نور باعباد
أواصل العرض لكتاب: (القرية شيء من الماضي) للكاتب عبد الله علي عبد الله النويرة .أفسح الكاتب حيزا لفئة اليهود ( التي تعمل بالحدادة والنجارة والفضة ويكسبون مبالغ باهظة وهي فئة محمية بحمى الإمام )وهي مسؤولية الدولة وفقا للشريعة الإسلامية تجاه أهل الذمة وفي الأصل اليمن أدانت باليهودية قبل الإسلام والقلة بقت ومنهم هؤلاء , يستطرد الكاتب بأن اليهودي ( لا يحمل سلاحاٍ وله غرزان – ضفيرتان- من شعره على صدغيه- زنار- يميزانه عن المسلم والاعتداء عليه عيب كبير , لا يوجد تمييز بين الأطفال وأما الكبار فهم منزوون في تجمعاتهم ويمارسون طقوسهم الدينية كأن يذبح الحاخام لهم وان تكون البقرة هزيلة لأن الشحم محرم وينفخوا رئتها للتأكد من سلامتها من السل , كانوا يعيشون عيشة هانئة ويدفعون ريالا واحداٍ للإمام وليس عليهم أي ضرائب أو زكاة ولا يشتركون في الحروب لذا كانوا أكثر الفئات اكتنازا للأموال) .
يشرح الكاتب حياة القرية ( أما نساء القرية فيبدأ عملهن بعد صلاة الفجر بجلب علف المواشي من الحقول و الماء من البئر الوحيد وعلى مسافة أكثر من ساعة ثلاث أو أربع مرات يوميا وتبلغ المعاناة ذروتها اذا ما تتعثر وتسقط تنكة الماء , ينتظرها تغذية البقر والأولاد وهز الحليب المتخمر واخذ السمن منه ثم طحن الحبوب على المرهاة وهي طاحونة من الحجار تطحن عليها الحبوب لعمل اللحوح والفطير لأسرتها والعمال. تحرص النساء على الزيارات العصرية فتجهز قهوة القشر بالنبات مع مجموعة من الرياحين تضعها تحت ياقة قميصها وتحت أذنها وتلبس قطعا فضية وخاتما فضيا كبيراٍ ,عندما يقترب المغرب تعود لتدخل البقر إلى الغرف السفلى من المنزل. أنصف الكاتب المرأة ( تقيم المرأة ورشة عمل متكاملة , هناك موقد -من الحديد عليه عدة جمنات وأواني الطبخ …لا يخلو الأمر من متاعب وجهد فهي تضيف الماء لخض الحليب كما تقدم بقايا قشر القهوة للبقر وتوفر الحطب والعلف والماء من بعيد.ليس هناك حجاب فملابسها تغطيها ويوضح ان الأشغال الشاقة لا تترك مجالاٍ للزينة او اللعب , عمل متواصل منذ الفجر حتى العشاء حين تأوي للنوم كالجثة الهامدة ) ويستطرد : الجبال التي تتحرك فيها شاهقة وبمسافات بعيدة وأحمال ثقيلة مما ينهكها إضافة لسوء التغذية فلا تنوع غذائي , ارثها تورثه للأولاد , هي في الغالب والولادة , تحمل كل سنتين وتتكرر لدى الغالبية عشر مرات ,معاناة وفيات الأطفال كبيرة تـبدأ في المهد بسبب الأمراض الوبائية فالجدري والحصبة والطاعون والسعال الديكي والسل ودودة غينيا … لا يكاد يخرج مرض حتى يعود بل هناك اسر كاملة تموت وتبلغ معاناتها(كثرة الولادات وسوء التغذية وممارستها معظم العمل وهي حامل وقد تضع وهي في الحقل) يصور الكاتب تعاون النساء حين يذهبن مجموعات من 3-10 لجلب الماء والحطب من أحراش بعيدة جدا , كما يتعاون في أفراحهن وأتراحهن لذا فالأسر تحاط بكل القرية في ذلك. أما الأطفال لكل فئة عمرية ونوع , عمل منذ نعومة الأظافر فرعي البقر قاسم مشترك وليس هناك مكان لعاطل منهم .
أما التعليم فهو قراءة وكتابة وقران كريم وقليل من الحساب والتاريخ من مدرس واحد تعينه الدولة تدفع له القرية وتوفر الصف عبارة عن غرفة طويلة بها دكه وذات أرضية ترابية لا كراسي ولا طاولات , الأسر القادرة يتعلم أبناؤها , يقف الطالب ليقرأ ما تعلمه البارحة ومن لم ينجح يأخذ علقة ساخنة بعصي قوية من المعلم .أما البنات يقبعن في زاوية الصف , الأسر الفقيرة ترشي الشيخ كون التعليم إجباريا بأمر الإمام , يحضر الطلاب البيض والحبوب والزيت وبعض المال -بقشة او بقشتين .نظام التعليم غريب (بدائي) فكل صف من الطلبة في الغرفة يعني مرحلة تعليمية ,لا يوجد دفاتر أو كتب , كل طالب لديه لوحة خشبية وعلبة تراب ابيض به ماء وريشة من الخيزران ويمسح ما كتبه بكم قميصه !!!يتعلم الطلاب بطريقة التلقين بصوت عال القاعدة البغدادية وحفظ القرآن والأحاديث النبوية ويقوم الطالب الجيد بتعليم زملائه . يزور الممتحن وهو مفتش من القضاء المدرسة ويستمع للطلبة تحت شجرة كبيرة ويوجه أسئلة ثم يحتفل الجميع بالتخرج وخاصة خاتم القرآن بركوبه الحصان وطوافه وتقيم أسرته وليمة كبيرة ويحصل المعلم على مكافآة مجزية غالبا من الموسرين أما الفقراء فنادرا ما يصلون لذلك (لأن الحقول فاتحة فاهها والقراءة لا تؤكل عيش) أما الطفلة فتبدأ بعمل المنزل تدريجيا بالعناية بإخوتها فنظافة البيت ثم جلب الماء بإناء من مسافات يتدرج إلى مستوى تنكة في عمر أل12 سنة ثم تجلب العلف من المزارع والحطب و تتدرب بمرافقة القريبات , أما التعليم فإن الأسرة الموسرة ترسل بناتها وهن قليلات جدا ..