وبِشر المؤمنين (3)
علي بن عبدالله الضمبري❊
> »الذين يذكرون الله قياما وقعوداٍ وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم « (التوبة 2122) لأنه ـ وعلى الصعيد النفسي ـ يحصل للذاكرين الله كثيراٍ والذاكرات شعور متدفق بسعادة غامرة وأفراح عامرة وهدوء نفسي واطمئنان قلبي »الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب « (الرعد 28) وعلى الصعيد العقلي يقضي ذكر الله على صاحبه تفكيراٍ عقلانيا منطقيا برهانيا لأن العقل قد عقل وضبط وربط نفسه بالله ولم يلجأ إلى ماسواه فلم يجزع ولم يفزع ولم يطمع ولم يخضع ولم يخنع بل جعل شعاره »أسلمت لرب العالمين « (البقرة 131) ولذلك يبشره البشير النذير بهذه البشارات :
1- »من قال إذا أصبح : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبياٍ فأنا الزعيم لأخذن بيده إلى الجنة « رواه الطبراني في الكبير.. قال العلامة أبو الفضل عبدالله بن محمد الصديق الحسني الإدريسي في كتاب »تمام المنة ببيان الخصال الموجبة للجنة« صفحة 73 : »استنبطت من هذا الحديث مسألة .. (وهي أن الله) يحب من عبده أن يبدي رضاه به رباٍ وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا رسولا ويكون إبداء رضاه طوعا واختياراٍ لايشوبه ضغط ولا إكراه.
٢- »من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله وحدك لاشريك لك وأن محمداٍ عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه ومن قالها ثلاثاٍ أعتق الله ثلاثة أرباعه فإن قالها أربعاٍ أعتقه الله تعالى من النار « رواه البخاري في الأدب المفرد برقم 1201 والنسائي في »عمل اليوم واليلة« برقم 9 صفحة 138 ..
3- »سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ماصنعت أبؤ لك بنعمتك عليِ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت« من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة رواه البخاري٦٠٣٦..
٤- »من قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غْرس له بكل واحدة منهن شجرة في الجنة« رواه الطبراني بإسناد حسن وروى أبي ماجه مثله وصححه الحاكم.
٥- »من قرأ آية الكرسي بعد كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت« رواه النسائي والطبراني وأبي حبان.
»من قرأ سورة الإخلاص حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصراٍ في الجنة« رواه أحمد في المسند
أحاسنكم أخلاقاٍ
أرجو كل الرجاء ألا يتوهم القراء أن من حافظ على الصلاة والصيام وحج واعتمر وذكر الله وتصدق وزكى…. وفعل العبادات لكنه سيئ الخلق غليظ الطبع فظ القلب بارد الأحاسيس قاسي المشاعر.. يكون بمنجاة من العقوبة فقد أخبرنا النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه فقال »ورْب مصلُ لا أمانة له« وقال »كم من صائم حظه من صيامه الجوع والعطش« وأن الله لا يقبل زكاة ولا صدقة من مال حرام كالربا والغش والاحتكار والاختلاس والتزوير…إلخ
إن نبينا الأعظم صلى الله عليه وسلم »رسول من الله يتلو صحفاٍ مطهرة ❊ فيها كتب قيمة« البينة»٢« علمه ربه ديناٍ قيما«وأنزل عليه القرآن بكل قيمه ومبادئه »ولم يجعل له عوجاٍ ❊ قيماٍ« الكهف»٢« ولذلك حذرنا معلمنا الأعظم من كل الأخلاقيات السيئة العاتية القاسية وحض على كل خلق سيئ وحث على كل سلوك طيب وحذرنا من كل خلق دنيء فقال:»ألا أخبركم بأهل النار¿ كل عتل جواظ مستكبر«رواه الشيخان.. واعتل: الجافي العنيف القاسي »الجواظ: الفظ الغليظ المستكبر المغرور« وحينما سألوه عن امرأة »تصوم النهار وتقوم الليل ولكنها تؤذي جيرانها.. قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه »هي في النار« أي إنها لم تنفعها صلاتها في إبعادهاعن الفحشاء والمنكر ولم يفدها صيامها لتحسين أخلاقها وتغيير سلوكياتها.. وفي الجانب المقابل بل في الاتجاه المعاكس يجب أن نقرأ هذه البشارات: ١ـ سْئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما أكثر ما يدخل الناس الجنة¿ فقال: تقوى الله وحسن الخلق« رواه أحمد والترمذي رقم ٤٠٠٢. وأبي ماجه 4246 فربط بين معاملة الحق بالتقوى ومعاملة الخلق كلهم.
٢ـ »ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وإن الله بغض الفاحش البذيء« رواه الترمذي ٣٠٠٢ وهنا بشارة تفيد أن »حسن الخلق ثقيل في ميزان المسلم والمسلمة بل ربما أثقل من صيام التطوع وصلوات النوافل لأنه يعكس صدق التدين لله.
3ـ »إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم « أبوداود 4798 وصحح الألباني في صحيح الجامع رقم1932.
4ـ »أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه« رواه أبوداود 2019 وفي السلسلة الصحيحة 273 ألاتكفي هذه البشرى النبوية لنعمل على تحسين أخلاقنا جميعا¿!!
5ـ »إن من أحبكم إليِ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا « رواه الترمذي 2019 وهو في صحيح الجامع 2201
٦ـ »أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا« رواه أحمد 450/2 والترمذي 1162 أي لن يكتمل الإيمان إلا بكمال حسن الأخلاق ولن أعلق على هذه البشارات بل سأقول لكل مؤمن ومؤمنة..هنيئاٍ لكما كل خلق طيب وقول جيد وتكفير نير وعمل خير هنيئاٍ لمن حسنت أخلاقه ورقت طباعه ودامت ابتسامته وعرف تواصفه بل كان رقيق القلب رفيق المعشر سهل المخالطة سمح المعاملة دمث السلوك جميل المحضر.. أقول لكل من اتصف بهذه الصفات: أقرأوا أخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم انظروا كيف كان يتعامل في بيته.. كان أباٍ رؤوفاٍ عطوفاٍ وزوجاٍ رفيقاٍ مدحه الله منذ الأزل وإلى الأبد بقوله »وإنك لعلى خلق عظيم«
تأملو أساليب تعامله مع الناس ورحمته بالآخرين رفقه بالمذنبين هدايته للحائرين موقفه من المخالفين.. ارحموا الآخرين كما كان رحيماٍ وأشفقوا على العصاة – وكلنا عصاة – كما كان شفيقاٍ
لو فعلتم كل ذلك ولوطبقتم أخلاقه وانتهجتم نهجه »أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون« فصلت »31« لأنه وعدكم وقال »أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه«..
فلنعمم ولنعمق قيم الحب والود والتناصر والتناصح والعفو والتسامح ولنتعامل بود ونتآلف برحمة ونتقارب بأنس ونتواصل ببر ونتعاون بتقوى ونتآزر بقوة ونحسن بمعروف ونحب وبصدق ونبذل بسخاء ونفطر بكرم ونتعلم بمعرفة ونعمل بعلم ونرحم برأفة ونستقم بثبات ونتعفف بورع ونزهد بإخلاص ونصرف من غير إسراف ونوفر بدون بخل وننتبه بيقظة من أجل الوصول إلى »بيت في أعلى الجنة« بإذن الله.<
❊مدرس بكلية التربية – جامعة عدن
وبِشøر المؤمنين (3)
التصنيفات: نور على نور