الاختلالات العقلية كثيراٍ ماترتبط بالفقر والتهميش والحرمان الاجتماعي وهي اكثر ماتظهر في غمرة النزاعات والكوارث والبيئة التي تحترم وتحمي أدنى الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية عامل من العوامل الاساسية لتعزيز الصحة النفسية ومن الصعب كثيراٍ دون الأمن والحرية اللذين تكفلهما تلك الحقوق الحفاظ على مستوى عالُ من الصحة النفسية والعقلية.. ويعاني أكثر من 450 مليون شخص من اضطرابات نفسية..
وفي هذا السياق يرى الدكتور عبد الكريم زبيبة ـ استاذ علم النفس بجامعة ذمار أن الانسان المعاصر يعيش في زمن يزداد فيه القلق نتيجة للسرعة المتلاحقة في المتغيرات التي لاتترك له الفرصة للتأمل في ما يدور حوله وبالتالي ينشأ لديه أزمات نفسية وعقلية معقدة ومتداخلة وأي مجتمع يمر بأزمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو طبيعية »كوارث« أو غيرها يحصل لديه الاضطراب النفسي والعقلي.
لافتاٍ إلى أن الأزمات التي تمر بها الشعوب والأمم تهيئ لنشوء الاضطرابات المتنوعة كالاصابة بالصدمات النفسية وصدمات الحرب ومابعد الحرب كالتي تعرض لها المواطنون في الحصبة وأبين وغيرهما وارتفاع تكاليف الحياة المعيشية للمواطن اليمني بسبب التأثيرات النفسية الحادة الناتجة عن الأزمة السياسية الراهنة التي بدورها ادت إلى تأثيرات نفسية مباشرة نتيجة فقدان بعض الأسر لعائلها وانعدام المسكن وإلى تأثيرات غير مباشرة كالبطالة وزيادة الادمانات للكحول والسجائر والقات.
مؤكداٍ أن الازمات تساعد على ظهور الاعراض المرضية للقلق النفسي والعقلي لذا فإن اكثر الازمات نشأت بعد الحرب العالمية الثانية.
عصر القلق
مبيناٍ أن تعقد المشاكل المعاصرة في هذا الزمن جعل احتياجات الفرد كثيرة ومتعددة اكثر من احتياجات الجيل الأول »قديماٍ« نتيجة لزيادة الأخبار المزعجة والازمات المتلاحقة والكوارث التي بدورها تؤدي إلى أزمات نفسية وعقلية معقدة لذا يسمى العصر الحالي »عصر القلق والاكتئاب«.
منوهاٍ إلى أن الاضطرابات ذات منشأ تربوي مكتسب من المحيط والبيئة الأولى للفرد كالاسرة »الأبوين« والبيئة المحيطة ومن هذه الاضطرابات ماهو بيولوجي كالوسواس القهري والاكتئاب الخارجي البسيط والقلق والإفرازات الهرمونية وتعد الاضطربات العقلية أكثر خطورة من الاضطربات النفسية.
اختلالات
فيما يعتبر خبراء الصحة النفسية ان الاختلالات العقلية تصيب البشر على اختلاف ثقافاتهم ولا تستثني أي مرحلة من مراحل الحياة. وتشكل الاختلالات العقلية عامل إصابة بمشاكل صحية أخرى أو هي نتاج لها وكثيرا ما ترتبط بالفقر والتهميش والحرمان الاجتماعي. وهي تظهر أيضا أكثر ما تظهر في غمرة النزاعات والكوارث.
لافتين إلى أن النظم الصحية عبر العالم تجابه تحديات جسيمة تعوق تقديم خدمات الرعاية الصحية العقلية للمصابين بالاختلالات الشديدة وحماية حقوقهم الإنسانية أما الموارد المتاحة فليست كافية وتوزع على نحو غير متكافئ ولا تستخدم بكفاءة. ونتيجة لذلك لا تتلقى الغالبية العظمى من المصابين بالاختلالات العقلية أي رعاية على الإطلاق.
مشددين على ضرورة توسيع نطاق الخدمات على سبيل الأولوية ويقوم برنامج منظمة الصحة العالمية المعني بسد الفجوات في مجال الصحة العقلية بتحديد ما يلزم من استراتيجيات لتوسيع نطاق خدمات الصحة العقلية عن طريق إجراء تدخلات فعالة من حيث التكاليف في البيئات التي تعاني من شح الموارد. ويحث البرنامج الشركاء كافة – حكوماتُ ووكالاتُ متعددة الأطراف وجهات مانحة ومنظمات معنية بالصحة العامة وعاملين في مجال الصحة العقلية ومجموعات المستهلكين – على توحيد الصف للدعوة والعمل من أجل تحقيق هذا الهدف.
مؤكدين على ضرورة بذل مزيد من الجهود وعلى نطاق أوسع لإدماج الوعي بالصحة العقلية في جميع مناحي السياسة الصحية والاجتماعية وتخطيط النظام الصحي والعناية الصحية العامة الأولية منها والثانوية. فالصحة العقلية تكتسي أهمية قصوى في مجالات الرفاه الشخصي وتمتين الأواصر الأسرية وقدرة الفرد على المساهمة في المجتمع. و علينا في مناسبة اليوم العالمي للصحة العقلية أن نعترف بأنه لا صحة دون صحة عقلية.
مبينين أن هناك عوامل اجتماعية ونفسانية وبيولوجية متعددة تحدد مستوى صحة الفرد النفسية في مرحلة ما. فمن المعترف به مثلاٍ أن استحكام الضغوط الاجتماعية والاقتصادية من المخاطر التي تحدق بالصحة النفسية للأفراد والمجتمعات المحلية. وتتعلق أكثر البينات وضوحاٍ في هذا الصدد بمؤشرات الفقر بما في ذلك انخفاض مستويات التعليم.