في السنة العاشرة من الهجرة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت الله الحرام وحج معه قرابة مائة وأربعين ألفاٍ من المسلمين كانت هي الحجة الأخيرة للنبي عليه الصلاة والسلام فسميت حجة الوداع.. وداع النبي لأمته.. كان شعارها »لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداٍ«
ولذلك حرص النبي عليه الصلاة والسلام أن يودع أمته بخير الوصايا..
فكانت خطبة الوداع.. خطبة جامعة نافعة.. ألقاها في خير يوم طلعت عليه الشمس – يوم عرفة – على تلك الجموع المؤلفة ولم تكن تلك الخطبة لهم وإنما خطبة لجميع أمته ووصية لمن اتبع ملته.. ولذلك أوصاهم فقال: »ليبلغ الشاهد منكم الغائب« .
وقفات مع تلك الوصية المباركة
لنأخذ منها الدروس والعبر .. فهي وصية نبوية.. فاز من تدبرها وعمل بها..
قضايا مهمة
بداية يحدثنا الشيخ إبراهيم عبدالكريم عضو جمعية علماء اليمن عن أبرز الجوانب التي ركزت عليها خطبة الوداع فيقول: ركزت خطبة الوداع على قضايا مهمة ولعل أهم ما ركزت عليه هو قضية حقوق الإنسان وهذا يتجلى في قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: »إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا«
وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى حال الأمة المحمدية بعده.. ينظر إلى هذه الدماء وإلى هذه الأشلاء التي تتساقط بغير حق وكان يرسل رسائل إلى أمته حتى تصان دماؤها وأموالها وأعراضها.
أما القضية الثانية التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام في خطبته فهي قضية حقوق المرأة وأنها إنسانة محترمة لها شأنها في المجتمع فهي تمثل نصف الأمة ثم هي تلد النصف الآخر فهي أمة كاملة وهذا يتجلى في قوله عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة: »ألا واستوصوا بالنساء خيراٍ فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله«
أما القضية الثالثة: فهي القضاء على التمييز العنصري وإرث الجاهلية من التعصب والربا والوثنية وكل ما كان في الجاهلية من سوء وضعه الرسول عليه الصلاة والسلام تحت قدميه وارسى دعائم قول الحق سبحانه وتعالى: » إن أكرمكم عند الله أتقاكم«.
إمال الدين
أما الدكتور محمد أحمد عبدالغني فيقول: عن خطبة الوداع في رسالة بعنوان: »خطبة الوداع – فوائد وفرائد«:
إن هذه الخطبة النبوية تمثل رؤية واضحة ومنهجاٍ اجتماعياٍ متوازناٍ متناسقاٍ بين مراعاة حقوق الفرد والجماعة وحقوق الرجل والمرأة والأسرة تقوم على قاعدة الالتزام بالحقوق والواجبات..
وهذه الخطبة في الحقيقة دستور رائع لبناء مجتمع متكاتف متكامل يشد بعضه بعضاٍ وتتكامل فيه جهود الفرد والجماعة والأسرة وقد جاء نزول الآية الكريمة: »اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا« إتماما لهذا المشروع الحضاري العظيم مشروع إكمال الدين وإتمام النعمة..
وذكر الدكتور »عبدالغني« أيضاٍ بعض الجوانب الرئيسية لخطبة الوداع ولخصها في ثمانية محاور هامة كالتالي:
1- حرمة سفك الدماء بغير حق إقراراٍ للعدالة والمساراة حيث المساواة بين الحاكم والمحكوم وبين الغني والفقير والأبيض والأسود والأحمر والرجل والمرأة في الحقوق الإنسانية.. فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
2- دفن الجاهلية ووضعها تحت الأقدام.. حيث وضع رسول الله أخلاق ومبادئ وقيم الجاهلية وتصوراتها ومظاهرها وشعاراتها وكبريائها وعنجهيتها وعقائدها وأحكامها وأعراضها كل ذلك وضعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت قدمه.
3- الوصية بالنساء خيراٍ وانهن عوان وأي أسيرات.. لايملكن لأنفسهن شيئاٍ فإن الإسلام أعطى للمرأة حقوقها ووصى بها.. وجعلها بنتا في بيت أبيها وزوجة في بيت زوجها وهي سيدة ذلك البيت واعطاها حقها في الميراث وكانت من قبل لاتأخذ شيئاٍ.. جعل لها كرامة وكانت من قبل تباع وتشترى..
وجعل لها رأياٍ ولم يكن لها من قبل رأي فهذا هو الإسلام جعلها مصانة في بيتها معززة في حياتها.
4- التمسك بكتاب الله والاعتصام به فهو سبيل العزة والنصر والنجاح في الدنيا والآخرة ولما كانت الأمة متمسكه به ومجتمعة تحت خليفة واحد كانت في عزة وكرامة تهابها الأمم ويذل لها الملوك والتاريخ خير شاهد.. ولما تركت الأمة كتاب ربها تمزقت وتفرقت فاجتمع عليها الأعداء شقت وعاشت في مذلة وضياع.
5- حرمة الربا لأنه النظام الذي يسحق الفقراء ويجعل المجتمع طبقياٍ يمتلئ بالاحقاد والضغائن ويكثر فيه الجرائم.. ويعرض المجتمع للحرب مع الله وأي نصر في معركة تكون مع الله فلا يكون إلا الشقاء والتعاسة وقلة الخير والبركة فلاخير من الأرض إلا القليل ولامن السماء إلا النذر اليسير.
6- التحذير من الشيطان فإنه يئس من المؤمن لكن رضي باليسير من المحقرات التي نظن أنها بسيطة وهي في الحقيقة مدخل للشيطان إلى القلب فيفسده ويهلك الانسان بعد ذلك..
7- شمولها لأمور الدنيا والآخرة فهي قد عالجت شؤون الحياة الاجتماعية من علاقة الأخ بأخيه والمرأة بزوجها والأفراد بالمجتمع وحذرت من الشيطان وبينت أسس الدين ومقاصد الشريعة وأنهم سوف يلقون ربهم فيسألهم عن أعمالهم في الآخرة.
8- على الداعية البلاغ وليس عليه النتائج وهو أمر محسوم من القرآن قال تعالى: »فإنما عليك البلاغ المبين« والنبي صلى الله عليه وسلم سيقرر ذلك أن الداعية عليه أن يبذل قصارى جهده ومبلغ طاقته وجل وقته وأكثر ماله وكل مايملك في سبيل دعوته ولاينتظر النتيجة ولايحاسب عليها هل التزم الناس معه أم لا..
حرمة الدماء
ويؤكد الدكتور »عبدالغني« على جانب هام من الخطبة يحترم فيه النبي عليه الصلاة والسلام دماء المسلمين بغير حق فيقول في رسالته: »خطبة الوداع فوائد وفرائد« معلقاٍ على قول النبي عليه الصلاة والسلام: »أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت«.
لقد كرر الرسول عليه الصلاة والسلام هذه التوصية نفسها مرة أخرى في خاتمة خطابه وأكد ضرورة الاهتمام وذلك عندما قال: »أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت¿ ونحن نقول: أجل والله قد بلغت يا رسول الله ولعلنا اليوم أولى من ينبغي أن يجيبك: اللهم لقد بلغت!.. وإن كنا في ذلك إنما نسجل مسؤولية على أعناقنا قصرنا كل التقصير في القيام بحقها فإننا نرى استباحة الدماء المعصومة ووالله إنها لجريمة فظيعة أن تستباح الدماء المعصومة دماء الناس بغير جريمة قال تعالى: »ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق«..
والنصوص الشرعية متكاثرة في بيان حرمة المسلم وعصمة دمه فالله جل وعلا يقول: »إنما المؤمنون إخوة«.. ويقول سبحانه: »ومن يقتل مؤمنا متعمداٍ فجزاؤه جهنم خالداٍ فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباٍ عظيماٍ«.. ويقول سبحانه عن ابني آدم عليه السلام: »واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناٍ فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك«..
فبداية القتل كانت من ولدي آدم.. وقال تعالى: »وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناٍ إلا خطأٍ«..
وقد ورد في سبب نزولها أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان في سرية فعمد إلى شعب لقضاء حاجته فوجد رجلاٍ من القوم في غنم له فحمل عليه بالسيف فقال الرجل لا إله إلا الله فضربه أبو الدرداء بالسيف فقتله ثم وجد في نفسه شيئاٍ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: إنما قالها ليتقي بها القتل فقال: »ألا شققت عن قلبه فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه فكيف بلا إله إلا الله¿! فكيف بلا إله إلا الله¿! قال أبو الدرداء: حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي فنزل قوله تعالى: »وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناٍ إلا خطأٍ«.
فقد تضمنت الآية الاخبار بعدم جواز إقدام المؤمن على قتل أخيه المؤمن بأسلوب يستبعد احتمال وقوع ذلك منه إلا أن يكون خطأ حتى تكاد صفة الإيمان منتفية عمن يقتل مؤمناٍ متعمداٍ إذ لا ينبغي أن تصدر هذه الجريمة النكراء ممن يتصف بالإيمان لأن إيمانه وهو الحاكم على تصرفه إرادته يمنعه من ارتكاب جريمة القتل عمداٍ.
وقال صلى الله عليه وسلم: »لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماٍ حراماٍ« بل ورد الوعيد لمن أعان على القتل المحرم أو كان حاضراٍ يستطيع منعه أو الحيلولة دون وقوعه أو شجع القاتل على القتل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:»لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار« وقال صلى الله عليه وسلم:»سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر«..
وقال الحسن البصري أن علياٍ رضي الله عنه بعث إلى محمد بن مسلمة فجيء به فقال: ما خلفك عن هذا الأمر¿ ويعني القتال بينه وبين خصومه رضي الله عنهم أجمعين.. قال: دفع إلي ابن عمك – يعني النبي عليه الصلاة والسلام – سيفاٍ فقال: »قاتل به ما قوتل العدو فإذا رأيت الناس يقتل بعضهم بعضاٍ فاعمد به إلى صخرة فاضربه بها ثم الزم بيتك حتى تأتيك منية قاضية أو يد خاطئة فقال علي رضي الله عنه: خلوا عنه.
وصية مكررة
وبين لنا الشيخ عرفات الحضرمي أمين عام مكتبة جامع الأشاعرة بزبيد جانباٍ رئيسياٍ مهماٍ لهذه الخطبة النبوية وهو جانب حرمة سفك دماء المسلمين بغير حق مؤكداٍ ما ذكره الدكتور »عبدالغني« فيقول: خطبة الوداع خطبة عظيمة شاملة لكل معاني روح التعامل بين المسلمين خاطب بها الرسول عليه الصلاة والسلام.. جميع المسلمين بكل شرائحهم الصغير والكبير الغني والفقير العالم والجاهل الحاكم والمحكوم بدأها الرسول عليه الصلاة والسلام بجانب مهم يحدد علاقة المسلم بأخيه ويحريم سفك دمائهم وكرر الرسول عليه الصلاة والسلام تحذيره في آخر الخطبة بمضمون المعنى فقال:» فلا ترجعوا بعد كفاراٍ يضرب بعضكم رقاب بعض« وذلك مما يدل على أهمية هذا الأمر العظيم فتكرار النبي عليه الصلاة والسلام لتلك الوصية في ابتداء خطبته وانتهائها بين خطورة هذا الأمر – سفك الدماء – ويقول النبي ألا هل بلغت¿ ثم يقول اللهم اشهد.
ولذلك كان لزاماٍ على الأمة أن تنتبه لتلك المفردات الهامة التي ودع بها النبي عليه الصلاة والسلام أمته وهو يدلهم على طريق النجاة ويحذرهم من كل مغبة تؤدي بهم إلى طريق الهلاك..
ولعلنا نعيش واقعاٍ مريراٍ تحققت فيه تلك المهالك التي حذرنا منها النبي عليه الصلاة والسلام.. فسفك الدماء المحرمة واستبيحت الأموال والأعراض وكأن من يقوم بذلك لم يع قول النبي عليه الصلاة والسلام »أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا.. الحديث« فلا مراعاة لحرمة المسلمين ولا مراعاة للأشهر الحرم..
ولذلك لا بد لكل مسلم أينما كان أن يعمل بموجب هذا الحديث وأن يحرص كل الحرص على تجنب دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وكل ما حرمه الله تعالى..<
نص خطبة الوداع
> الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. أما بعد أيها الناس إسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا يهدا الموقف أبداٍ.. أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت¿
وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة. وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون.. قضى الله أنه لا ربا وإن أول رباٍ أبرا به ربا عمي العباس بن عبدالمطلب وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبرا به من دماء الجاهلية.
أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداٍ.. ولكنه إن يطمع في ما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم.
أيها الناس إنما النسئ زيادة في الكفر. يضل به الذين كفروا يحلونه عاماٍ ويحرمون عاماٍ ليواطئوا ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله ويحرموا ما أحل الله.
إن الزمان قد استراء كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراٍ منها أربعة حرم ثلاث متوالية ورجب الذي بين جمادى وشعبان.
أيها الناس إتقوا الله في النساء فإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله واستوصوا بالنساء خيراٍ فإنهن عندكم عوان لاعليكن لأنفسهن شيئاٍ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباٍ غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلاٍ ألا إن لكم على نسائكم حقاٍ ولنسائكم عليكم حقاٍ. فأما حقكم على نسائكم فلا يوطىن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحداٍ تكرهونه بيوتكم ولايأتين بفاحشة فإن أطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداٍ أمراٍ بيناٍ كتاب الله وسنة نبيه.. أيها الناس إسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت¿
وستلقون ربكم فلا ترجعن بعدي كفاراٍ يضرب بعضكم رقاب بعض.
أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ألا هل بلغت¿ اللهم اشهد ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون اوعى له من بعض من سمعه.
وأخرج مسلم أنه قال:» وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون« قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكنها إلى الناس »اللهم اشهد« ثلاث مراث.
ولما فرغ من خطبته نزل عليه قول الله تعالى:» اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناٍ«.