تبت/محررة الصفحة:
تمثل وسائل الإعلام السلطة الرابعة في المجتمع بعد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. وبالتالي فهي تشكل سلطة شعبية تْعبر عن ضمير المجتمع وتحافظ على مصالحه الوطنية من هنا يجب على الإعلام أن يقوم بدور فعال في عملية ازدراء الفساد والمفسدين وكشفهم للرأي العام والعمل على إشاعة ثقافة الرفض لهذه الظاهرة في المجتمع..
و لكي يقوم الإعلام بدور فعال وناجح يحتاج لإعادة تشخيص شامل للفساد بأنواعه ” السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والأخلاقي وكذا الإعلامي وتْعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه: ” كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ” كما يعرفه آخرون ” هو كل سلوك يجافي المصلحة العامة “
وينص قانون مكافحة الفساد في المادة (8): التنسيق مع وسائل الإعلام لتوعية المجتمع وتبصيره بمخاطر الفساد وآثاره وكيفية الوقاية منه ومكافحته.
وينص في المادة (24) : على كل شخص علم بوقوع جريمة من جرائم الفساد الإبلاغ عنها إلى الهيئة أو الجهة المختصة مع تقديم ما لديه من معلومات حولها لتتولى دراستها للتأكد من صحتها واتخاذ الإجراءات. القانونية بشأنها وتباشر الهيئة من تلقاء نفسها التحري والتحقق في جرائم الفساد المنشورة في وسائل الإعلام المختلفة.
ومن هنا نسعى للمعرفة أكثر عن دور وسائل الإعلام في مكافحة الفساد.. ¿¿
توعية وتثقيف
دراسة أعدها أ. د. عبد الحكيم الشرجبي – استاذ علم الاجتماع جامعة صنعاء حول “دور منظمات المجتمع المدني اليمنية في مكافحة الفساد” خلصت إلى ضرورة توفير فرص وصول المعلومات للمواطنين والمنظمات المدنية والعمل على استصدار القوانين واللوائح والأحكام التي تحمي المواطنين من ويلات الفساد في المجالين المتصلين بالقطاع العام والخاص وكذا إصدار الأدلة والنشرات والمواد الإعلامية والملصقات الإعلانية التي تستهدف التوعية والتثقيف بمخاطر الفساد وعقد الندوات والمؤتمرات وإعداد التقارير بما فيها تقارير المواطنين وغيرها من الفعاليات اللازمة..
وتتبنى خلال هذه المرحلة منظمات المجتمع المدني تنفيذ برامجها وخططها في التوعية والتثقيف والتدريب مستهدفة فئات مختارة من الموظفين والمحاسبين والقانونيين والتربويين والإعلاميين للتحاور حول طرق وأساليب مكافحة الفساد والعمل على وضع قواعد قيمية سلوكية للعاملين وللمواطنين وللطلاب عموماٍ والقيام بحملات إعلامية وتثقيفية للجمهور الواسع من المواطنين عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة ..
تجفيف
كما اوضحت دراسة أعدتها الأستاذ المشارك بكلية الاقتصاد جامعة عدن الدكتورة ابتهاج سعيد الخيبة بعنوان ” أثر الفساد على الاقتصاد الوطني ” »أن تجفيف منابع الفساد ليست مسؤولية الدولة فقط ولا تقتصر على تشريع وسن القوانين وتشكيل هيئات ووحدات ومجالس لمكافحته بل هي قضية مجتمعية تشارك فيها الدولة مع المواطنين وجميع منظمات المجتمع المدني« .
وأكدت الدراسة أن طرق مكافحة الفساد تعتمد على رفع الوعي الديني والأخلاقي والثقافي والاجتماعي للفرد منذ الطفولة.. وفي مراحل الدراسة الأولى بحيث ينشأ المرء على القيم الحميدة والأخلاق العالية ويدرك بأن الفساد آفة خطيرة ذات ابعاد مدمرة للإنسان والمجتمع بشكل عام بمختلف أشكاله ” السياسي والإداري والمالي وكذا الأخلاقي”.
وطالبت الدراسة بضرورة وضع نظم وقواعد تكفل تحقيق أخلاقيات الإدارة الصحيحة التي تمنع تعارض المصالح العامة والشخصية وتضمن الاستخدام الأمثل للموارد العامة والوصول إلى مستويات عالية من النزاهة والأمانة الوظيفية وأهمية دعم وسائل الإعلام للحصول على المعلومات المتعلقة بالفساد.
الأستاذ واثق الشاذلي رئيس نقابة الصحفيين فرع عدن يقول : الإعلام نفسه يعاني من أزمه فإذا ما أراد أن يعمل شيئاٍ لا تترك له الفرصة في حين المفترض أن الإعلام يعتبر السلطة الرابعة والمفروض أن يقوم بدوره الفعال ولكن من يتركه يقوم بواجبه الإعلامي والصحفي .
ويضيف الشاذلي: الإعلام في جميع اشكاله ” الرسمي والحزبي والأهلي لا يقوم سوى بمدح وترويج للجهة التي يخدمها في حين ان الإعلام ينبغي أن يخدم ويشمل الجميع عندما تحدد هيئة الإعلام ” الإذاعة والصحافة ” فهي مع الحكومة والصحافة الحزبية تخدم الحزب وكل جهة تخدم الجهة التي تتبعها وبذلك تحولت إلى أبواق وليست منابر إعلام تروي الإعلام هذا بصفة عامة ولكن هناك صحفا وصحفيين يقومون بدورهم الإعلامي ولكن هذا لا يمنع أنه في ظل أقلام نيرة وصفحات بيضاء أن تقوم بدورها تجاه الوطن من كشف الفساد الاضطهاد منع الظلم تسليم الحقوق لأصحابها رعاية الضعفاء وحل مشاكل الغالبية وليس الخاصة .. وصحيفة الوحدة من الصحف النيرة التي كانت من بين الصحف التي كْرمت وشْجعت ومن الصحف المهتمة بكشف الفساد .
وأردف الأستاذ واثق: الإعلامي بطبيعة الحال متعب في البلد لا يتمكن من الحصول على المعلومة والحقيقة إن البطاقة الصحفية هي البسبور والكرت لمرور الصحفي في أي مكان في العالم بعكس الصحفي في هذا البلد حيث تمنع الصحفي ولا تتيح له الفرصة أن يطلع على الحقائق هذا من جهة .. أما من جهة ثانية فظروف الصحفي المعيشية صعبة فكيف سيهتم بمشاكل وقضايا الناس وهو غارق بمشاكله الرواتب للآن صعبة ولذلك يتحول الصحفي إما مرتزق أو إرهابي يهدد ويتكلم على الآخرين من أجل الحصول على “زايد ناقص!” للأسف النظرة للصحفي لازالت قاصرة لأن الظلم لايزال واقعاٍ عليه..
نحن الصحفيين محاسبون اكثر من غيرنا فالمفروض أن نقول الحقيقة وعند قول الحقيقة يقف الجميع ضدنا لا بد أولاٍ أن تشرع القوانين لحماية الصحفي حتى يستطيع العمل بمهنية ومصداقية العمل الصحفي .
مكامن الخلل
إعلام الناس بالحقيقة هي المهمة الرئيسية للإعلام بوسائله المختلفة.. هكذا يحدثنا الدكتور عمر عبرين – الأستاذ المساعد بقسم العلاقات والإعلان – كلية الإعلام جامعة صنعاء
ويضيف: ومن أوجه الحقيقة المفترض على وسائل الإعلام إظهارها حقيقة ما يدور خلف الكواليس من مظاهر فساد اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي يمارسه كل فرد يهدف لتحقيق مصلحته على حساب الآخرين فإذا استطاعت وسائل الإعلام أن تمارس هذه المهمة بحيادية وشجاعة من قبل القائمين عليها دون محاباة لفرد أو جماعة ودون غرض الابتزاز يكون الإعلام والقائمين على وسائله حينها يمارسون فعلياٍ سلطتهم الرادعة التي بمقتضاها أطلقت عليهم تلك التسمية وتكون تلك الوسائل بتنفيذها لمهمتها تلك على النحو المذكور آنفاٍ قد أظهرت للمجتمع مكامن الخلل الحقيقية في بنيته الاقتصادية والاجتماعية الناتج عن ظاهرة الفساد ومن يمارسونها وصولاٍ للحد من تلك الظاهرة وتلاشيها بما يوفر المناخ الملائم والبنية الصلبة التي يقوم عليها بناء مؤسسات الوطن وبما يعود بالفائدة على المجتمع ككل بما فيهم القائمون على الإعلام ووسائله.
يمارس الفساد
ويستدرك الدكتور عبرين بقوله : ولكن ما ذكرته سابقاٍ وبمقارنته بالواقع على الأرض يمكن تصنيفه في خانة الأمنيات باعتباره درباٍ من دروب الخيال فالإعلام اليمني بواقعه الحالي أصبح يعاني وفي كثير من الأحيان يمارس الفساد وإن كان بنسب وأشكال مختلفة بين وسيلة وأخرى فتغير دور الإعلام اليمني ومن خلال تحليل ومتابعة مضمونه من كشف وملاحقة الفساد وشخوصه غالى حامي للظاهرة وأصحابها.. فإذا كانت بعض وسائل الإعلام اليمنية تجامل أطراف ينتمون إلى صنف البشر المعرضون بالفطرة بممارسة الخطأ وإظهارهم على أنهم منزهون عن القيام به وإن خالف ذلك سنة الله في خلقه أو على حساب المصلحة العامة للمجتمع.
وأردف دكتور عمر : هناك وسائل إعلامية يمنية أخرى تدعي في كثير من مضامينها قدرتها على كشف الفساد والمفسدين إلا أنها في حقيقة الأمر تتستر على أطراف أخرى تمارس الفساد بعينه وبذلك يكون كل طرف من وسائلنا اليمنية كاشفاٍ لفساد الآخر سياسياٍ كان أو اقتصادياٍ ومتستراٍ في نفس الوقت عن فساد الممول له والضحية بين الطرفين هم أفراد المجتمع الذين أصبح دورهم مقتصراٍ على المتابعة والتأرجح بين طرف وآخر وإن وجد طرف ثالث يتبنى تصِديه بمهمة كشف الفساد ومظاهره إلا أنه وفي كثير من الأحيان بغرض الابتزاز ليس إلا أما الشكل الآخر الذي تمارسه وسائلنا الإعلامية فهو تعمد القائمين على تلك الوسائل “التقوقع” وحصر المشتغلين بالعمل الإعلامي على الأسرية أو الشللية وإن خرجت عن نطاق تلك الدائرة فإنها لا تتعدى الدائرة الحزبية في كل وسيلة إعلامية على اختلاف نوعها وتصنيفها دون مراعاة للكفاءة أو الخبرة أو التخصص.
فساد الإغواء
ويختم دكتور عمر بقوله : ما ذكرته أولا هو ما يفترض أن يكون عليه دور الإعلام في مكافحة الفساد وما ذكرته لاحقاٍ يعبر عن واقع الإعلام المحلي في طريقة تعاطيه وممارسته للفساد ولك عزيزي القارئ حرية تأييد ما ذكرته إجمالاٍ أو جزء منه أو الاختلاف معه كلية حتى لا أكون قد مارست عليك فساد الإغواء والإجبار والإلزام بقراءة ما ذكرته لك دون تخيير..