مثلما يضفي على المجتمع الوقار والسكينة
تدريب الأطفال على الصيام يعزز الانضباط السلوكي
< يحرص الكثير من الناس أن يعودا صغارهم على أداء شعائر الدين قبل سن التكليف استشعاراٍ منهم لمبدأ التدرج في تربية الصغار لتتعمق تلك الشعائر في نفوسهم فلا يهملونها عند الكبر..
ومن تلك الشعائر العظيمة »صيام رمضان« فكثيراٍ ما نرى هؤلاء الصغار قد تغلبوا على أنفسهم وتناسوا الجوع والعطش فصاموا من ساعات النهار ما أمكنهم ذلك وان كانت ساعات قليلة إلا أنها تفتح لهم أبواباٍ للولوج إلى عالم الكبار والشعور بمعية الله والقرب منه
تحقيق/ بشير راوح
أم عبدالرحمن تحافظ على صيام رمضان منذ أن بلغت التاسعة من عمرها فكيف كان ذلك¿
تجيبنا بنفسها فتقول: منذ صغري وأهلي يشجعونني على الصيام خاصة أمي فمنذ أن كنت في السابعة بدأت أمي تعودني على الصيام وكنت فعلاٍ أصوم حتى إذا اشتد علي الجوع أو العطش تبادرني أمي باعطائي شيئاٍ من الطعام والشراب وتقول لي ما شاء الله الآن وقت الافطار..
ومرة تلو أخرى كنت أتدرج في الصيام من ساعات قليلة حتى الظهيرة ثم العصر إلى أن بلغت المغرب وبتشجيع الجميع لي وتهنئتي بذلك زاد عزمي على الاستمرار في الصيام طوال رمضان بعد ذلك العام وفعلاٍ كان ذلك بكل سهولة ويسر بعد التدرج فيه خطوة خطوة..
تدريب وليس واجبا
يؤكد الشيخ مراد القدسي خطيب جامع الامام الشاطبي بصنعاء – على أهمية تعليم الصغار على الصيام قبل سن البلوغ فيقول:
صيام الأطفال من الأمور التي يعودون عليها بالتدريج كعبادة الصلاةة ونحوها من الأخلاق حتي يعتادوا عليها منذ الصغر وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: »مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم لعشر«.
وهنا قال أهل العلم أن المقصود من هذا الأمر هو تعويد الأطفال على سائر العبادات كالصلاة والصوم ونحوهما.
ولذلك قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى »الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعاٍ فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة فإذا بلغوا الحلم وجب عليهم الصوم.
ومن المعلوم أن هذه العبادات ليست بواجبة عليهم ولا يحاسبون عليها.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم »رفع القلم عن ثلاثة… ثم ذكر الحديث منهم الصبي حتى يحتلم«.
والسن التي يجب فيها القيام بسائر التكاليف الشرعية ومنها صيام رمضان هي سن البلوغ..
الجانب النفسي
لا شك أن للجانب النفسي دورا هاما في بيان الوسائل الفعالة لتدريب الأطفال على الصيام وتجنيبهم الحاجز النفسي المتمثل في مشقة الصيام مع بيان الآثار الايجابية لصيام الصغار وعن ذلك يحدثنا الدكتور منصور الشرجي استشاري الطب النفسي بمستشفى الرسالة للأمراض النفسية فيقول:
تدريب الصغار على صيام رمضان نوع من التعويد على الانضباط السلوكي بشكل عام خاصة عندما يتعلم الأطفال الصيام منذ الصغر بشكل غير مبالغ فيه.
ولذلك يتم تحبيب الصغار بالصيام والقيام بطاعته وسوف ينمو هذا المبدأ في نفس الطفل مع مرور الزمن ولا ينبغي أن يفرض الصيام على هؤلاء الصغار كوجوب أو بشرة لأن فرض الصيام والمبالغة فيه تخلق النفور في نفس الطفل أما اليسر فيؤدي إلى المحبة العقلية للصيام.
أما خوف الأطفال من مشقة الصيام والتعرض للجوع والعطش فيؤكد »الشرجي« على أن المعالجة السليمة لذلك وإزاللة حواجز الخوف والتردد تأتي بالتدرج والتلقائية والتدرب التدريجي على الصيام كأن نخبرهم أن الكبار يصومون حتى المغرب أما الصغار فيصومون حتى العصر بذلك يشعر الطفل أنه استطاع أن يصوم الصوم المطلوب وبذلك تتحقق النتائج المرجوة.
إضافة إلى استخدام الوسائل الفعالة لتحفيزهم على المضي قدماٍ في الصيام وتحمل التعب كالهدايا وبدلة العيد والتشجيع المستمر.
ويؤكد »الشرجي« على أهمية العوامل الايجابية لصيام الصغار وأثر ذلك على المجتمع عموماٍ فيقول:
لا شك أن من أهم ايجابيات صيام الصغار أولا السيطرة على مشاكلهم بحيث تقل حركتهم والفوضى الناتجة عن ذلك إضافة إلى المعاني السامية والقيم النبيلة التي يتعلمها الصغار أثناء ساعات الصوم فتأتي الرحمة على غيرهم عند الاحساس بألم الجوع ويأتي الصبر عند مغالبة متاعب الصيام إضافة إلى كثير من الأخلاق التي تتحقق في الأطفال بسبب الصيام وذلك يضفي على المجتمع نوعا من الوقار والسكينة وسلامة الصدر إجمالاٍ وتكون النتيجة من ذلك بناء مجتمع مسلم قوي..
مخاوف صحية
كثير من الآباء والأمهات لا يفضلون أن يصوم ضغارهم خاصة إذا كانوا يعانون من نحافة الجسم وذلك اعتقاداٍ منهم بأن الصيام قد يضر بصحتهم..
إلا أن الدكتور »أحمد لطفي« استشاري الأطفال وحديثي الولادة بالمستشفى السعودي الألماني يؤكد أن المخاوف من الصيام مع وجود النحافة في الطفل ليس لها أساس صحيح إذا كان الخوف من النحافة عموماٍ فالنحافة قد تكون نحافة طبيعية أصل البنية نحيف أو قد تكون من سوء التغذية.. وهناك نحافة مرضية لوجود مرض في جسم الطفل كالقلب أو الكلى أو الكبد وغيرها وهذه النحافة المرضية قد تمنع صيام الطفل إذا ما قرر الأطباء المختصون ذلك ولذلك لا ينبغي أن يخشى الآباء من صيام أبنائهم وعليهم أن يشجعوهم على ذلك وعليهم الاهتمام بالضبط الصحي لتغذية الأطفال هذا في حال النحافة الطبيعية التي يؤكدها المختصون ويرى الدكتور أحمد لطفي أن السن المناسب لتعليم الصغار الصيام من سن الثامنة أو التاسعة وليكن صيامهم حسب استعدادهم ولا يتم إلزامهم بالإيفاء بساعات الصيام التي استعدوا أن يصوموها ولكن بالتدريج والتيسير يستطيع الصغار أن يتجنبوا مصاعب الصيام ولذلك فإن التدريب التدريجي على الصيام منذ الصغر يكون سبباٍ لسهولة الصيام عند البلوغ وبالتأكيد أن قدرة الصيام عند الصغار تتفاوت من طفل لآخر..
وأيضاٍ تتفاوت موانع الصيام من طفل لآخر فهناك بعض الأمراض تمنع صيام الأطفال كالسكري مثلاٍ ولذلك يحرص الأطباء على استقرار السكر ثم السماح للطفل بالصيام.. وكذلك أمراض الكْلى والكبد وقد تمنع صيام الأطفال في بعض الحالات.
باللين والرحمة
لا شك أن البذرة الطيبة لا تعطي إلا ثماراٍ طيبة وتعليم الصغار منذ نعومة أظافرهم على حب الصيام وغيره من شعائر الدين لا بد أن يكون رصيداٍ لهم يعينيهم على التغلب على الحواجز التي تحول بينهم وبين الله تعالى وتغلبهم أيضاٍ على أهوائهم وشهواتهم كما أنها حسنة لمن شجعهم وآزرهم في دنياه وآخره ولا شك أن الولد الصالح شجرة مثمرة في الدنيا وبعد الموت فلا يزال يدعو لوالديه أحياء وميتين ولذلك كان لزاماٍ علينا أن نبادر في تربية الصغار على الدين وها نحن نعيش أروع بيئة لتربية الصغار على ذلك في أيام وليالي شهر رمضان المبارك ففي النهار نعلهم الصيام وفي الليل نعلمهم القيام.. ولكن بالرحمة والمحبة والشفقة واللين واليسر دون فرض أو إجبار أو عقاب فإن ذلك جميعاٍ ينفر ولا يقرب ويبغض ولا يجيب قال تعالى: (ولو كنت فظاٍ غليظ القلب لانفضوا من حولك)..>
< يحرص الكثير من الناس أن يعودا صغارهم على أداء شعائر الدين قبل سن التكليف استشعاراٍ منهم لمبدأ التدرج في تربية الصغار لتتعمق تلك الشعائر في نفوسهم فلا يهملونها عند الكبر..
ومن تلك الشعائر العظيمة »صيام رمضان« فكثيراٍ ما نرى هؤلاء الصغار قد تغلبوا على أنفسهم وتناسوا الجوع والعطش فصاموا من ساعات النهار ما أمكنهم ذلك وان كانت ساعات قليلة إلا أنها تفتح لهم أبواباٍ للولوج إلى عالم الكبار والشعور بمعية الله والقرب منه
تحقيق/ بشير راوح
أم عبدالرحمن تحافظ على صيام رمضان منذ أن بلغت التاسعة من عمرها فكيف كان ذلك¿
تجيبنا بنفسها فتقول: منذ صغري وأهلي يشجعونني على الصيام خاصة أمي فمنذ أن كنت في السابعة بدأت أمي تعودني على الصيام وكنت فعلاٍ أصوم حتى إذا اشتد علي الجوع أو العطش تبادرني أمي باعطائي شيئاٍ من الطعام والشراب وتقول لي ما شاء الله الآن وقت الافطار..
ومرة تلو أخرى كنت أتدرج في الصيام من ساعات قليلة حتى الظهيرة ثم العصر إلى أن بلغت المغرب وبتشجيع الجميع لي وتهنئتي بذلك زاد عزمي على الاستمرار في الصيام طوال رمضان بعد ذلك العام وفعلاٍ كان ذلك بكل سهولة ويسر بعد التدرج فيه خطوة خطوة..
تدريب وليس واجبا
يؤكد الشيخ مراد القدسي خطيب جامع الامام الشاطبي بصنعاء – على أهمية تعليم الصغار على الصيام قبل سن البلوغ فيقول:
صيام الأطفال من الأمور التي يعودون عليها بالتدريج كعبادة الصلاةة ونحوها من الأخلاق حتي يعتادوا عليها منذ الصغر وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: »مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم لعشر«.
وهنا قال أهل العلم أن المقصود من هذا الأمر هو تعويد الأطفال على سائر العبادات كالصلاة والصوم ونحوهما.
ولذلك قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى »الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعاٍ فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة فإذا بلغوا الحلم وجب عليهم الصوم.
ومن المعلوم أن هذه العبادات ليست بواجبة عليهم ولا يحاسبون عليها.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم »رفع القلم عن ثلاثة… ثم ذكر الحديث منهم الصبي حتى يحتلم«.
والسن التي يجب فيها القيام بسائر التكاليف الشرعية ومنها صيام رمضان هي سن البلوغ..
الجانب النفسي
لا شك أن للجانب النفسي دورا هاما في بيان الوسائل الفعالة لتدريب الأطفال على الصيام وتجنيبهم الحاجز النفسي المتمثل في مشقة الصيام مع بيان الآثار الايجابية لصيام الصغار وعن ذلك يحدثنا الدكتور منصور الشرجي استشاري الطب النفسي بمستشفى الرسالة للأمراض النفسية فيقول:
تدريب الصغار على صيام رمضان نوع من التعويد على الانضباط السلوكي بشكل عام خاصة عندما يتعلم الأطفال الصيام منذ الصغر بشكل غير مبالغ فيه.
ولذلك يتم تحبيب الصغار بالصيام والقيام بطاعته وسوف ينمو هذا المبدأ في نفس الطفل مع مرور الزمن ولا ينبغي أن يفرض الصيام على هؤلاء الصغار كوجوب أو بشرة لأن فرض الصيام والمبالغة فيه تخلق النفور في نفس الطفل أما اليسر فيؤدي إلى المحبة العقلية للصيام.
أما خوف الأطفال من مشقة الصيام والتعرض للجوع والعطش فيؤكد »الشرجي« على أن المعالجة السليمة لذلك وإزاللة حواجز الخوف والتردد تأتي بالتدرج والتلقائية والتدرب التدريجي على الصيام كأن نخبرهم أن الكبار يصومون حتى المغرب أما الصغار فيصومون حتى العصر بذلك يشعر الطفل أنه استطاع أن يصوم الصوم المطلوب وبذلك تتحقق النتائج المرجوة.
إضافة إلى استخدام الوسائل الفعالة لتحفيزهم على المضي قدماٍ في الصيام وتحمل التعب كالهدايا وبدلة العيد والتشجيع المستمر.
ويؤكد »الشرجي« على أهمية العوامل الايجابية لصيام الصغار وأثر ذلك على المجتمع عموماٍ فيقول:
لا شك أن من أهم ايجابيات صيام الصغار أولا السيطرة على مشاكلهم بحيث تقل حركتهم والفوضى الناتجة عن ذلك إضافة إلى المعاني السامية والقيم النبيلة التي يتعلمها الصغار أثناء ساعات الصوم فتأتي الرحمة على غيرهم عند الاحساس بألم الجوع ويأتي الصبر عند مغالبة متاعب الصيام إضافة إلى كثير من الأخلاق التي تتحقق في الأطفال بسبب الصيام وذلك يضفي على المجتمع نوعا من الوقار والسكينة وسلامة الصدر إجمالاٍ وتكون النتيجة من ذلك بناء مجتمع مسلم قوي..
مخاوف صحية
كثير من الآباء والأمهات لا يفضلون أن يصوم ضغارهم خاصة إذا كانوا يعانون من نحافة الجسم وذلك اعتقاداٍ منهم بأن الصيام قد يضر بصحتهم..
إلا أن الدكتور »أحمد لطفي« استشاري الأطفال وحديثي الولادة بالمستشفى السعودي الألماني يؤكد أن المخاوف من الصيام مع وجود النحافة في الطفل ليس لها أساس صحيح إذا كان الخوف من النحافة عموماٍ فالنحافة قد تكون نحافة طبيعية أصل البنية نحيف أو قد تكون من سوء التغذية.. وهناك نحافة مرضية لوجود مرض في جسم الطفل كالقلب أو الكلى أو الكبد وغيرها وهذه النحافة المرضية قد تمنع صيام الطفل إذا ما قرر الأطباء المختصون ذلك ولذلك لا ينبغي أن يخشى الآباء من صيام أبنائهم وعليهم أن يشجعوهم على ذلك وعليهم الاهتمام بالضبط الصحي لتغذية الأطفال هذا في حال النحافة الطبيعية التي يؤكدها المختصون ويرى الدكتور أحمد لطفي أن السن المناسب لتعليم الصغار الصيام من سن الثامنة أو التاسعة وليكن صيامهم حسب استعدادهم ولا يتم إلزامهم بالإيفاء بساعات الصيام التي استعدوا أن يصوموها ولكن بالتدريج والتيسير يستطيع الصغار أن يتجنبوا مصاعب الصيام ولذلك فإن التدريب التدريجي على الصيام منذ الصغر يكون سبباٍ لسهولة الصيام عند البلوغ وبالتأكيد أن قدرة الصيام عند الصغار تتفاوت من طفل لآخر..
وأيضاٍ تتفاوت موانع الصيام من طفل لآخر فهناك بعض الأمراض تمنع صيام الأطفال كالسكري مثلاٍ ولذلك يحرص الأطباء على استقرار السكر ثم السماح للطفل بالصيام.. وكذلك أمراض الكْلى والكبد وقد تمنع صيام الأطفال في بعض الحالات.
باللين والرحمة
لا شك أن البذرة الطيبة لا تعطي إلا ثماراٍ طيبة وتعليم الصغار منذ نعومة أظافرهم على حب الصيام وغيره من شعائر الدين لا بد أن يكون رصيداٍ لهم يعينيهم على التغلب على الحواجز التي تحول بينهم وبين الله تعالى وتغلبهم أيضاٍ على أهوائهم وشهواتهم كما أنها حسنة لمن شجعهم وآزرهم في دنياه وآخره ولا شك أن الولد الصالح شجرة مثمرة في الدنيا وبعد الموت فلا يزال يدعو لوالديه أحياء وميتين ولذلك كان لزاماٍ علينا أن نبادر في تربية الصغار على الدين وها نحن نعيش أروع بيئة لتربية الصغار على ذلك في أيام وليالي شهر رمضان المبارك ففي النهار نعلهم الصيام وفي الليل نعلمهم القيام.. ولكن بالرحمة والمحبة والشفقة واللين واليسر دون فرض أو إجبار أو عقاب فإن ذلك جميعاٍ ينفر ولا يقرب ويبغض ولا يجيب قال تعالى: (ولو كنت فظاٍ غليظ القلب لانفضوا من حولك)..>