كتب/ أحمد المالكي
أكد خبراء اقتصاد أن هناك عدة مهام يجب على الحكومة إنجازها أبرزها إعادة الأمن والاستقرار السياسي وعودة الخدمات العامة وفي مقدمتها الكهرباء وكذلك توفير المشتقات النفطية بصورة دائمة وتطبيق النظام والقانون على الجميع باعتبار كل ذلك منطلقاٍ أساسياٍ بحيث لا يكون الحديث عن القضايا الاقتصادية أو تنشيط القضايا الاقتصادية كالاستثمار في ظل انعدام الأمن والاستقرار وعدم توفر مصادر الطاقة معبرين عن مخاوفهم من تركيز البرنامج على الجانب السياسي وإهمال الجانب الاقتصادي والإنساني..
وشدد الخبراء الاقتصاديون على ضرورة أن تنصب مهمة الحكومة في هذه الجوانب للحد من التدهور الشديد الذي حدث في المؤشرات الاقتصادية وانعكس على الجوانب الاجتماعية من خلال تزايد معدلات الفقر والبطالة بحيث يتم إعادة المسرحين من العمال إلى المصانع وإعادة تنشيط الحرف وتشغيل الورش والمعامل التي توقفت نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم توافر المشتقات النفطية.
وأشاروا إلى أن الجوانب الاقتصادية في البرنامج طموحة شأنه شأن أي برنامج طموح كزيادة الطاقة التوليدية للكهرباء وانتهاج سياسات اقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية وأن ذلك لن يتأتى إلا بعد أن يتحقق الأمن والاستقرار وإعادة النشاط الاقتصادي..
مشيرين إلى أن القضية الملحة التي لم تلمس في برنامج الحكومة هي القضية الإنسانية باعتبار أن الناس يشعرون بخطورة الأوضاع الراهنة التي بلغت حداٍ من الانهيار وهناك مخاوف من الانهيار وهو تدهور المؤشرات الاقتصادية من حيث معدل النمو الاقتصادي الذي تراجع هذا العام إلى ما بين 25 -30% بمعنى أن ربع الإنتاج المحلي أو ثلثه تراجع وهذا يمثل خسارة على الاقتصاد اليمني وعبر الخبراء عن مخاوفهم من أن يتم التركيز على الجانب السياسي وإهمال الجانب الاقتصادي والجانب الإنساني الذي غاب عن البرنامج في حين أن الأزمة تحولت من أزمة سياسية إلى أزمة اقتصادية ثم تحولت إلى أزمة إنسانية تتمثل في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة نتيجة توقف الأنشطة الاقتصادية والأوضاع الإنسانية في بعض المحافظات كمحافظتي صعدة وأبين كما أن حوالي 75% من المجتمع اليمني يعتمدون اعتماداٍ كبيراٍ على الاقتصاد الزراعي والسمكي بصورة أساسية ونتيجة انعدام المشتقات النفطية تأثر تأثراٍ كبيراٍ سواء كان بسبب تراجع الإنتاج أو الاضرار التي أصابت بعض المحاصيل الزراعية وقال الخبراء أنه برغم أن ما ورد في البرنامج عبارة عن كلام عام لكنه من الممكن الآن تحويل هذا البرنامج إلى مصفوفة مزمنة وإلى سياسات وإجراءات محددة.
إطار قانوني
وتحديد الجهات المسؤولة إضافة إلى تحديد برنامج زمني تفصيلي بأهداف ومؤشرات كمية يمكن القياس عليها والبرنامج تحدث عن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ولم يتم ترجمة مفهوم هذه الشراكة إلى إطار قانوني وتنظيم مؤسسي واضح وإنما ظل مفهوماٍ مطاطياٍ وأن المهمة الأساسية للحكومة الحالية في الجانب الاقتصادي تتمثل في أمرين أساسيين هما استعادة النشاط الاقتصادي بعد تحقيق الأمن والاستقرار وثانياٍ خلق توافق وطني حول الرؤية الاقتصادية للمجتمع اليمني خلال المرحلة القادمة..
مشيرين إلى أنه لم يتم إلى الآن تحديد دور الدولة في النشاط الاقتصادي وما هو دور القطاع الخاص والمجالات التي يمكن أن يضطلع بها القطاع الخاص وكذلك عدم تحديد مفهوم العدالة الاجتماعية وكيف يمكن تحقيق هذه العدالة كون العدالة الاجتماعية لا تقتصر فقط على توفير فرص العمل وإنما على عمليات توزيع المناصب وتوزيع الثروة بناءٍ على أسس الكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذه قضايا مهمة ما زال هناك اختلاف حولها.. ولفت الخبراء إلى أن جزءاٍ من المشكلة التي حدثت في الوطن العربي عامة وفي اليمن خاصة كان بسبب برامج الإصلاح الاقتصادي التي تم تنفيذها تحت إشراف الهيئات والمنظمات الدولية والتي كانت أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر..
وتم لجم الدولة أو تدخلها في النشاط الاقتصادي وفي الجوانب الاجتماعية والمجالات الإنتاجية لصالح القطاع الخاص في اليمن في الوقت الذي لا تتوافر فيه للقطاع الخاص اليمني نفسه المقومات الأساسية لتحمل هذه المسؤولية..
منظومة متكاملة
فيما أكد عدد من المهتمين والمتابعين للبرنامج أن حكومة الوفاق هي منظومة تنفيذية متكاملة تجسد طموحات الوطن والمواطن دون النظر إلى الانتماءات السياسية باعتبار أن أعضاءها يتحملون مسؤولية النهوض بالمرحلة القادمة والخروج من الأزمة السياسية الراهنة عبر صنع قرارات جماعية تخدم الأهداف الوطنية وتطبيع الحياة العامة إضافة إلى وضع برنامج زمني لإعادة بناء وإعمار ما خلفته الأزمة السياسية وتعويض المواطنين الذين دمرت منازلهم في أمانة العاصمة وبقية محافظات الجمهورية وإعادة الخدمات العامة إلى سابق عهدها وحثوا على ضرورة التجاوب مع مطالب الشباب الحقوقية ووضع آلية للحوار الفاعل مع الشباب بعيداٍ عن المزايدات والنفاق السياسي وتبني برامج وطنية بعيداٍ عن المناطقية والمذهبية للقضاء على الممارسات السيئة والأفكار التي تخدم المتربصين بهذاالوطن.
إعادة دراسة
فيما انتقد عدد من الاقتصاديين والمهتمين برنامج الحكومة خصوصاٍ في ما يتعلق بالأسعار وعلى رأسها المشتقات النفطية حيث قالوا أن حكومة الوفاق الوطني تخيب آمال الكثير من أبناء الشعب اليمني الذي أنهكته الظروف المعيشية الصعبة وكادت أن تقضي عليه خاصة وأن البرنامج الحكومي جاء ليؤكد عزم الحكومة على إعادة دراسة أسعار المشتقات النفطية وهذا يعني عدم إعادتها إلى ما كانت عليه بل إن نص البرنامج يوحي بأن أسعار المشتقات النفطية لن تعود إلى ما كانت عليه وتم تبرير ذلك بعدم السماح للمهربين بالاستفادة من الدعم الحكومي وهي نفس مبررات حكومة مجور في ما سبق..
وقالوا: إن حكومة الوفاق تمضي في برنامجها نحو رفع الدعم نهائياٍ عن أسعار المشتقات النفطية حيث جاء النص في الفقرة كما يلي: حل أزمة المشتقات النفطية وضمان توفيرها بأسعار عادلة بحيث لا يسمح للمهربين الاستمرار في الاستفادة من الدعم الحكومي والملاحظ أن هناك فقرة أخرى تقول إعادة النظر في نفقات دعم المشتقات النفطية من خلال إعداد آلية لتوجيه هذه النفقات نحو الفئات المستهدفة ويضيف الاقتصاديون في ما يتعلق بالجوانب والقضايا الاقتصادية الأخرى أن البرنامج أكتفى بإيراد خطوط عامة للسياسة الاقتصادية لا تختلف كثيراٍ عن البرامج الحكومية السابقة..
وقالوا: إن حكومة الوفاق لم تأت بجديد في ما يخص التعاون الدولي حيث تظل الاتكالية والاعتماد على المساعدات هي الوسيلة الوحيدة للحكومات المتعاقبة وإن كان هذا في ما قبل سبباٍ في انتقاد الحكومات السابقة التي غاب عنها الابتكار والإبداع في ترجمة الخطط للنهوض بالواقع الاقتصادي وتنمية الموارد وكانت المعارضة تنتقد بشدة تلك السياسات التي اعتمدتها الحكومات السابقة إلا أنها ومن خلال برنامج حكومة الوفاق تعيد إنتاج نفس السياسات وإن كان بألفاظ ومصطلحات مختلفة حيث ستسعى الحكومة إلى إقناع الدول الشقيقة والصديقة بإنشاء صندوق دولي خاص باليمن تكون مهمته تمويل المشاريع ذات الأولوية بالنسبة للتنمية القطاعية على مستوى المحافظات والتعاقد مع الشركات الاستشارية لإعداد الدراسات وإجراء المناقصات واختيار الشركات المنفذة لهذه المشاريع ..
وأشاروا إلى أنه ونتيجة للحشو الزائد في البرنامج أو على ما يبدو أنه للبحث عن جديد يقدم للناس ولو كان بسيطاٍ وشكلياٍ فقد تم إضافة بعض الفقرات كتلك الفقرة التي تنص على تعاون القطاع الخاص الوطني من أجل الارتقاء بالمدن من حيث المظهر والشكل الجمالي إلى المستوى اللائق بها وقالوا: إن هذا النص لا يعبر إلا عن حكومات دائمة في بلدان مستقرة لا حكومة إنقاذ وفي مرحلة انتقالية وكأننا قد أنجزنا مهام التأسيس حتى نتحدث عن تنظيف الشوارع وطلاء المنازل وتزيين الأحياء حسب قولهم.
عدن
وأشار خبراء اقتصاد إلى أن البرنامج الحكومي تطرق إلى أهمية مدينة عدن وهو لم يغب عن برامج الحكومات السابقة إلا أن البرنامج الحالي أفسح المجال أكثر للحديث عن عدن بالقول: استغلال الأهمية الاستراتيجية لمدينة عدن كموقع جغرافي فريد وما لديها من إمكانيات اقتصادية طبيعية وبشرية تمكنها من القيام بدورها في التحول الاقتصادي لليمن وتوفير المناخ المناسب للبيئة الاستثمارية في المنطقة الحرة «عدن» ووضع برامج تفصيلية للبدء بتنفيذ برنامج الخطة الاقتصادية لعدن من خلال زيادة حركة الوافدين إلى مطار عدن الدولي وتوسعة رصيف ميناء عدن للحاويات وتنفيذ البنية التحتية للمنطقة الحرة وبناء رصيف جديد للبضائع السائبة ومرسى للسفن الخشبية بالمنطقة الحرة وتنفيذ مشروع الشركة اليمنية للتنمية السياحية وتحديث ميناء عدن والترويج للمنطقة الحرة وتشجيع إقامة المشاريع الصناعية والأعمال التجارية والخدمية فيها وفي مجال الكهرباء تعلن حكومة باسندوة عن توليد الطاقة بالفحم ويبدو أنها تناست أن الشعب لايزال يتذكر وعود توليد الطاقة الكهربائية بالطاقة النووية ثم بالرياح وكلها باءت بالفشل حيث جاء النص كالتالي: خفض فاتورة دعم المشتقات النفطية عن طريق التوسع في توليد الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي إلى الحد الأقصى بحسب توفره وإمكانية سد الفجوة للطلب المتزايد في الطاقة من خلال استخدام مادة الفحم في توليد الطاقة..