كتب/محمد مطير:
حذر خبراء اقتصاديون من تداعيات الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد على الاقتصاد اليمني منوهين أن استمرار الأوضاع كما هي سيؤدي إلى انكماش اقتصادي حيث أن مؤشرات الاقتصاد تدل على القرب من حافة الانهيار وتراجع النمو الاقتصادي مسبباٍ أضراراٍ كبيرة بشريحة الفقراء وارتفاع نسبة البطالة والفقر في المجتمع وانخفاض الدخل للأفراد وارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك بالإضافة إلى أن اليمن سيدخل مرحلة الجوع التي تتمثل في عدم قدرة الملايين من الناس على الوفاء بمتطلبات الغذاء الأساسية وفقاٍ لما تشير إليه الإحصائيات الرسمية منوهاٍ بأن 7 . 5 مليون يمني يعانون من نقص الغذاء قبل الأزمة التي تمر بها البلاد حالياٍ منذ الثالث من فبراير وبحسب منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فان واحداٍ من كل ثلاثة يمنيين يعانون من الجوع وأكد خبراء الاقتصاد أن اليمن يواجه اليوم انهياراٍ اقتصادياٍ بسبب استنزاف موارده منذ بدء الاحتجاجات اليمنية والتي تقدر خسائرها بنحو 8 مليارات دولار الأمر الذي أصبح معه وضع الاقتصاد في البلاد يمر بمرحلة صعبة حيث دلت مؤشرات الاقتصاد على القرب من حافة الانهيار والذي يتمثل في إعلان إفلاس عدد كبير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة بعد توقف البرنامج الاستثماري للدولة بصورة كاملة فضلاٍ عن حالات الشلل التي ضربت قطاعات السياحة والقطاع المصرفي وقطاع المقاولات والإنشاءات وقطاع النقل والخدمات وغيرها.
مشيراٍ إلى أن نسبة الفقر وصلت في البلاد إلى 52٪ وأن الوضع سوف يتفاقم بصورة سلبية في حال استمرار الوضع كما هو وأن حوالي ثلث القوى العاملة في البلاد عاطلة..
وأفاد تقرير حديث للبنك المركزي عن التطورات المصرفية أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك قد ارتفع إلى 130 . 55 نقطة في نهاية شهر ابريل الماضي من العام الحالي مقارنة بـ129 . 49 في نهاية مارس الماضي.
ووفق التقرير فإن ذلك يعكس نسبة تضخم شهري في نهاية شهر ابريل مقداره 0 . 82٪ في حين بلغ التضخم السنوي في الفترة ذاتها 15 . 99٪ مقارنة مع 16 . 17٪ نهاية شهر مارس من العام الحالي.
وأوضح مسؤول كبير في الصندوق الدولي ان اليمن حقق تقدماٍ طيباٍ في معالجة اختلال الموازين المالية الذي يؤثر على اقتصاده لكن تناقص الانتاج النفطي والاضطرابات في اليمن يفاقم من صعوبة الأمر وأن وضع الاقتصاد اليمني لا يزال صعباٍ خاصة مع اعتماد البلاد على القطاع النفطي المتراجع والذي يسير في اتجاه التناقص مما يجعل الوضع الاقتصادي أصعب.
فشل النمو
وفقاٍ لمؤشرات البنك الدولي تعد اليمن الدولة الأفقر في منطقة الشرق الأوسط والتي أفادت أن معدل دخل الفرد السنوي في اليمن بلغ 1060 دولاراٍ وأن اليمن قد فشلت في تحقيق النمو الاقتصادي خلال فترة الاستقرار النسبي وحتى اندلاع الاحتجاجات.
ويفند خبراء الاقتصاد اليمنيون سبب الفشل في تحقيق النمو الاقتصادي بأنه يتمثل في البداية في ضعف المؤسسات الاقتصادية في اليمن وإهمال سياسات النمو الاقتصادي القوية الأمر الذي أدى إلى توزيع غير فعال للموارد العامة بحيث يتم انفاق معظم الموارد على انشطة غير انتاجية وبشكل لا يساعد على تحقيق النمو الاقتصادي الأمر الذي أوجد بيئة مناسبة للفساد داخل مؤسسات الدولة خاصة في ظل وجود مورد وحيد يوفر الريع للدخل للخزانة العامة يغنيها عن فرض الضرائب هو الذي يشجع السلطة الحاكمة على المضي في تلك السياسات التي تكرس هشاشة الدولة.
انخفاض الاحتياط
وعلى صعيد آخر تعاني اليمن التي شهدت طفرة في عائدات النفط في السنوات الأخيرة تراجعاٍ كبيراٍ في انتاج النفط من جهة وفي اسعاره من جهة أخرى وهو ما أوجد ضغوطاٍ على الاحتياطي النقدي للبلاد خاصة أن عائدات النفط تمثل 90٪ من عائدات الصادرات و70٪ من الإيرادات المالية وقد أدت هذه التطورات إلى تنامي عجز الموازنة في اليمن في السنتين الأخيرتين.. واضطرت الحكومة اليمنية في منتصف العام 2010م وبعد أن فقد الريال قرابة 30٪ من قيمته أمام الدولار خلال بضعة أيام إلى التدخل للمحافظة على سعره وهو ما ساهم بين عوامل أخرى في انخفاض احتياطي البلاد من النقد الأجنبي من 7 . 1 بلايين دولار مع نهاية 2009م إلى قرابة 6 بلايين دولار بنهاية 2010م.
وتشير بعض التقديرات إلى أن الاحتياطي النقدي الحالي يغطي حاجات البلاد من الواردات لثمانية أشهر فقط.
وفي هذا السياق تؤكد وزارة التخطيط والتعاون الدولي على أن انعدام المحروقات النفطية تسبب في تراجع النمو الاقتصادي اليمني بنحو 14 . 5٪ مما ألحق أضراراٍ كبيرة بشريحة الفقراء نتيجة ارتفاع البطالة وانخفاض الدخل بنسبة تراوحت بين 30 . 26٪.
تعقيدات
ويشير عبدالمجيد البطلي خبير التخطيط والتنمية في اليمن إلى أنه بعد انفجار الأزمة السياسية وخروج المعارضة إلى الشارع حدثت عدد من العوامل التي أثرت في الكميات المتوفرة أولها تفجير أنبوب النفط خط مارب – الحديدة فضلاٍ عن التعقيدات السياسية والأمنية في البلاد والتي أسهمت في إعاقة وصول الإمدادات إلى كثير من المناطق أما العامل الثالث فيكمن في انقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى زيادة الطلب من قبل المؤسسات والأفراد لتوليد الطاقة المصاحبة لظهور سوق غير نظامية رفعت من مقدار المخزون لدى المضاربين والمحتكرين ومحدودية قدرة الحكومة على استيراد النفط..