حافظ مصطفى علي
(عود ثقاب) اشعله المخرج عمرو جمال من خلال مسرحية بهذا العنوان في قاعة التاج في مدينة التواهي م/ عدن ناقشت المسرحية ظاهرة زواج البنات القاصرات من رجال كهول حيث بدأت المأساة باضطرار الاب تزويج ابنته تحت ضغط الحاجة للمال لبائع قات ابنته القاصر التي تعرضت للاغتصاب جراء اهمال الوالدين لها بتركها في الشارع دون متابعة وانتباه ليتقاذف الوالدان اتهام بعضهما حول المسؤولية وعلى من تقع في ظل هذا المشهد ينبري بائع القات الكهل ليعرض على الاب فكرة الزواج على ابنته القاصرة مقابل الديون خاصة وان البنت قد تعرضت للاغتصاب وامر زواجها صار صعبا وعبئا على الوالدين عندما تكبر.. تستمر مشاهد المسرحية التي مدتها قرابة الساعة ليحل المشهد الأخير بأن تهجر البنت بيت زوجها الكهل وتدور جملة من الاتهامات بين الوالدين من جهة والزوج الكهل من جهة اخرى حول سبب فرار البنت من بيت زوجها لينتهي المشهد بعود ثقاب تشهره البنت لحل المأساة التي ابتليت بها دون ذنب اقترفته.. عود الثقاب هذا هو الحل الجذري لفتاة لم يشتد عودها بعد لتواجه مجتمعاٍ لا يرى في الشرف إلا تلك المنطقة الصغيرة من الجسد مهما كانت الملابسات فهي وحدها مالكة هذا الجسد تتحمل تبعات هذا المنطق الاجتماعي المغلوط .
عود ثقاب لم يشعله المؤلف والمخرج في جسد تلك الطفلة الصغيرة في نهاية المشهد بل اشعله في العتمة التي تحيط ليس فقط حول الفتاة بل حول المجتمع الذي فقد القدرة على الابصار والرؤية كان المشهد الذي احرقت فيه الممثلة الموهوبة والشابة جدا سالي حمادة احمد قاسم عود الثقاب الاخير لتنهي بها عذاب الطفلة على المسرح عبارة عن صرخة مكتومة وصلت الى آذان المشاهدين لينهضوا دون سابق انذار مصفقين لهذا المشهد الصرخة المكتومة التي لا يتمناها أي أب أو أم لطفلتهما.. المسرحية تمت باشراف من مؤسسة شركاء المستقبل للتنمية وبدعم السفارة الهولندية في اليمن واداء فرقة خليج عدن . مواضيع كهذه حري بنا كمؤسسات وطنية حقوقية ايلاءها الدعم الكافي ليتخلص الناس من العلل الاجتماعية والاتهامات النمطية الجاهزة بل لتتغير النظرة نحو المرأة والمجتمع..