استطلاع / رجاء عاطف
” الإنسان أولا” إن ما يندرج تحت ذلك المبدأ من رغبة في احترام ذات الإنسان وحقوقه سعيا نحو توجيه جميع أفراد المجتمع و بدون أي تمييز عنصري لبناء المجتمع و تحقيق التنمية ولا يكون ذلك إلا من خلال احترام حقوق الأفراد والمجتمعات و ترسيخ هذه الحقوق داخل المجتمع من خلال التشريع و الرقابة والتطبيق العملي لتلك الحقوق .
إن العناية بالفرد و بحقوقه كفيلة بضمان انتماء و ولاء المواطن للمجتمع وللدولة و بضمان أفضل لبناء المجتمع و تحفيز وسائل العمل و التنمية الشاملة .
وكون الإعلام شريكاٍ رئيسياٍ في التوعية ونشر مبادئ حقوق الإنسان كان لزاماٍ علينا إجراء هذا الاستطلاع لمعرفة دور الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان.
إن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها مرئية كانت أو مقروءة أو مسموعة على المستوى الرسمي وغير الرسمي بدأت تهتم بقضايا حقوق الإنسان لكن هذا الاهتمام لم يصل إلى المستوى المطلوب هكذا حدثنا بشير الحزمي صحفي في صحيفة 14 أكتوبر ويضيف :
وهناك جهود تبذل في اتجاه نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها سواء على صعيد الحقوق أو الواجبات وكذلك في تسليط الضوء على أنشطة منظمات المجتمع المدني ومن الملاحظ أن هناك تقبلاٍ من الحكومة لفتح مجال التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان سواء في السجون أو إزاء بعض القضايا الحساسة فهناك طرح جديد من قبل الإعلام مع أن هناك تقصيراٍ من بعض الوسائل في ما يتعلق بالاستمرارية من وقت إلى آخر كما أن هناك بعض الأنشطة التي تنفذ من حين إلى آخر أو في شكل موسمي.
وأردف الحزمي: و لا نلحظ أن هناك اهتماماٍ مبرمجاٍ بصورة مستمرة منتظمة بهذا الجانب ونجد إصدار بعض الصحف المتخصصة في الإعلام الرسمي في هذه القضايا.
ويضيف: اعتقد ان الإعلام الحزبي والمستقل يعرضها بشكل مغاير لما هو مطلوب منه وهذا يعني أن الظروف السياسية السائدة طغت على سياسة الصحفية لتناولها قضايا حقوق الإنسان ويلحظ بان الصحيفة تعمل على غرض سياسي وليس بغرض تسليط الضوء على حقوق الإنسان ونشر هذه الثقافة في اليمن وكما ان هناك نوعا من القطيعة بين وسائل الإعلام ووزارة حقوق الإنسان المعنية بهذا الجانب والتي لابد أن يكون بينهما تواصل مستمر إضافة إلى وجود معوقات تحد من نشر هذه الثقافة كثقافة المجتمع نفسه وحقوق لا يتقبلها كحقوق المرأة والطفل.
ويضيف الحزمي: القوانين التشريعية تأتي لتفريق ممارسة الحقوق بالشكل المطلوب إلى جانب الفساد المالي والإداري وهذا له دور كبير في إعاقة نشر ثقافة حقوق الإنسان وهذه الحقوق لم تقتصر على حق معين بل إنها تشمل كل الجوانب وينبغي أن يكون المواطن العادي مدركا لحقوقه وواجباته وهنا سنحقق مجالات بهذا الشأن.
واستطرد: لابد أن تكون هناك استراتيجية وطنيه معنية بهذا على الصعيد الرسمي وغير الرسمي وكما أن لمنظمات المجتمع المدني دورها المنوط بها من الضروري ان يكون هناك شراكة حقيقية بين منظمات المجتمع المدني والإعلام وكذلك الحكومة وأيضا المنظمات الدولية لأن هذه قضايا عالمية والاهتمام بها ليس على الصعيد الوطني إنما الدولي أيضاٍ وأكثر القضايا التي تثار الآن هي قضايا حقوق الإنسان ولابد ان يكون هناك استراتيجية حتى يكون العمل منظما ووفق اطر منهجية واضحة.
استراتيجيات مستقبلية
سلمى ضيف الله مدير إدارة حالات وحدة مكافحة الاتجار بالبشر (المنظمة الدولية للهجرة) تقول : للإعلام دور مهم في التعريف بالمنظمات سواء منظمات حقوق الإنسان أو منظمات المجتمع المدني أو غيره ويفترض وجود علاقة بين هذه المنظمات ووسائل الإعلام لأنه يساعد على تنفيذ أنشطة المنظمة بشكل عام وما تقوم به من أعمال ليطلع المجتمع عليها هذا إلى جانب أن الإعلام يقوم بالتوعية ببعض القضايا الهامة التي تعمل عليها المنظمات ولولا وجود الإعلام لما كانت بعض المنظمات العاملة سواء في مجال حقوق الإنسان أو غيرها تتمكن من الوصول إلى الفئة المطلوبة أو التركيز على بعض القضايا الإنسانية.
وتضيف ضيف الله: يأتي دور المنظمة لترسيخ معنى حقوق الإنسان عبر تنفيذ العديد من الأنشطة ومنها توعية المجتمع عبر وسائل الإعلام أو عبر بناء قدرات المنظمات أو الحكومة لتعريفهم بالضبط ما هي القضايا الهامة لمكافحة الاتجار بالبشر وأشكاله وبالتالي التصدي له والتعريف بحقوق هؤلاء الضحايا وكيف يتعامل المجتمع معهم إلى جانب القيام بالعديد من الأنشطة التي تحد من الاتجار بالبشر أو الاستغلال.
وأردفت: ومن الاستراتيجيات المستقبلية التي لابد من وجودها حرية الرأي والرأي الآخر لان هناك أموراٍ لا نفع فيها الوسطية وانه يجب أن نكون صريحين وقاساة في بعض الأحيان من اجل أن تصل المعلومة والحقائق الصحيحة للمجتمع التي لابد أن يعرفها وان كانت قاسية على مجتمعنا وكذلك الالتزام بالمصداقية والذي يلعب دوراٍ كبيراٍ في تنمية وعي المجتمع لوجود بعض القضايا والأمور الشائكة والحساسة التي يجب أن نتطرق إليها
وتضيف: هناك قضايا حساسة ينكر وجودها في المجتمع اليمني وهذا لا يصح فلابد من التحلي بالمصداقية وبالحرية والمعلومة الصادقة والحقيقية لعرضها على المجتمع من أجل وضع حلول مناسبة لها فحرية الإعلام والصحافة تلعب دوراٍ كبيراٍ في توعية المجتمع بمثل هكذا قضايا.
انتهاكات
وسائل الإعلام تعاملت بايجابية مع قضايا حقوق الإنسان ولكن ليس بالشكل المطلوب هكذا يقول عبدالحميد الحجازي صحفي بصحيفة 26 سبتمبر ويضيف :
وكما انه لم يتم تسليط الضوء على بعض القضايا المتصلة بحقوق الإنسان وآدميته بحيث أن أي برنامج أو منشور صحفي يخرج برؤية واضحة يمكن الاعتماد عليها في سياسات مستقبلية للحد من هذه الظاهرة واغلب الأوقات تتخذ هذه القضايا كأسلوب مزايدات مابين صحيفة وصحيفة وكل حسب توجهه وتؤخذ من باب السبق الصحفي وإن كان على حساب حقوق الغير.
ويضيف: وكما نلاحظ أن اهتمام إعلامنا بقضايا السياسة أكثر من اهتمامه بقضايا حقوق الإنسان وإن تطرق لقضية ما يكون في مناسبة أو بعد إثارة القضية ويفترض أن يكون هناك توعية بحقوق الإنسان وتعريف الناس بها وبالانتهاكات التي تحدث لحقوق الإنسان لا بد من وجود الشفافية والمصداقية فالأولى أن تعطى هذه القضايا الإنسانية حيزا في الإعلام الرسمي بكل أشكاله.
ويضيف : لابد من التعاون الوثيق مع المراكز المختصة في كشف الانتهاكات الإنسانية التي تحصل وإعطاء الشفافية دوراٍ كبيراٍ في وسائل الإعلام الرسمي والحزبي والبعد عن المناكفات وجعل القضايا الإنسانية قضايا رأي عام تهم المجتمع بمختلف فئاته.
علاقة تكامل
من المفترض أن تكون العلاقة بين وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية علاقة تكامل هكذا تقول خديجة الجحافي ناشطة في منظمة مجتمع مدني وناشطة حقوقيه في مجال حقوق المرأة والطفل وتضيف :
إن أي منظمة تعمل لقضية معينة يجب على الإعلام أن يدعمها لتلقى التفاتة من المجتمع ليتعاطف معها ويدعمها وهذا دور الإعلام مع منظمات المجتمع المدني وربما كان هذا الدور في الماضي مهمشا نوعا ما
وبالرغم من ان منظمات حقوق الإنسان تعرف عن نفسها ودورها الإنساني من خلال الأفلام الوثائقية او البروشورات والنشرات الإذاعية خارج اليمن بشكل أكبر مما هو في الداخل إلا أنه في بلادنا ما تزال ثقافة حقوق الإنسان لا يتقبلها المجتمع لأنهم يأخذونها كوافد أجنبي وان ثقافة حقوق الإنسان تأتي من الخارج وهنا يكون دور الإعلام وسطا مابين المجتمع والمنظمات ليسهل ويقرب بين المنظمات وعملها في المجتمع ويخلق الثقة والمصداقية بينهم لكي يؤمن أفراد المجتمع بالقضايا ويتفاعلوا معها.
طغى السياسي!
إن قضايا حقوق الإنسان هي التوعية بالمسائل القانونية التي تتعلق بحقوق الفرد وماله وما عليه هكذا يقول نزار العبادي رئيس تحرير نبانيوز الإخبارية ويضيف:
المجتمع يعاني بشكل عام من ضعف في هذه الثقافة لضعف وسائل الإعلام التي دورها توصيل المعلومات إلى المتلقي وأنها الوسيلة الوحيدة لتوعية المواطن بهذه الحقوق وعندما يعي هذه الحقوق يستطيع أن يدافع عن ماله وان يتذكر ما عليه لما يقع عليه من ظلم.
وأردف العبادي : هناك أصول لفهم حقوق الإنسان لدى وسائل الإعلام نفسها ولكن تفتقر وسائل الإعلام لكثير من الثقافة الحقوقية كما أن الجانب السياسي أيضا طغى على هذه الثقافة وأصبح كل شخص يعتقد أن لديه الحق دون الآخر وبالتالي وسائل الإعلام تستطيع أن تفعل دورها عن طريق البرامج عبر القنوات الفضائية وعبر الإذاعات والصحف ومهمتنا تأتي في توصيل هذه المعلومات
ولذلك يجب أولا توعية وسائل الإعلام بالحقوق والواجبات والقوانين المطلوبة وبالجانب المهني وكيفية العمل بمهنيه وأن نكون مع الحق وليس مع الباطل والقدرة على التفريق بينهما لان الإعلام هو الوسيلة والأداة الناجعة لإيصال بعض حقوق الإنسان للمجتمع.
معوقات
وسائل الإعلام تتعامل مع قضايا حقوق الإنسان بإيجابية ولكن ليس بالشكل المطلوب بهذا تبدأ حديثها أمل الشرامي معدة ومقدمة برامج بقناة اليمن الفضائية وتضيف :
الإعلامي لديه خلفية ذاتية بسيطة عن هذه الحقوق ولكن من المؤسف أن الجانب الأكاديمي الذي يتلقاه الإعلامي على مدى تعليمه الجامعي يكون بعيداٍ عن هذه القضايا والحقوق حيث لابد من أن يتعرف عليها بشكل اكبر ليبدأ دوره في نشر ثقافة حقوق الإنسان والقدرة على توجيهها وقد تأتي المعوقات من المؤسسة الإعلامية لأن سياستها غير مهتمة بهذا الجانب.
وتؤكد بأنه لابد من أن تدرس الاستراتيجيات الخاصة بحقوق الإنسان ولابد من رسمها وتحمل مسئولية هذه الاســتراتيجيات ومن ثم يأتي دور الإعلامي بفهمها وتطبيقها وان السياسات التي حوله تساعده أن يوصل هذه الرسالة والفكرة وكذلك أن يتــــعاون أخصــائيـــــون في هذه المجــالات مع الإعلامــيين وتخـصيص برامج توعية سلسة..