أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين ان حكومة الوفاق الوطني ستواجه عددا من التحديات على المديين القريب والبعيد حتى تتمكن من إعادة النشاط الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة السياسية التي مرت بها اليمن خلال العشرة الأشهر الماضية..
مطالبين بضرورة الإسراع في تخفيف أسعار النفط وإعادة الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرها إلى ما كانت عليه والعمل بروح الفريق الواحد وكمنظومة متكاملة لكي تستطيع معالجة جميع القضايا..
داعين الحكومة إلى إعادة النظر في السياسات التنموية لليمن والمعوقات الخاصة بالأطر المؤسسية والقانونية والإدارية للأجهزة الحكومية.. لتؤدي الدور المنوط بها في رفع وإعادة عجلة الاقتصاد الوطني والسعي إلى إنشاء إدارة تنموية مستقلة وإنشاء صندوق لإعادة إعمار ما تعرض للتخريب.
استطلاع/ محمد مطــير
خلق فرص عمل
في البدء قال الدكتور فيصل سيف المخلافي أستاذ الاقتصاد بجامعة ذمار أن هناك تحديات اقتصادية جمة أمام الحكومة الحالية منها تحديات عاجلة على المدى القصير وتحديات على المدى البعيد حيث تتمثل التحديات العاجلة في تخفيف العبء المعيشي عن المواطنين الذين شهدت اوضاعهم تدهوراٍ بسبب ارتفاع الأسعار خاصة أسعار المشتقات النفطية وكذا بسبب التعطيل شبه التام للخدمات الاساسية مـثل الكهرباء والميـــاه ونحوها..
ولكي تتحسن هذه الخدمات لابد من تحقيق الأمن والاستقرار ويتاح للنشاط الاقتصادي العودة إلى مستوياته السابقة ويتمكن القطاع الخاص من إعادة تشغيل العاملين الذين كانوا قد سرحوا من أعمالهم في المنشآت الصغيرة والكبيرة التي تضررت أو اغلقت خلال فترة الأزمة السياسية بالإضافة إلى الحد من الفقر والبطالة عبر خلق فرص عمل جديدة لنتمكن من امتصاص جانب من والبطالة المتفشية أما التحديات الاقتصادية ذات المدى الطويل فإنها تحتاج إلى تفكير عميق من خلال إعادة النظر في التنمية بإجراء دراسة حقيقية للواقع الاقتصادي والاجتماعي من خلال تقييم السياسات التنموية للحكومات السابقة التي أثبتت فشلها وهذا ما يستنتج منذ سنوات سابقة وعلى سبيل المثال الخطط السابقة للحكومة حيث تم تنفيذ بعض من المشاريع وتعثرت بعض المشاريع الاستثمارية بشكل خاص.. وتلك السياسة لم تفض إلى أي نجاح ملموس الأمر الذي يستدعي إعداد دراسة متقنة موسعة شاملة لوضع التنمية في اليمن في الجانب الاقتصادي والاجتماعي لكي يتم تحديد العقبات والمعوقات التي تقف دون تحقيق معدلات ملائمة للتنمية ومن المفترض أن تشمل هذه الدراسة المعوقات الخاصة بالأطر المؤسسية والقانونية للحكومة والإدارة العامة.. بحيث تضطلع بوظيفة إدارة العملية التنموية وتكون مؤهلة لذلك..
موضحاٍ بأن الهيكلة والأطر القانونية للمؤسسات الوطنية تعتبر من أهم العوائق أمام التنمية لأن الحكومة والإدارة العامة في بلادنا تقوم بمهام الإدارة العامة والتي من المفترض أن تمارس المهام العادية وتمارس عملية التخطيط للتنمية والتقييم في الوضع الذي تتطلب فيه عملية التنمية إدارة تنموية مستقلة تكون مهامها مستقلة عن المهام التي تقوم بها الإدارة العامة بالدوائر الحكومية والمؤسسية لكي تتفرغ لمهام التخطيط والتنفيذ باعتبار هذا الأخير من مهام الإدارة العامة بالوزارات والمؤسسات الحكومية..
وقال في الوقت ذاته سيترتب على ما سبق إعادة جذرية عقلانية لخطط التنمية وسياستها تنبثق من استراتيجية وطنية شاملة للتنمية تســـتند إلى مقــومات الداخل واعـــتبار العامل الخارجــي عاملا مساعدا وداعما..
ولفت المخلافي إلى أن قطاع التعليم بشكل عام ومنه التعليم الجامعي والفني والتقني إذا ما تم تطويره وتوجيهه التوجيه الصحيح بإمكانه أن يقود عملية التنمية في المستقبل مع التأكيد على عدم تبديد الثروات وخاصة النفط والغاز في نفقات جارية كونها أصولا يفترض أن توجه للاستثمار بشقــيه البـــشري والمادي خاصة وأن إنفاقها في نفقات جارية ليس منه أي فائدة على المدى البعيد لليمن ومستقبله وهذا يستدعي البحث في كيفية تمويل النفقات الجارية للدولة من خلال الضرائب..
محذراٍ من الاعتماد على العنصر الخارجي حيث وأنه من المفترض أن يتم النظر إليه كعنصر مكمل وليس أساسياٍ يعتمد عليه في استراتيجية على المدى البعيد كون عنصر التنمية جانبا مهما للدولة بحيث لا يجب أن يتم الاعتماد على الخارج وإنما يجب أن تستند إلى تنمية البشر وبناء العقول فذلك هو الذي يؤدي إلى النجاح والدليل على ذلك أن نقارن وضع الدول النامية قبل عقود من الزمن مثل المكسيك والبرازيل التي ركزت على الإنسان والتي وصلت إلى ماهي عليه الآن.. مقارنة بالدول التي ركزت على البنية التحتية وباءت بالفشل مثل دول الخليج ولابد من التعبئة والتوعية العامة للمجتمع.. كون ذلك سيجعل المستقبل أفضل وبذلك سيتوجه المجتمع توجها ايجابيا للتنمية..
نية سليمة
من جهته الدكتور عبداللطيف الكهالي استاذ الاقتصاد المشارك بجامعة ذمار يقول : إن الأوضاع تحتاج إلى وقت وجهد وعمل بنية سليمة كما تم بعد الحرب العالمية الثانية حيث تم إقامة بنك دولي لمعالجة آثار الحرب ونحن في اليمن نحتاج إلى إقامة أو إنشاء صندوق لإعادة النشاط الاقتصادي وتعمير ما تخرب أو تدمر خلال العشرة الأشهر الماضية..
مستغرباٍ أن البنك المركزي اليمني لا يوجد به مركز أبحاث ولا حتى إدارة بحوث وهو المعمول به في بنوك العالم حيث أن البنك المركزي اليمني يعتمد على خبراء رغم أنه يوجد باليمن أكاديميون مختصون وخبرات فائقة مؤكداٍ أن اليمن بحاجة إلى برامج بحثية يقوم بها مختصون ترشد الحكومة إلى الطريق الصحيح..
تحديات جسيمة
ويرى الدكتور الكهالي أن التحديات التي تواجه حكومة الوفاق الوطني جسيمة وتتطلب التكاتف من الجميع كون ما خلفته الأحداث على الجانب الاقتصادي باهضا ومكلفا جداٍ مؤكداٍ على أن الوقت الحالي يحتاج إلى إدارة ناجحة كون الاقتصاد قضية إدارية وكذا البعد عن المناكفات والكيد السياسي.
ويعول الكهالي على أن الحكومة الحالية تشكلت كحكومة سياسية أكثر من كونها اقتصادية ولكن يجب الاستبشار خيراٍ بها خاصة اذا استطاعت أن توقف لهيب الأسعار التي تسببت في حدوث مشاكل كثيرة وعديدة للمواطنين وأهمها رفع سعر البنزين الذي ينبغي على الحكومة الحالية اعادة سعره إلى ما كان عليه قبل الأزمة.. لكي تدخل الطمأنينة إلى قلوب المواطنين..
عمل متكامل
ومن جهته أشار الدكتور طه الفسيل استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ومستشار وزارة الصناعة إلى أن أهم تحدُ للحكومة الحالية هو تحقيق الأمن والاستقرار كونه متطلباٍ أساسياٍ قبل أي شيء آخر ويتمثل التحدي الثاني في مجلس الوزراء الذي يجب أن يكون صورة تضامنية ويعمل كمظومة متكاملة ولكي يستطيع معالجة القضايا بشكل عام.. مؤكداٍ أن المشاكل الاقتصادية ليست وليدة اليوم ولكنها تفاقمت خلال الفترة الأخيرة ومعالجتها تحتاج إلى وحدة وطنية وصدق ونوايا حسنه وبعد ذلك يمكن التحدث في المشاكل الأخرى التي تعاني منها في ما بعد مثل إعادة النشاط الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة والأحداث التي استمرت خلال العشرة الأشهر الماضية..
ملفتاٍ إلى أن مشكلة المشتقات النفطية والكهرباء من حيث تنزيل سعر البترول إلى ما كان عليه وكذا إعادة التيار الكهربائي من أهم الأولويات المستعجلة التي يجب على الحكومة سرعة معالجتها في أقرب وقت ممكن.. لأنه لا يمكن التحدث عن إعادة النشاط الاقتصادي بدون مشتقات نفطية أو كهرباء..
أما في ما يخص المساعدات الدولية فيرى الدكتور الفسيل أنه يجب أن تعرف شيئاٍ أساسياٍ أنه اذا لم نساعد انفسنا لا يمكن أن يساعدنا الغير خاصة وأنه قد تم قبل سنوات انعقاد عدة مؤتمرات دولية لدعم اليمن.. ولم نصل إلى أي نتيجة بسبب عدم مساعدتنا لأنفسنا في عمل المطلوب منا..