عزيزي القارئ.. أحدثك اليوم عن مدينتي.. مسقط رأسي ومنبع إحساسي ومجمع حواسي..
أحدثك عن عدن.. المدينة المفتوحة على كل العواطف والمشاعر والأحاسيس والخواطر..
إنها تفتح مفاصل قدرتك على التأمل والإبداع والسهر.. والحب أيضاٍ..
وإذا رغبت في القراءة فلا أروع من كتاب عدن..
وإذا رغبت في الكتابة فلا أوسع من قاموسها..
وإذا رغبت في الكلام.. فالصمت أنبل في حضرتها!!
عدن لا تسألك: من أنت¿..
أو: من أين أنت¿..
إنها تسألك فقط: كيف أنت¿
فإذا كنت حزيناٍ تدغدغك حتى تتفجِر فرحاٍ وبهجة.. وإذا كنت جائعاٍ أو عطشاناٍ فإنها تطعمك من ثدييها وتسقيك من شفتيها.. أما إذا كنت تشعر بالبرودة فإنها تضعك بين أهدابها حيث منبع الدفء كله..
وأنت في عدن لستِ غريباٍ البتة..
لست يتيماٍ على الاطلاق.. ولست زائراٍ عابراٍ.. لأنك إذا غادرتها تظل رائحتك على جسدها مدى العمر وتظل رائحتها في ذاكرتك عصية على النسيان..
لأن عدن عاشقة من الطراز الأول ومعشوقة من المقام الرفيع.. بل الحق أن عدن هي العشق ذاته!
وفي كل عيد يتدفق على عدن ملايين من خارجها.. ملايين جاؤوها من مختلف مناطق اليمن ودول الخليج وغيرها..
غير أنك لن تشعر بالزحمة قط برغم أن المدينة صغيرة طرقاتها ضيقة شوارعها محدودة ومنشآتها السياحية قليلة.. والسبب أن شواطئ عدن تمتص أية ملايين وكأنها عشرات.. وبحرها يحتضن كل بشر الكون وكل مشاعر البشر بقدرة سحرية تبعث على الدهشة مثلما تبعث على الارتياح..
وفي عدن تستطيع أن ترمي جواز سفرك وبطاقتك الشخصية أو الحزبية ولهجتك ومهجتك في قاع البحر..
لأنك حينها تستطيع- وبكل بساطة – أن تحصل على هوية جديدة موحدة اسمها عدن.. كما تستطيع التحدث بلغة أو لهجة جديدة موحدة لا تتكلم لغة الحروف إنما لغة القلوب!. إن عدن عصِية على الإرهاب.. عصِية على التطرف.. عصية على شذوذ الفكر والضمير..
وما محاولات خفافيش الظلام لتطويع عدن سوى حشرجة موت.. فهذه المدينة ظلت مقبرة لكل النوايا الشريرة والأفكار الضريرة..
عدن مشروع الغد الجميل الذي لن يجهضه جيش من الزنادقة والأفاكين المتشحين باسم الدين..