تعد من الفئات الدنيا والأشد فقراٍ في اليمن و يعملون في نظافة الشوارع والمرافق. وتقدر بعض الدراسات عددهم بحوالي 800 ألف نسمة ويتواجدون في معظم محافظات الجمهورية.
يلاحظ تمركزهم في أطراف المدن في تجمعات تسمى المحاوي يعيشون في بيوت من الصفيح و الكراتين تتكون من غرفة واحدة لجميع أفراد العائلة.
وتنتشر هذه المحاوي في أغلب مدن اليمن ففي صنعاء توجد في عصر ومنطقة باب اليمن ومنطقة التحرير وشارع «16» المتفرع من شارع هائل وشارع «45» والحصبة. وفي مدينة عدن يوجد محوى في دار سعد ويعد من أقدم المحاوي ,وفي الحديدة يوجد عدة مناطق في وادي مور ومدينة زبيد ,وفي حضرموت يوجد محوى يسمى ( حي الحرشيات).
ويعيش المهمشون حياة لا تتوفر فيها الخدمات الرئيسة من ماء وكهرباء وصرف صحي إذ يعيش معظم أبناء هذه الفئة على التسول في الشوارع أو تنظيف السيارات وغيرها وخاصة فئة الشباب الأمر الذي يحرمهم من التعليم.
التسرب من العلم
يقول عبدالله راشد عاقل المهمشين في منطقة سعوان :مازلنا مهمشين ومعزولين وهذا من مئات السنين من قبل المجتمع فكما تعرف أنت سبب ذلك هو انتشار التمييز والتفرقة: كأن يقول أحدهم هذا قبيلي وهذا خادم وذاك سيد ومنذ سنين وإلى اليوم لم نتمكن من نزع صفة «الأخدام» المفروضة علينا لكن دون جدوى لأن المشكلة ليست فينا بل في المجتمع الذي يجب أن يغير نظرته لنا.
وبالنسبة للتعليم يقول: مصاعب العيش والرسوم الكبيرة والتي لا نمتلكها تمنع أبناءنا من مواصلة تعليمهم كما أن أبناءنا يتعرضون في المدارس للتمييز العنصري المباشر مما يجعلهم يتسربون من التعليم.
نأكل موتانا
ويعود راشد للتوضيح: وبالنسبة للشائعات التي تنسب لنا لا أساس لها من الصحة هي مجرد تلفيقات مثل أننا «نأكل موتانا» وغيرها من الخزعبلات فمن يقولها جاهل ولا يمتلك قدراٍ بسيطاٍ من الثقافة والحصافة. ونحن مسلمون لا نقطع الطريق ولا نأكل مال أحد ولا نقتل أحداٍ ونعرف أن إكرام الميت دفنه لذا نحن نغسل ونكفن موتانا ونصلي عليهم وندفنهم والحمدلله الذي يطيل في أعمارنا فقد يموت منا في السنة 200 شخص فقط .
الحقيقة أن «الاخدام» يتعمدون دفن موتاهم بسرية تامة ويرجعون ذلك الى منع بعض افراد المجتمع لهم من دفنهم في المقابر العامة إضافة إلى عدم تمكنهم من دفع تكاليف الدفن كقيمه القبر مثلاٍ!
ويؤكد الباحثون الاجتماعيون أن هذه السرية في دفن موتاهم ساعدت في انتشار شائعات تصل بعضها إلى اتهام الاخدام بأكل موتاهم . أو الاعتقاد أنهم لا يموتون أو يتحولون إلى عفاريت!!!!!!
نظافة أنفسهم
في المقابل هناك من يقول وخاصة من الشباب أن هذه الفئة لاتهتم بنظافة نفسها ولا تهتم بأحد سواها وأنهم غير متعاونين مع غيرهم والحقيقة حين نقترب منهم ونعايشهم ونمتزج معهم نجدهم عكس ما يقال عنهم فهم يحبون البساطة والهدوء والسهولة ولا يحبون الغرور ولا يكنون أي لون أوشكل من الكراهية والحقد.
عيده يومه
وأيضاٍ ما يتردد عنهم «بأن الخادم عيده يومه» وكل مافي الأمر أنهم لا يفكرون على المدى البعيد ليس لأنهم لا يطمحون أو لا يعلمون بالغد الأفضل بل لأن حالتهم المعيشية لا تسمح لهم بذلك فكل ما يحصلون عليه من الأجر ونحوه بالكاد يكفي توفير مطلبات ذلكم اليوم وهكذا يومياٍ..
يعملون على نظافة المجتمع.. فنعمل على إزدرائهم!!
هنا ينبغي علينا التركيز أيضاٍ على شيء آخر وهو دليل صارخ على التعامل والنظرة الدونية لهؤلاء وكأنهم ليسوا بشراٍ مثلنا لديهم مشاعر وأحاسيس وعواطف وطموح وأحلام فحتى وإن واصل ابناؤهم التعليم وتخرجوا من الجامعة فلن يحصلوا على شيء سوى «مكنس» والقول هنا لعبدالله راشد عاقل المهمشين في منطقة سعوان ويضيف بمرارة: لأن الجهات الخاصة بالتوظيف يمنعون عنا حق الحصول على وظيفة حكومية بل تجدهم يقولون دائماٍ «هذا خادم»!!
فبنظر هؤلاء لا يحق لمن وصموه «بخادم» لا يحق له أن يتوظف ويكون سفيراٍ أو وزيراٍ فضلاٍ عن مواصلة التعليم فهم يستغربون كثيراٍ حين يجدون ابناءنا يسعون خلف العلم والتعلم.. ويستدرك راشد قائلاٍ: ليس لنا إلا أن نكون سوى عمال نظافة أو جنود في الجيش ولا ثالث لذلك! وحتى من يعملون في النظافة فبالأجر اليومي وقد يتم الاستغناء عنهم في أية لحظة أضف إلى ذلك عدم وجود تأمين عليهم وأقصد بذلك التأمينات الاجتماعية.
رواتب زهيدة
أحمد شويهك أحد عمال النظافة بشارع هائل توظف منذ اكثر من خمس سنوات وما زال يعمل بالأجر اليومي فلا توجد ساعات معينة للخدمة بالاجر اليومي ومن ثم الانتقال إلى التعاقد فالترسيم وأما عن الراتب الذي يتقاضاه فيقول: بأنه لا يزيد عن خمسة عشر ألف ريال وكل شهر نسمع بأن هنالك زيادة لكنها للأسف أقوال فحسب!
ويضيف سعيد الزبيدي بأنه كعامل بالأجر اليومي إذا تعرض لإصابات اثناء العمل لا أحد يتدخل بالأمر سواء أكان صندوق النظافة أو سواه ولا يتم صرف أي مبلغ مالي للمصاب!!
للأسف هكذا نتعامل مع من يتحفوننا كل صباح بمظاهر وسلوك النظافة التي ينسجونها بمكانسهم الرشيقة لتغدو مدننا في أحلى حلة.. تراهم منكبين في الشوارع والأزقة ينظفونها منذ الصباح الباكر القارس البرودة.. غير آبهين بالصقيع ولا بحرقة الشمس لأنهم قد تنازلوا لها ـ مسبقاٍ ـ عن أجسادهم فإذا بنا نتنازل عنهم بدلاٍ عن تكريمهم والاعتناء بهم ومنحهم حقوقهم على الأقل ونحرقهم بنظرتنا الدونية المتخمة بالغرور والتعالي..
ثالثة الأثافي
أضف لذلك ما تعرضت له إحدى عاملات النظافة وهي من فئة المهمشين في منطقة دار سلم بالعاصمة من حادثة اغتصاب وكما يقول راشد: ذهبت الفتاة للتبليغ في قسم الشرطة عن الجريمة ومن ثم إبلاغ أقربائها والذين ذهبوا للبحث عن الجاني ولكن ووجهوا بالرصاص ليقتل أحد أخوان المجنى عليها ويجرح آخر..
ويضيف راشد: وحتى نستطيع أخذ حقنا قام عمال البلدية بالإضراب عن العمل كوسيلة للضغط اسفر عنها تسليم الجاني واثنين من القتلة..
بدوره قال مجاهد عزان شيخ محوى دار سلم: أن نساءهم دائماٍ ما يواجهن محاولات للتحرش خصوصاٍ أثناء أداء عملهن في الطرقات والشوارع والأحياء السكنية وأرجع ذلك إلى غياب القوانين والعقوبات التي من شأنها أن تحمي الفئة المهمشة من الاعتداءات التي يتعرضون لها..
وعن رسالتهم للحكومة قال راشد: من المفترض أن يكون لهم حقيبة وزارية باعتبارهم مواطنين كغيرهم من أبناء الوطن من حقهم أن يمارسوا حقوقهم التي كفلها لهم الدستور لكنه طالب حكومة الوفاق الوطني بمعالجات فورية وحقيقية لإدماجهم بصورة أكبر وأكثر في المجتمع..
ولنا كلمة
بدورنا حاولنا التواصل مع غير جهة حكومية وخاصة أبرزها وزارة حقوق الانسان لنرى أين هي من معاناة إخواننا في الدين والوطن وماذا قدمت لهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر¿¿
لكننا للأسف لم نجد أي رد شاف كل ما لمسناه وسمعناه كان الصدى صدى تساؤلاتنا المرتطمة بجدران هذه الوزارة أو تلك الهيئة أو تلكم المنظمة وكأن هذه الجهات والقائمين عليها لم ترض هي الأخرى عن هذه الفئة ومعاناتها وتتغاضى عن هضم حقوقها تصيب هذه الجهات غير المسؤولة بالنشوة حد الثمل وهي حقيقة ماثلة قبالتنا اليوم بل الآن.. ونتحدى أية جهة أن تدعي عكس ذلك!!..