أنور نعمان راجح
أسوأ أنواع العيش هو أن تعيش وسط أناس وأنت ليست في قلوبهم فحينها يكون وجودك أسوأ من عدمك تعيش معهم وأمرك لا يهمهم بشيء فلا أفراحك أفراحهم ولا أحزانهم أحزانك.
هذا الحال كثيرا ما يحدث في الواقع فنرى من يعيش خارج قلوب الناس من حوله وإن اقترب منهم أو حاول الاقتراب ولا تنفتح له قلوبهم إن جاء يطرقها وتلفظه إن كان فيها من قبل.
في الحالتين الأمر سواء ولا فرق بين مطرود من قلوب الناس وممنوع من الدخول إليها.
البقاء في مكان ما يمكن تحقيقه أو فرضه بأي شكل من أشكال القوة أو بثقالة الدم لكن البقاء في القلوب أو الدخول إليها ليس كالسيطرة على موقع عسكري أو نهب قطعة أرض لمواطن مسكين ولا يمكن السيطرة على القلوب بأساليب الترهيب أو الترغيب لا يمكن أن تسيطر على قلب إنسان بالعطاء المادي لتأخذ من قلبه وإن حدث ذلك لاعتبارات خاصة أحيانا فإنها تكون مؤقتة وسرعان ما تزول تلك العلاقة لانتقاء شروط الوفاء والإخلاص في الأخذ والعطاء.
لا يمكن أن تكون المحبة بالإكراه أو بالمغالطة أو بالترويع لأن قانون البقاء في القلوب لا يعترف بالوجاهات والمشيخات والمشايخ.
في ما يحدث اليوم نرى أناسا يخرجون من قلوب الناس وأناسا أغلقت دونهم أبواب القلوب وإن حاولوا استمالة عواطف العامة لاستلام مفاتيح قلوبهم لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية يرون بأنها تمر عبر بوابات قلوب البشر التصرفات والأفعال والقيم والأخلاق والمبادىء الجليلة هي مفاتيح قلوب الناس وعدا ذلك لا المدرعات ولا الملايين ولا التلميع عبر وسائل الإعلام يمكنها أن تفتح قلوب الناس للقادمين إليها برغبة السيطرة والحكم كما لم تفعل ذات الشيء مع من خرجوا من القلوب من قبل مسألة البقاء في القلوب ليست إرادية ولا يمكن للاغنياء والاثرياء أن يشتروا عواطف الفقراء لشراء الولاءات والذمم ولشراء المحبة يظنون أنهم قد فعلوا ذلك فيما الطرف الآخر وإن قبل بأخذ شيء تحت مبرر سوء الظروف فإنه يأخذ بقصد الاستفادة لأنه يعلم بأن المعطي من جيبه يسعى ليأخذ من القلب وهي أسوأ حالة مقايضة وأكثرها بشاعة والدليل هو أن الوفاء والإخلاص للواهب من جيبه لا يتحقق وفي أول محطة اختبار يكتشف أنه بلا أنصار وبلا أحباب وأن الذين أعطى لهم لم يفتحوا قلوبهم أمامه للإقامة الدائمة.
ربما صارت عملية شراء القلوب سياسة يمارسها البعض وثمة من يمارسها اليوم في محاولة للدخول إلى القلوب وسوف تبوء كل هذه المحاولات بالفشل مثل غيرها..