تب/عبده الأوع:
في إطار الجهود الحثيثة والمتميزة التي تبذلها منظمات المجتمع المدني لرفع مستوى الوعي لدى المواطن اليمني بالدولة المدنية وأهميتها ومقوماتها وضماناتها وآفاقها المستقبلية باعتبارها الدولة التعاقدية التي يتوافق الناس على مبادئها ودستورها وشكل مؤسساتها والتي هي أساساٍ دولة نظام وقانون تقوم على إنفاذ القانون دون تهاون مع من ينتهكه فضلاٍ عن كونها تبنى على أساس توزيع السلطات وتوازنها والرقابة المتبادلة في ما بينها بحيث لا تكون مركزة في يد فرد أو جماعة.. أصدرت منظمة تمكين للتنمية »دليل المواطن إلى الدولة المدنية« كأول إصدار لها.
وأوضح الأخ مراد الغارتي – رئيس المنظمة – في فعالية تدشين هذا الدليل أنه يأتي ضمن برنامج الديمقراطية والتنمية المجتمعية وجرى العمل عليه بصورة طوعية من قبل المنظمة وفريق عملها في سعيها إلى إصدار عدد من الأدلة الأخرى الخاصة بالتنمية الديمقراطية والدولة المدنية وحقوق الإنسان.
لافتاٍ إلى أن الدليل يهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى المواطن بالدولة المدنية فضلاٍ عن أنه يشكل خطوة للعمل من أجل المستقبل القريب والبعيد لليمن.
مبيناٍ أن منظمته تسير نحو إعداد عدد من الأدلة المرتبطة بالدولة المدنية وأهمها »مشروع الدولة المدنية لليمن وليس وفقاٍ لخصوصيتها«.
مؤكداٍ أن مؤسسته تعمل بإتجاه ارساء دعائم مستقبل الدولة في اليمن وتدعو إلى توحيد وتنظيم كافة جهود القوى المدنية خاصة منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
وجاء في الدليل الذي يتكون من 40 صفحة »كلنا مواطنون متساوون دون تمييز« ليس أمامنا إلا أن نسعى نحو تغيير الواقع إلى الأفضل ولا يمكن أن يتغير الواقع إلا إذا فهمناه والمشكلة أننا نبحث عن الذي يجب أن يدير أو يحكم في الوقت الذي يجب أن نتباحث عن كيف يجب أن يكون الحكم الأمر الذي يضعنا أمام تحديات كبيرة لذلك ينبغي أن لا تعيقنا تلك التحديات ونقف عندها بل علينا أن نعمل على إقامة دولة مدنية حديثة تقوم على القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان ولا يستطيع الحكام التقليديون وغير الأكفاء أن يكونوا مسؤولين عنها بل علينا نحن أن نقرر مصيرنا بأيدينا«.
ويمثل هذا الدليل كما جاء في تقديمه وثيقة هامةكجواز السفر باعتباره طريقنا إلى المواطنة المتساوية وفيه تأشيرة العبور إلى الأراضي التي ننشدها وهي الدولة المدنية الحديثة المبنية على المبادئ الديمقراطية والتي نسعى إلى إقامتها بالوسائل السلمية الممكنة ويضيف مخاطباٍ: إن وصولك إلى أراض جديدة كـ»الدولة المدنية« يتطلب منك أن تحمل خريطة ومعرفة بهذا البلد الذي تسعى إليه لذلك يشكل هذا الدليل وثيقة تنضوي في طياتها على الخارطة الكاملة المطلوبة كأساس للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة كما ينبغي أن تكون مستعداٍ أنت ومن يرافقك من خلال المشاركة وتنظيم أدواتك اللازمة وأن تعد نفسك برؤية أو برنامج انتقالك إلى الدولة التي تنشدها وينبغي أن تضع دوماٍ احتمال صعوبات الانتقال كالزمن وما قد يواجهك عند تنفيذ برنامجك وكذلك أن تتوقع التحديات التي قد تكون في مناخ أو آليات الانتقال وذلك كله حتى تتمكن من التعامل مع كافة العوامل والتوقعات الإيجابية والسلبية وفقاٍ لخطة واضحة وبرنامج محدد المعالم والأهداف.
ويوضح الدليل في سياق تعريفه للدولة المدنية بأنها دولة تعاقدية يتوافق الناس على مبادئها ودستورها وشكل مؤسساتها هي أساساٍ دولة نظام وقانون تقوم على إنفاذ القانون دون تهاون مع من ينتهكه فضلاٍ عن أنها تبنى على أساس توزيع السلطات وتوازنها والرقابة المتبادلة فيما بينها وفيها لن تكون السلطة مركزة بيد فرد أو جماعة لوحدها بل ينبغي أن يكون معيار التنوع هو أساس قيادة الدولة وفقاٍ للنظام الديمقراطي ولن يستطيع أحدَ أياٍ كان أن يتعسف أو ينتهك حقوق المواطنين في ظل وجود بنية مؤسسية فاعلة فيها برلمان مستقل وغير خاضع للسلطة التنفيذية وفي ظل قضاء حر ونزيه ومستقل وعادل ولعل أهم الضمانات التي سوف تكفل الحد من سلطات رئيس الجمهورية هو النظام البرلماني الذي توافق عليه معظم أفراد المجتمع والشباب والتكوينات السياسية على اختلاف توجهاتهم.
ويضيف: »إن الغاية من تأسيس أي دولة هو حماية المصلحة العامة أما الوظيفة الأساسية للدولة فهي إقامة العدل وحماية الحقوق والحريات وحماية الأرواح والممتلكات إلا أن بعض الأنظمة العربية تحولت إلى كتائب بوليس أخلاقي وتنازلت كلياٍ عن وظائفها كدول مدنية وفي ظلها لا يهتم المواطنون بمن يحكم ولكن المهم هو كيف يحكم.
مبيناٍ أن مصطلح »الحديثة« المرافق للدولة المدنية يشير إلى عملية تحول للمجتمع من التقليدي إلى مجتمع المواطنة المتساوية وأن الدولة المدنية تقوم على نظام سياسي فعال والدولة المؤسسية هي التي يتم فيها فصل السلطة السياسية عن السلطة الاجتماعية وعن السلطة الدينية وتفصل فيها السلطة عن الأشخاص الذين يمارسونها المؤسسة هي المعنية بحماية مصالح المجتمع وحقوق الأفراد في نفس الوقت والدولة هي مجموعة من أجهزة السلطة تساندها أجهزة متعددة من المؤسسات الإدارية والسياسية والنظم القانونية والتي تحتكر استخدام القهر المشروع على مختلف الأفراد والهيئات والدولة بهذا المعنى المؤسسي تجد مشروعيتها في حمايتها لمصالح المجتمع وضمان حقوق الأفراد.
مشدداٍ على أن متطلبات وعناصر وأدوات الدولة المدنية ما هي إلا مجموعة متكاملة من المكونات اللازمة لقيام الدولة المدنية الحديثة ولا يمكن تجزئة تلك المكونات لكونها مترابطة وتدعم كل منها الأخرى وعند توفر تلك المكونات تتحقق الدولة المدنية التي تصنع السلم والأمن والتنمية والاستقرار والرفاه الاجتماعي لكافة الأفراد الأمر الذي يعني أن الدولة المدنية رافد للمجتمع والمجتمع هو الرافد الرئيسي لاكتمالها وبالتالي علينا أن نعمل ونتحرك جميعاٍ لبناء الدولة المدنية لنتمكن من العيش في ظلالها.
هذا وقد تضمن الدليل الذي أعده الدكتور محمود البكاري ومنير عبدالرقيب ومراد الغارتي وراجعه عبدالباري طاهر ومحمد المقطري والدكتور عادل الشرجبي – إضافة إلى تعريفه الدولة المدنية – مقوماتها التي من أهمها الدستور والديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وضماناتها التي منها الفصل بين السلطات وسيادة القانون والشفافية والحكم الرشيد والمشاركة السياسية والاعتراف بالآخر والثقافة المدنية واللامركزية وحيادية المؤسسة العسكرية والأمنية معرجاٍ على الآفاق المستقبلية للدولة المدنية في اليمن ودور الشباب في بنائها وعلاقة منظمات المجتمع المدني بها والتنوع والوحدة الوطنية والعلاقات الدولية في إطارها..
سِـــــلام: الدولة المدنية خيار وحيد نحـــو بنــــــاء يمـــن موحد ومزدهر
فيما يرى الأخ عبد الإله سلام – المدير التنفيذي لمؤسسة شركاء المستقبل للتنمية أن ما تشهده اليمن من تحولات سياسية واجتماعية أصبحت في حكم المؤكد لذا فإن الدولة المدنية تعد هي الخيار الوحيد نحو بناء يمن موحد وآمن ومزدهر وبدون ذلك يعد الوضع أكثر تعقيداٍ.
مؤكداٍ أن الدولة المدنية بكافة أركانها – دون نقصان – أصبحت مطلباٍ جماهيرياٍ واسعاٍ موضحاٍ أن جميع الأحزاب السياسية والأطراف المختلفة أمام اختبار حقيقي يتمثل في استلهام مفاهيم وآليات الدولة المدنية في خطاباتهم واستراتيجياتهم نحو اليمن الجديد الذي ننشده جميعاٍ..
مطالباٍ في نفس الوقت أحزاب اللقاء المشترك بتحديد مفهوم وموقف واضحين من الدولة المدنية وأيضاٍ بدور للمجتمع المدني في ذلك.. لافتاٍ إلى أنه من باب تأكيد المصداقية فإن الجميع مطالب بتقديم مسودة مشروع للدولة التي نريدها.. وليس هناك مبرر لأي تسويف في هذا الموضوع..