي التابع لمؤسسة رنين اليمن» التي نقذت ورشتي عمل في صنعاء وتعز لمناقشة مسودة قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بمشاركة شباب من مختلف التكوينات الشبابية والسياسية والحزبية وشباب المجتمع المدني الحكومة بأن لا تتسرع بتقديم مشروع القانون إلى البرلمان للمصادقة عليه كونه قانوناٍ مصيرياٍ يجب أن يأخذ وقته الكافي من النقاش وتسليط الضوء على كافة مواده.
مشيرة في سياق ملاحظاتها التي رفعتها إلى وزير الشؤون القانونية إلى أنه كان من الأجدى للوزارة البدء بالنزول إلى الشارع لاستطلاع آراء الشعب ومنظمات المجتمع المدني والقيادات السياسية والاجتماعية ومراكز الدراسات والأبحاث حول ما الذي يريد الشعب تحقيقه من خلال العدالة الانتقالية أو المصالحة الوطنية وبناءٍ على ما يريده الشعب يتم صياغة المسودة ثم فتح المجال للمقترحات والملاحظات.
مشددة على أهمية هذا القانون وأهمية الإجماع عليه من كافة أطراف المجتمع لما سيمثله من إضافة تشريعية قانونية مهمة تسهم في إرساء ثقافة التسامح ونبذ الفرقة والسعي نحو بناء مجتمع مدني متصالح مع ذاته لذا فمن غير الصحيح أن تتم صياغته من الحكومة واعتماده من البرلمان في ظل عدم اعتراف قطاعات واسعة بشرعية البرلمان القائم والحكومة كذلك.
منوهة بأن الطريقة المثلى لإعطاء هذا القانون الشرعية التي يستحقها هو وضعه على طاولة مؤتمر الحوار الوطني المزمع انعقاده أواخر الشهر الجاري بمشاركة كافة أطياف المجتمع باعتبار أنه يمثل الخيار الأفضل لمناقشة مبادئ العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والاتفاق عليها ومن ثم مناقشة مسودة القانون واعتماده من قبل مؤتمر الحوار الوطني كوثيقة شرعية تمثل إجماع كافة أبناء الشعب اليمني.
برنامج متكامل
«لا بد من تطبيق العدالة الانتقالية كبرنامج متكامل في مناخ ديمقراطي ومنظومة تشريعية وبنية قضائية ومؤسسية سليمة وفي نظام ديمقراطي مدني» هذا ما أكده المشاركون في ندوة «العدالة الانتقالية وتحديات المرحلة المقبلة في اليمن» التي أقامتها منظمة تمكين للتنمية ومركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان.
داعين إلى استمرار نشاط المنظمات المدنية والنشاط حتى تتحقق العدالة الانتقالية بصورة كاملة والانتباه حتى لا يمرر مشروع القانون أو إجراءاته أو استخدامه في إطار مصالح سياسية كما أنه مشروع قانون لإنشاء هيئة المصالحة وليس للعدالة الانتقالية.
مشددين على أن من أولى مراحل العدالة الانتقالية الاعتراف بالمظالم والقهر والانتهاكات والمخالفات من قبل مرتكبيها وتحديدهم وأداء الواجب الأخلاقي بالاعتراف ومواجهة الماضي بنشر الوعي عن العدالة الانتقالية ومعالجة القصور في التوعية الإعلامية حول العدالة الانتقالية وعدم الخلط بين العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وتشكيل لجان لتقصي الحقائق عبر حوارات وتوافق من الجميع وليس من خلال القرارات والتعويض وجبر الضرر ودراسة وتعديل القوانين والتشريعات التي تتعارض مع قانون العدالة الانتقالية والنظر إلى التحديات التي تواجه المرحلة ضمن مسار يتعامل معها بجدية وإشراك منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية المعنية في الخطوات والإجراءات العملية المتعلقة بالعدالة الانتقالية والقيام بالإصلاحات المؤسسية.
لبنات المستقبل
ويرتبط مفهوم العدالة الانتقالية بالعديد من الدول التي خاضت تجارب انتقالية في الآونة الأخيرة وحرصت على أن تصيغ من أخطاء الماضي لبنات إنسانية لعدالة المستقبل وقد تعددت وتنوعت تجارب العدالة الانتقالية في أكثر من 30 دولة باختلاف تجربة وثقافة وحيوية المجتمع المدني في ما بينها. وتقتضي العدالة الانتقالية من كافة فرقاء العمل السياسي على الساحة الوطنية اليمنية ضرورة الاعتراف بالأخطاء المرتكبة أياٍ كانت كمدخل حقيقي لتحقيق التسامح السياسي والقبول بالآخر في إطار الدولة المدنية اليمنية الحديثة والمنشودة.
تطبيق فعلي
هذا وتجرى حوارات ونقاشات مصغرة يتخللها اختلافات واضحة في وجهات النظر في إطار التهيئة للمصالحة الوطنية والولوج في التطبيق الفعلي للمرحلة الثانية من المبادرة الخليجية التي يتصدر أولوياتها عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي ستوضع على طاولته مشكلات اليمنيين المتأزمة..