كتب/عادل خاتم
المتابع للتاريخ النضالي لشعبنا اليمني يدرك مدى الارتباط الوثيق الذي تميز به هذا التاريخ الذي جسد من خلاله شعبنا اروع الملاحم الاسطورية في الخلاص من الاستبداد في الشمال والاستعمار في الجنوب انطلاقا من الاحساس المشترك بواحدية المصيرالذي انبثقت منه روح النضال الثوري الذي توج بانفجار ثورة 26 سبتمبر 1962 وثورة 14 اكتوبر1963 هاتان الثورتان هما من صنع الشعب الواحد في الشطرين آنذاك واليوم عندما نحتفل بالعيد ال48لثورة اكتوبر المجيدة دعونا نفتح صفحات تاريخها النضالي المشرق لنستحضر تلك التضحيات الجسيمة التي خاضها شعبنا في سبيل التحرر وتحقيق الاستقلال في جنوب الوطن من دنس الاستعمار الغاشم وذلك البركان الذي انفجر في وجه المحتل والذي تدفقت شراراته من جبال ردفان الابية والذي سرعان ما تداعى له السيل الهادر من الاحرار من مختلف المناطق اليمنية في بوتقة نضالية موحدة الفكر والاهداف ومستشعرة حجم المسؤولية الوطنية والتاريخية الملقاة على عاتقها والتي توجت بالانتصار العظيم الذي حققه شعبنا ضد المستعمر .
وبحكم الارتباط المصيري فليس بغريب على هذا الشعب عبر مسيرة نضالاته الطويلة التي قدم فيها قوافل الشهداء من ابر ابنائه والكثير من التضحيات الجسام قربانا من اجل الانتصار لارادته وثورته في الشمال والجنوب ان ينتصر على كل المؤامرات والدسائس التي كانت تحاك للحيلولة دون تحقيق الهدف الأسمى للثورة اليمنية وهو الوحدة هذا الهدف السامي الذي وحد الإرادات النضالية وظل الراسخ في قلوب كل اليمنيين ومصدر الجوهر الثوري الواحد..
لقد احس المستعمر ان الثورة اليمنية واحدة وإن تعددت مواقعها فلم يتوان في التواصل مع الفلول البائدة الفارة من ثورة 26سبتمبر من الشمال والتي انظمت الى جانبها كل القوى التقليدية في جبهة واحدة ضد ثورة 14 اكتوبرفلم يصمد هذا التآمر امام العزيمة الثورية للمناضلين كما لم تفلح كل المحاولات التامرية المتعددة في اجهاض العمل الثوري في كلا الشطرين وهذا ما يحكيه التاريخ بكل وضوح وشفافية فالحقيقة تقول ان جميع المحاولات الشطرية كانت تجلي اصالة وواحدية اليمن الطبيعي الذي لاتستطيع أي قوة في الارض ان تزحزح هذه الحقيقة الراسخة في نفوس ابنائه رسوخ جباله الشاهقة سواء خلال سنوات ماقبل انفجار ثورة سبتمبر او ما بعد انتصارثورة اكتوبر وما تلاهما من سنوات النضال والكفاح للحفاظ عليهما فمثلما لم يستطع المستعمر كسر مبدا التلاحم بين ابناء الجنوب واخوانهم القادمين من المناطق الشمالية للعمل في عدن من خلال سعيه الى بث العنصرية في طبيعة التعامل فقد أعيته حيل التمذهب والمصطلحات الاستعمارية التي بثها في اخر الستينات والتي كانت تعتبر الشطر الشمالي مواليا للغرب والشطرالجنوبي مواليا للشرق من غرس الشطرية بين اليمنيين لأن ولاءهم لليمن كان اكبر واسمى من كل هذه الترهات الاستعمارية بغض النظر عن تلك الهويات والشكليات التي اصطنعهانعم لم تفلح التسميات والتصنيفات الاستعمارية في تجذير التشطير فالولاء واحد وما انشطر سياسيا لم ينشطر اجتماعيا وثوريا وهذا ما جسدته الإرادة الثورية التي تلت سنوات الحفاظ على الثورة ففي الوقت الذي كانت تقاتل العدوان الرجعي والاستعمار المحتمي بالرجعية كان الشعب اليمني بشطريه يدافع عن الجمهورية في الشمال ويحفر قبر المستعمر في الجنوب في آن واحد فتذوق الحرية وتمتع ببواكير النصرعلى الاستعمار والرجعية في الشمال والجنوب معا انعكاسا لواحدية الاهداف وواحدية الاحساس بالمصير المشترك الواحد ايضا..
لقد وضعت كل تلك التامرات التي حاكها المستعمر واذياله من العملاء في الداخل والخارج جميع ابناء اليمن في الشطرين امام اختبارات صعبة لقدراتهم الوطنية في الحفاظ على هويتهم وثورتهم التي يتطلعون من خلالها الى تحقيق اهدافهم واحلامهم الوطنية في الحرية والتقدم والغد المشرق والتي على رأسها تحقيق الوحدة اليمنية المباركة ودفعوا في سبيل ذلك الثمن غاليا فالاحداث المؤسفة التي كان يمر بها الشطران والتي كانت متشابهة الى حد ما كانت تعطي مؤشرا واضحا لوجوه المؤامرة على واحدية اليمن وانعكاسا لواحدية اهدافه معا..فقد انخرطت الجماهير من مختلف مناطق اليمن في سلك الحرس الوطني فكونت جيش الثورة عام 63 وازداد هذا الجيش افواجا إلى افواج فقاتل العدوان في شمال الشمال واشعل فتيل الثورة في جنوب الوطن ذلك ان اليمن الواحد كان يلاقي عدوا موحدا فالقوى التقليدية التي انتظمت في جبهة واحدة ضد ثورة سبتمبر هي ذاتها التي وقفت حجر عثرة ضد احتمال تفجير ثورة 14 اكتوبر في الجنوب وهذه الجبهة ـحسب ما يؤكد المرحوم الاستاذ عبدالله البردوني في كتابه اليمن الجمهوري ـ “زادت تكاثرا ضد اليمن من شاه ايران إلى سلطان بيحان لهذا ـوالكلام للبردوني ـ اجج اليمن ثورة ردفان إلى جانب معارك سنوان والجوف وحرض وكان عام 64 هو عام تكامل الثورة اليمنية كثورة واحدة لشعب واحد ..ففي ذلك العام دخلت ثورة الشطر الجنوبي إلى قلب عدن وامتدت سيطرة ثورة الشمال الى صعدة والجوف وهنا عرف كل الاعداء ان اليمن واحد وان ثورته واحدة.