في ظل التطورات الراهنة ..
هل يواصل اليمنيون حفر قبورهم¿!
فاروق مقبل الكمالي
< منذ الجمعة الماضية 11 نوفمبر الجاري استهل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر جولة سادسة في إطار المساعي الأممية للدفع بأطراف الأزمة السياسية اليمنية نحو التوصل إلى مخرج توافقي بين جميع القوى ينهي الأزمة وينقذ اليمن من ويلات كثيرة .
لاشيء تغير على أرض الواقع بين الجولات الست للسفير بن عمر عدا إن جولته هذه المرة تأتي وقيادات أحزاب اللقاء المشترك (غربان مهاجرة) تنشد الكثير من الخراب بمباركة خارجية على عكس الجولات السابقة التي جال خلالها بن عمر في اليمن والرئيس اليمني علي عبد الله صالح في مشفاه بالمملكة العربية السعودية.
وكما هي العادة فإن كل جولة يشرع بها بن عمر يتحول الرجل إلى عنوان آخر من عناوين الأزمة اليمنية التي لم تنته منذ أكثر من تسعة أشهر فكل ما يقوله الرجل يتحول إلى مادة للمهاترات والجدل بين اللقاء المشترك وخصمه العنيد المؤتمر الشعبي العام ولهذا كان الرجل أكثر حرصا هذه المرة وهو يرد على استفسارات الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء أمس الأول الإثنين بل أنه قرر بصمت تجاهل العديد من الأسئلة حتى تلك التي تتعلق بموعد عودة (غربان المشترك) من هجرتها التي لم تنته منذ ما بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014 ) والخاص باليمن .
في حديثه عن التطورات الميدانية كان بن عمر يعرب عن أسفه البالغ لاستمرار أعمال العنف في مناطق متعددة من اليمن خاصا بالذكر محافظة تعز- التي شهدت وتشهد أعمل عنف متزايدة واكب بعضها الجولة السادسة للرجل – كما أعرب عن أسفه البالغ لاستمرار معاناة الشعب اليمني من انقطاع الكهرباء والماء وإمدادات الوقود وما يترتب على ذلك من معاناة كبيرة للسكان خاصة الأطفال والنساء وكبار السن والفئات الضعيفة .
وعلى الصعيد السياسي: كان المبعوث الأممي يتحدث عن وجود تقدم في العملية السياسية الهادفة إلى إخراج اليمن من الأزمة الراهنة .. ملمحاٍ إلى أن هناك اتفاقاٍ بين الأطراف السياسية اليمنية على الدخول في انتخابات رئاسية مبكرة بمرشح توافقي.
ولكون الجولة السادسة في روزنامة بن عمر إلى اليمن تأتي بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي (2014 ) فقد وجد الرجل نفسه ملزماٍ بالتوضيح أن هذا القرار يدعو اليمنيين إلى ضرورة التوافق السياسي على أساس المبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها من طرف المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك وأن القضية الآن ومنذ الأشهر القليلة السابقة ليست التوقيع على المبادرة وإنما التوافق على الآلية التنفيذية للمبادرة التي يوضح أنها تنظم بشكل أكثر دقة العملية السياسية وعملية انتقال السلطة والعملية الانتقالية ككل ..متمنياٍ أن يتم الحسم فيه في أقرب وقت .
وبمثابة رسالة تذكير فقد أراد بن عمر أن يذكر أن وجوده في اليمن وإن كان في إطار المساعي الدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية فإن عليه أن يرفع تقريراٍ إلى مجلس الأمن الدولي عن مدى التزام الأطراف اليمنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي وطبيعة العوائق التي تقف في وجه تنفيذ القرار ومن المسئول عن ذلك .
وفي حين يدرك بن عمر التجاوب الحكومي اليمني مع قرار مجلس الأمن حيث أكد نائب وزير الإعلام عبده محمد الجندي الأحد الماضي أن الحكومة اليمنية عازمة على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 كوحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة وأن على القيادات المعارضة العودة من رحلتها المكوكية لتنفيذ ذلك القرار .
فإنه أيضا يدرك التجواب الذي أبداه رئيس الجمهورية مسبقا مع أليته التي قدمها لتنفيذ المبادرة الخليجية بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة و تفويض نائبه بإجراء حوار مع اللقاء المشترك واستكمال التوقيع على المبادرة الخليجية وأكثر من ذلك التجاوب الذي أبداه الرئيس بموافقته على أن يقوم نائبه عبد ربه منصور هادي بتكليف من يقوم بتشكيل الحكومة وعلى أن تؤدي الحكومة المشكلة اليمين الدستورية أمام نائبه على اعتبار ذلك من ضمن صلاحيات الرئيس التي يكلف به النائب بموجب المبادرة الخليجية إلا أنه تجاهل الحديث تماما خلال مؤتمره الصحفي الأخير عن الموقف الذي اتخذته المعارضة للتجاوب الإيجابي وربما أراد بن عمر الاحتفاظ بذلك في أجندته على الرغم من أن سفير الاتحاد الأوروبي بصنعاء السيد ميكيلي سيرفوني دي أورسو كان يؤكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده في صنعاء في الأول من نوفمبر الجاري أن الرئيس علي عبد الله صالح لبى الكثير من مطالب المعارضة معتبرا ذلك باعثا للاقتناع بأن اليمنيين على وشك التوصل إلى اتفاق قريبا..مؤملا أن يكون العيد مناسبة للإعلان لليمن وللعالم أن اليمن يمضي نحو مرحلة جديدة .
كان سفير الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحا في توجيه رسالته إلى الأطراف اليمنية على عكس بن عمر تماما ففي حين أشار إلى أن الوقت حان لأن تضع تلك الأطراف سياساتها الحزبية جانبا وتفكر في مصلحة الشعب اليمني .. فقد دعا رموز المعارضة الخمسة إلى العودة من خارج البلاد قبل العيد للانتهاء من هذه المشكلة.
كلاهما مؤتمر سفير الاتحاد الأوروبي بصنعاء والمؤتمر الأخير للمبعوث الأممي جمال بن عمر يأتيان بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي لكن إجابات سيرفوني دي أورسو كانت توضح الكثير من تحفظات بن عمر فقد أوضح أورسو أن الوضع في اليمن في طور جديد بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 الذي تم التصويت عليه بالإجماع والذي يحث جميع الأطراف على الانخراط فوراٍ في عملية سياسية وتجاوز الانسداد السياسي وأن مجلس الأمن سيظل متابعا للموضوع حتى حل هذه القضية وأنه لا يحق لأي طرف أن يختار ما يحب من القرار ..مشيراٍ بكل وضوح إلى أن المجتمع الدولي ليس أعمى عما يجري في اليمن وأنه يراقب الوضع عن كثب وسوف يحمل من يحاول إفشال الحل السياسي مسئولية ذلك .
كما لفت إلى أن الذين يعيقون العملية السياسية ويشجعون استمرار عملية الانسداد السياسي سيتحملون المسئولية وأنه يجب عليهم ألا يفكروا بالسياسة والحوار فقط وإنما عليهم أيضاٍ أن يفكروا بالشعب اليمني .
بل أنه قال:»أن أي شخص يحمل شيئاٍ من المودة للشعب اليمني يجب عليه أن يمضي باتجاه الحل السياسي»
وبعيداٍ عن الوضع السياسي الملتهب فيبدو أن التطورات الجديدة على الساحة تميل في اتجاه التأكيد على أن «اليمنيين يحفرون قبورهم» كما قالت ذلك رئيسة المركز العربي الألماني للدراسات الاستراتيجية «ساندرا إيفانس» في مقالة لها يحمل هذا العنوان..>
في ظل التطورات الراهنة ..
التصنيفات: تحقيقات