في الوقت الذي تتزايد فيها ظاهرة »ثورة المؤسسات« والمطالب المترافقة معها بضرورة قلع الفاسدين ومحاسبتهم نجد أن الجهات المعنية بالرقابة ومكافحة الفساد وحماية المال العام لم تحرك ساكنا حتى الآن ولم تكلف نفسها التحرك للمتابعة والتحري في ما يجري من حراك وغليان داخل هذه المؤسسات مع أن المؤكد أنه لو كانت هذه الجهات قد أدت وظيفتها على أكمل وجه لما وصل الحال بهذه المؤسسات إلى ما هي عليه لأن الشاهد في الموضوع لم يقتصر على احتجاج واضراب واعتصام في مؤسسة أو مؤسستين بل يكاد يشمل الجهاز الإداري للدولة المكون من الهيئات والمؤسسات والمصالح والشركات في حالة فورة وثورة ضد ما يجري من فساد وتعسف واقصاء وهضم للحقوق الأمر الذي يضع أكثر من علامة استفهام حول أداء تلك الأجهزة الرقابية خلال الفترة الماضية وأين ذهبت كل تلك الموازين التي تعد بالمليارات وتم رصدها لتحسين جودة الأداء في تلك الأجهزة والجهات.
في الواقع نحن بحاجة إلى ثورة جديدة من نوع آخر تعيد الحياة لتلك الأجهزة وتجعلها أكثر فاعلية ومسؤولية في أداء واجباتها حتى يشعر الموظف وقبل ذلك مرؤوسوه بأن هناك من يتحرى ويراقب ويحاسب ويسائل لأنه بدون ذلك سيظل الحال »محلك سر« ولن تستطيع كل قيم النزاهة والمساءلة التي يتم استهلاكها اليوم في ورش تدريب وفعاليات ومهرجانات أن تحد من الفساد ما لم تكن مشفوعة ومدفوعة بمنظومة قانونية رادعة تستند إلى جهات وأجهزة قادرة على أداء مهامها بالشكل المطلوب والفعال فهل سنشهد دوراٍ مؤثراٍ وفاعلاٍ لهذه الأجهزة على تعددها وتنوعها فتغدو ذات حضور نوعي كما هي حاضرة كماٍ..
سمير الفقيه