الآن ويمننا توشك على إيقاد الشعلة الثامنة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة تلك الثورة اليمنية التي أجبرت شمس أكبر أمبراطورية استعمارية عرفها التاريخ على الغروب ثمة بيننا من عاودهم حنين الخيانة والوشاية بالثوار إلى عودة ذلك العصر الاستعماري بأدوات جديدة.
خرجوا جماعات وأفراداٍ ينادون بتمزيق عباءة الجسد اليمني واستعادة مايسمونه اتحاد الجنوب العربي ذلك الاتحاد المسخ الذي أراده الاستعمار أداة قوية للبقاء في جنوب اليمن لكن ثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة بتضحيات أبطالها الأشاوس كانت قد أدركت أن شرعية بقاء الاستعمار البريطاني هي بشرعية استمرار هذا الاتحاد القائم على سياسة (فرق تسد) وأن الانتصار على الاستعمار وتحرير جنوب اليمن يبدأ من الانتصار على رقع الاتحاد والمحميات البريطانية والالتحام بين اليمن شمالا وجنوبا في ملاحم بطولية تاريخية صنعت بالأول 26 سبتمبر وبعدها بعام واحد كان فجر 14 من أكتوبر يشرق قويا ومبهرا ليؤكد للعالم أن وقت أفول شمس الإمبراطورية البريطانية وسدنتها قد جاء.
كتب/ فاروق الكمالي
ويعد رئيس دائرة العلاقات الخارجية وعضو المكتب السياسي بالحزب الاشتراكي اليمني محمد غالب أحمد المناداة باستعادة اتحاد الجنوب العربي إدانة لشرعية ثورة 14 أكتوبر المجيدة ولتضحيات أبطالها الأشاوس وللإنجازات المعروفة لدولة اليمن الديمقراطية في شتى مناحي الحياة.
ويتساءل غالب في وجه دعاة هذا المشروع (مصاصي دماء الثوار ) أين سيكون موقع حضرموت والمهرة إذا قام هذا المشروع¿ مؤكدا أن يافع العليا رفضت الدخول في ذلك الاتحاد المزيف حتى انتهائه.
مقدمات في طريق ليلة الثورة
يوضح الباحث المقدم ركن محمد عباس ناجي الضالعي في بحثه” ليلة ثورة 14 أكتوبر 1963 ومقدماتها” نشر في صحيفة 14 أكتوبر منذ عام أنه خلال الفترة 56 – 1958م يمكن القول أن (الثورة)في المحميات الغربية والشرقية شهدت اطراداٍ في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصرِ منذ قيامها في عام 1952م وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر.
ويشير الباحث إلى أن المقاومة الشعبية في الجنوب استفادت من الدعم المحدود الذي قدمه الإمام أحمد لهاº إلا أن التراجع الذي أقدم عليه الإمام أحمد بعد أن شعر بخطورة تنامي الوعي الوطني في الشمال والجنوب على حدُ سواء ضد حكمه والحكم البريطاني فتوصل إلى حلول مع البريطانيين قام إثرها بقطع كافة أشكال الدعم والمساندة عن رجال المقاومة الشعبية فكان نتاج ذلك زيادة الهجمة العسكرية البريطانية ضد القبائل الثائرة التي لم تجد معظمها – وخاصة القيادات – من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية أو الهجرة إلى دول عربية مثل الكويت والسعودية.
ويؤكد إن القيادات التي لجأت إلى الشمال قبل قيام ثورة “26 سبتمبر 1962م” حاولت أن تتخذ من الشمال قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر وتكوِنت في عام 1957م جبهة أسميت (العاصفة العدنية) بقيادة محمد عبده نعمان الحكيمي الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاٍ إذاعياٍ من إذاعة صنعاء باسم (صوت الجنوب) لكن الإمام رفض أي نشاط لهم في صنعاء فعملت مجموعة من المناضلين على تكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب وباشتراك عدد من رؤساء القبائل ومنهم : أحمد سالم الحميري وعمر سالم الدماني والعاقل حسن المجعلي وعبدالله مساعد المصعبي وناصر علوي السقاف ومحمد صالح الحوشبي والسلطان محمد عيدروس ومحمد صالح المصلي وعيدروس بن أحمد وأمذيب صالح بن فريد وأسسوا هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصرِ عام 1960م لكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة.
ويشير هنا إلى أن تلك المواقف التي اتبعها الحكم الإمامي في شمال اليمن ضد القيادات الوطنية كان له بالغ الأثر في تنامي القناعة لدى الثوار بضرورة التخلص من النظام الإمامي في صنعاء.
النصر في صنعاء والفرحة
في عدن
يوضح المقدم ركن/ محمد عباس ناجي الضالعي أنه عند إعلان قيام ثورة 26 سبتمبر صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر 1962م عبرت الجماهير اليمنية عن فرحتها بهذا الحدث العظيم في كل قرية ومدينة دون استثناء..لافتا بهذا الخصوص إلى أن تعبير الجماهير اليمنية في الجنوب المحتل حينها من قبل الاستعمار البريطاني كان له طابع مميز أظهر ثقل هذه الثورة وفجر طاقات الشعب الوطنية فقد خرجت الجماهير في شوارع مدينة عدن تردد الأناشيد الثورية المعبرة عن التأييد للثورة ونشطت اجتماعات القوى الوطنية وفي مقدمتها الحركة العمالية والأحزاب السياسية وبدأت طلائع المتطوعين للدفاع عن ثورة سبتمبر تتجه نحو عاصمة الثورة صنعاء منذ الأسبوع الأول لقيام الثورة وخاصة من المستعمرة عدن التي كانت الجماهير فيها أكثر وعياٍ وتنظيماٍ ثم تقاطرت أفواج المتطوعين من كل من لحج وأبين وشبوة والضالع ويافع وحالمين والأزارق والشعيب والصبيحة.. الخ.
جنوبيون في صنعاء شماليون
في عدن
ويضيف أنه بعد وصول أفواج المتطوعين من الجنوب إلى مدينة تعز عملت القيادة العربية المشتركة المكونة من القيادات العسكرية اليمنية والمصرية على توزيع المجاميع الأولى من المتطوعين الجنوبيين في ثلاث جبهات رئيسية هي:
1 – جبهة خولان : أرسلت إلى هذه الجبهة مجموعة مكوِنة من أكثر من (90) مقاتلاٍ معظمهم من العسكريين في المؤسسات العسكرية والأمنية الجنوبية الذين هربوا من وحداتهم بغرض التطوع للدفاع عن ثورة سبتمبر والعناصر الهاربة إلى الشمال قبل الثورة وقد عين قائداٍ لهذه المجموعة الرائد محمد أحمد الدقم من (الصبيحة) وكان من قيادات هذه الجبهة المناضل علي عبدالله السلال.
2 – جبهة الحيمتين : بلغ عدد أفراد هذه المجموعة حوالي (100) متطوع ومعظم أفرادها من العمال والطلاب والمدرسين الذين جاءوا من المستعمرة عدن وقد عين قائداٍ لهذه المجموعة الأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي.
3 – جبهة المحابشة في لواء حجة : بلغ عدد المجموعة أكثر من (120) مقاتلاٍ ومعظمهم من جبال ردفان وكانت هذه المجموعة بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة وأيضاٍ بقيادة الكبسي.
وقد أتى توزيع المتطوعين الجنوبيين على هذه الجبهات نتاجاٍ لأسباب عدة أهمها :
1 – ضراوة المعارك التي تشهدها تلك المناطق.
2 – تمكين أفراد المجموعات من القتال في جبهات ومواقع محددة ما يسهل التجانس في ما بينهم.
3 – اطمئنان القيادات العسكرية المصرية المتواجدة في تلك المناطق إلى عدم قدرة الاستخبارات العسكرية على اختراق أفراد تلك المجموعات.
4 – تمتع أفراد تلك المجموعات بروح الانضباط للأوامر.
إلا أنه يمكن الإشارة إلى أن هذه الجبهات لم تبقِ في ما بعد هي وحدها التي تم توزيع المتطوعين فيها من أبناء الجنوب بعد أن زاد عددهم فقد تم توزيعهم على معظم جبهات القتال ضد الملكية وتم إلحاقهم في صفوف الحرس الوطني والجيش حتى أن بعضهم تم إلحاقهم بالكلية الحربية كطلبة ليتخرجوا منها قيادات عسكرية مؤهلة في جبهات القتال أمثال : ثابت عبده حسين وعبد الله علي الضالعي وأحمد مهدي المنتصر وغيرهم.
مرتزقة الاستعمار موقف قديم يتكرر
كثيرا يقال أن التاريخ يكرر نفسه ولعل ذلك ماهو حاصل اليوم في المواقف الداعية إلى استعادة اتحاد الجنوب العربي بعد 48 عاما على التخلص من الاستعمار و21 عاما على إعادة وحدة الوطن”
ولعل هذا ما يمكن استخلاصه من خلال البحث المشار إليه حيث يوضح الباحث أن السلطات الاستعمارية البريطانية في الجنوب اليمني التي كان موقفها معادياٍُ لثورة “سبتمبر” منذ اليوم الأول لميلادها قامت بعد شهرين من قيام الثورة بتجميع بعض العناصر اليمنية المعادية للثورة وبعض المرتزقة الغربيين على حدود (بيحان – حريب) فعملت بعض المجاميع التي كانت متواجدة في الشمال قبل قيام ثورة “سبتمبر” في نهاية عام 1962م على إعادة تنظيم نفسها في إطار سياسي يمثل أبناء الجنوب أمام القيادة في صنعاء لعرض مشروع الكفاح المسلح عليها وسْميت هذه الجبهة (هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل) التي كان من أبرز نشطائها محمد عبده نعمان الحكيمي والسلطان محمد عيدروس ومحمد صالح المصلي والأمير عبد الحميد محمد سرور والرائد محمد أحمد الدقم ومقبل عاتق باعزب وعلي بن أبي بكر بن فريد وجعفان بن أبي بكر وأحمد سالم الحميري وسالم عمر الدماني وسالم علي معور الربيزي وأحمد علوي المصعبي ومنصور محمد عواس وأحمد مهدي المنتصر والمقدم محمد مفضل ومهدي عثمان المصقري وعبد الصفي صالح عوض الرجاعي وحظيت هذه الهيئة بدعم حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي وبعض القيادات في صنعاء وفي مقدمتها اللواء حسن العمري وتم افتتاح مقرها فوق باب دار السعادة حالياٍ (المتحف الوطني) في صنعاء إلا أن القيادات المصرية لم تكن راضية عن هذه الهيئة فلم تحضر افتتاح مقرها فاستمرت هذه الهيئة حتى مطلع عام 1964م ولكنها محدودة النشاط.
وفي هذه الفترة كان الخلاف بين القيادات المصرية والقيادات البعثية اليمنية ومعها بعض الوجاهات الاجتماعية واضحاٍ للعيان. كما أنه في بداية عام 1963م ازدادت العمليات العسكرية الموجهة ضد الثورة السبتمبرية والتواجد المصري في الشمال المدعومة من السلطات الاستعمارية البريطانية فبدأت القيادات العسكرية المصرية (الاستخبارات) تفكر بإيجاد إطار سياسي لأبناء الجنوب الموجودين في الشمال يستطيعون من خلاله تنظيم أنفسهم للقيام بعمليات عسكرية وقائية ضد التواجد البريطاني في الجنوب وهي في الأساس عمليات إرباكية أكثر منها هجومية فالقيادة المصرية كانت في تلك الفترة لا تود فتح جبهة أخرى على الحدود الجنوبية بينما كانت منشغلة في الجبهة الشمالية على حدود السعودية.
فاستغلت حركة القوميين العرب وبصورة ذكية هذا التوجه وخلافات القيادة المصرية مع البعثيين وبدأت الحركة التي كان يقودها في الجنوب فيصل عبد اللطيف الشعبي وفي الشمال مالك الإرياني تروج للكفاح المسلح وتعد العدة لإنشاء تنظيم منبثق عنها وأجرت اتصالات مع قياداتها في الخارج مثل جورج حبش ومحسن إبراهيم وهاني الهندي للاتصال بالزعيم جمال عبد الناصر للحصول على الضوء الأخضر لتأسيس ذلك الإطار ونقل قحطان محمد الشعبي من القاهرة إلى صنعاء ليقود هذا العمل بعد أنú تم تعيينه مستشاراٍ للرئيس عبدالله السلال لشؤون الجنوب وخلال تواجد قحطان الشعبي في صنعاء استطاع أن يلتقي العديد من الشخصيات الوطنية من أبناء الجنوب وينال ثقتهم.
التحرك نحو أكتوبر من صنعاء
في منتصف عام 1963م بدأ ضغط القوى الملكية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية وبريطانيا والدول الغربية الأخرى يزداد على الثورة في الشمال بينما القوى السياسية الجنوبية لم تستطع التوصل إلى إيجاد إطار سياسي جبهوي قادر على تخفيف الضغط على الثورة عندما يتطلب الأمر ذلك فعقد في منتصف شهر يونيو 1963م اجتماع بين أبناء الجنوب والشمال في منزل القاضي عبد الرحمن الإرياني “الكائن أمام القصر الجمهوري” ضم من الجانب الشمالي : عبد الرحمن الإرياني ومحمد محمود الزبيري ومن الجانب الجنوبي ناصر علوي السقاف وعبد الله محمد المجعلي وبخيت مليط الحميد وأحمد بن نمير العولقي.
كانت وجهة نظر الجانب الشمالي أنه من أجل تخفيف الضغط على الثورة لابد من فتح جبهة قتالية في عمق أراضي الجنوب فوافق الجانب الجنوبي على الفكرة ولهذا عقد اجتماع آخر في اليوم التالي في منزل عبدالحافظ قائد في القاع بصنعاء خاص بالجانب الجنوبي وقرروا فيه تشكيل لجنة اتصال مهمتها الإعداد والتهيئة للثورة في الجنوب مكوِنة من 12 شخصاٍ (6) ممثلين لحركة القوميين العرب و(6) ممثلين لتشكيل “القبائل.. وفي مطلع شهر أغسطس 1963م عاد ممثلو حركة القوميين العرب فرع الجنوب إلى تعز وبدأ التشاور لتشكيل جبهة للكفاح المسلح فحصلت الجبهة على التسمية (الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل) وتشكلت من سبعة تنظيمات وعقد الاجتماع في 19 أغسطس 1963م في تعز.
انطلاق المارد الردفاني
يقول الباحث أن انطلاقة ثورة 14 أكتوبر قد تعرضت للتشويه بقصد أو بدون قصد..مشيرا إلى أنه قيل إن انفجار الثورة وقع عندما اصطدم الثوار العائدون من الشمال مع دورية بريطانية عن طريق الصدفة وغيره من الأقوال التي لا تمت للحقيقة بصلة.
وبهذا الخصوص يوضح أنه عندما كانت مجاميع المتطوعين للدفاع عن ثورة سبتمبر من أبناء الجنوب تقاتل في المناطق الشمالية أصدرت بريطانيا قانوناٍ يحرم ذهاب أبناء الجنوب للدفاع عن ثورة سبتمبر كما نص القانون على أن على كل العائدين من الشمال أن يقوموا بتسليم أسلحتهم وما لديهم من ذخائر وقنابل ودفع ضمانة قدرها خمسمائة شلن (درهم) وعندما عادت بعض المجاميع من الشمال إلى مناطقها قدمت ضمانات بعدم العودة بواسطة السلطات المحلية.
ويشير إلى أن القيادات الجنوبية والشمالية ناقشت مع مجموعة الثائر راجح بن غالب لبوزة التي كانت تتأهب للعودة إلى ردفان بعد مشاركتها في الدفاع عن ثورة سبتمبر لعدة أشهر أسلوب التصرف مع القانون البريطاني فكان رد أبناء ردفان أنهم لن يسلموا أسلحتهم لبريطانيا وأنهم عازمون على مواجهة السلطات البريطانية في حالة تطبيق هذا القانون عليهم وقد سبق وأن ذكرنا آنفاٍ أن تشكيل القبائل قد أْعلن في بيان 5 يونيو (1963م) عزمه على تفجير الثورة المسلحة ضد المستعمر البريطاني.
عند خروج مجموعة الثائر لبوزة من صنعاء كانت طريق عودتهم (صنعاء – إب – قعطبة – الضالع – حالمين – ردفان) وأثناء مرورهم بمدينة إب التقى لبوزة المقدم أحمد بن أحمد الكبسي قائد اللواء الذي كانت تربطه بـ “لبوزة” عِلاقات وثيقة جمعتهم فيها أعمالهم القتالية في جبهة المحابشة فطلب الكبسي من لبوزة دراسة الأجواء في ردفان للقيام بالثورة مؤكداٍ استعداده لدعم تفجير الثورة بعد أن يتم الإعداد لها وتنظيم الجماهير في ردفان حتى تصبح الظروف مهيأة من الجوانب كافة كما شرح له بأن الأوضاع في الشمال لا زالت غير مستقرة واقترح الكبسي على لبوزة أنه نتيجة لعدم وجود السلاح في ردفان بإمكانه تجهيز مجاميع جديدة للمشاركة في الدفاع عن ثورة سبتمبر من جهة وتدريبها وتسليحها وإعادتها إلى ردفان كقوةُ مدربة على القتال.
عادت المجموعة إلى ردفان نهاية شهر أغسطس 1963م فاستقبلتها الجماهير في كل المناطق التي كانت تمر فيها.
ومن أجل إخضاع هذه المجموعة وجهت السلطات البريطانية بعدم عودتهم بأيام إنذارات شفهية تطلب منهم تسليم أنفسهم مع أسلحتهم ودفع غرامة مالية تقدر بخمسمائة شلن (درهم) على كل فرد مع وضع ضمانات بعدم عودتهم إلى الشمال مرةٍ أخرى إلا أن إنذاراتها لم تلقِ استجابة.
لهذا وجه الضابط السياسي البريطاني في الحبيلين (ميلن) خطاباٍ كتابياٍ باسمه وباسم نائب المشيخة في ردفان محمود حسن علي لخرم إلى راجح بن غالب لبوزة ورفاقه جاء فيه:
إلى حضرة الشيخ راجح غالب لبوزة ورفاقه العائدين من الجمهورية العربية اليمنية
السلام عليكم
وبعد : لقد تلقينا نبأ وصولكم من الجمهورية العربية اليمنية إلى وطنكم الجنوب العربي بين أهلكم في ردفان وأنتم تحملون الأسلحة والقنابل وعليه فإنه يتوجب عليكم الحضور إلى عاصمة ردفان (الحبيلين) ومقابلة الضابط البريطاني المسؤول السياسي البريطاني والنائب محمود حسن علي للتفاهم معكم وبحوزتكم الأسلحة والقنابل مع خمسمائة شلن (درهم) ضمانة بعدم عودتكم إلى اليمن وأن حكومتكم حكومة اتحاد الجنوب العربي سوف تضمن بقاءكم ما لم فإنكم سوف تنالون العقاب الشديد من حكومة بريطانيا وحكومتكم حكومة اتحاد الجنوب العربي.
والسلام عليكم
المستر ميلن
إلى حضرت الضابط السياسي البريطاني المرابط في الحبيلين
النائب محمود حسن علي
نائب مشيخة القطيبي
16 / 9 / 1963م
لبوزة : حكومتنا هي حكومة الجمهورية العربية اليمنية
بعد استلام لبوزة للإنذار البريطاني دعا رفاقه والمواطنين إلى اجتماع في قرية تتوسط قرى ردفان وأطلعهم على محتوى الإنذار وطلب منهم رأيهم في الرد على بريطانيا فكان رد الجميع بعدم الاستسلام ,وتم تشكيل لجنة من أربعة أشخاص لكتابة الرد على بريطانيا. ولأن لبوزة لم يكن يجيد القراءة والكتابة فقد كتب الرد أكثر من أربع مرات من قبل شخص آخر وجاء فيه :
إلى حضرة الضابط السياسي البريطاني المرابط في الحبيلين والنائب محمود حسن علي نائب مشيخة القطيبي :
لقد استلمنا رسالتكم الموجهة إلينا بخصوص عودتنا من الجمهورية العربية اليمنية التي تضمنت تسليم أسلحتنا وكل ما بحوزتنا من قنابل وغرامة خمسمائة شلن وضمانة بعدم عودتنا إلى اليمن وتسليم ذلك إلى حكومة الاتحاد.
نحن نعتبر حكومتنا هي الجمهورية العربية اليمنية وليس حكومة الاتحاد ونحن غير مستعدين لكل ما في رسالتكم ونعتبر حدودنا من الجبهة وما فوق وأي تحرك لكم من تجاوز حدودنا فنحن مستعدون لمواجهتكم بكل إمكاناتنا ولا تلوموا إلا أنفسكم.
والسلام ختام
الشيخ راجح بن غالب لبوزة
عن مجموعة العائدين إلى ردفان من الجمهورية العربية اليمنية
28 / 9 / 1963م
وقبل أن يْغلق المظروف الذي وْضع فيه الرد أخرج لبوزة طلقة رصاص (عيلمان) من حزامه ووضعها داخل المظروف فكان ذلك تحدياٍ فسره كل طرف حسب فهمه وأهدافه.
لم تتبع السلطات البريطانية الرد المباشر على رد الثوار ولكنها استخدمت الأساليب الاستخبارية وفي يوم 13 أكتوبر 1963م خرجت دورية استطلاعية بريطانية من الحبيلين وقامت باختطاف أحد رفاق لبوزة من إحدى المزارع فتم إبلاغ لبوزة بالواقعة فتحرك من منزله الذي كان يبعد عن الحبيلين حوالي 25 كم الساعة الثالثة عصراٍ والتحقت به المجاميع أثناء مروره في القرى المؤدية إلى الحبيلين.
وعند وصوله إلى جبل البدوي الذي يبعد عن الحبيلين حوالي خمسة كيلو مترات الساعة الثامنة مساءٍ بغرض التحضير للهجوم على مركز القيادة البريطانية في تلك اللحظة وصله بلاغ أن القوات البريطانية سوف تتقدم في اليوم التالي إلى وادي (المصراح) الواقع أسفل الجبل فقرر أن تكون المواجهة في الوادي..
فيما ينادون بتمزيق عباءة الجسد اليمني لبوزة للمستعمر : حكومتنا هي الحكومة اليمنية وليس حكومة الاتحاد
التصنيفات: مكافحة الفساد