تعطلت الحياة في مدينة قندهار -ثاني أكبر المدن الأفغانية- على مدى أكثر من ثلاثين ساعة يوم السبت الماضي بسبب أكبر وأطول هجوم تشنه حركة طالبان ضد مراكز حكومية وأمنية في قلب المدينة منذ الإطاحة بها عام 2001 .
ويعلق صحفي غربي متخصص في تغطية الحرب في أفغانستان بأنه لم يستغرب هذا الهجوم حيث إن هجمات منظمة كثيرة وقعت من قبل في مختلف المدن الأفغانية ولكنه تفاجأ بعدم قدرة القوات الأفغانية والأجنبية على حسم الموقف بسرعة رغم ما لديها من إمكانات هائلة في قندهار.
يضاف إلى ذلك توقيت الهجوم الذي جاء بعد قرابة أسبوعين على فرار نحو خمسمائة من مسلحي طالبان من سجن قندهار المركزي وبعد خمسة أيام على إعلان الولايات المتحدة أنها قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية نفذتها في مدينة إبت آباد الباكستانية.
مرحلة جديدة
الحكومة الأفغانية اعتبرت الهجوم ردا على مقتل بن لادن في حين وصفه البرلمان بأنه مؤشر على مرحلة عسكرية وسياسية جديدة دون توضيح المقصود من المرحلة الجديدة.
وقد علق رئيس الوزراء الأفغاني السابق أحمد شاه أحمد زي على هذه التصريحات بالقول إن أول ضحية لمقتل بن لادن سيكون مشروع المصالحة الوطنية الأفغانية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن مقتل بن لادن لا يدع مجالا للتفكير في المصالحة حيث إن “العواطف الشعبية بشكل عام باتت مؤلبة ضد الأميركيين وأصبحت المصالحة من الماضي في ذاكرة الناس فكيف هي بالنسبة لمسلحي طالبان الذين قرروا الانتقام كما هو واضح¿!”.
أما الرسالة الثانية التي وجهها هجوم قندهار كما يرى أحمد زي فعنوانها “القول للقوات الأميركية والأجنبية: ارحلوا” والتأكيد أن الحركة ستقاتلهم حتى النهاية “فقد قدمت طالبان عشرات المسلحين في عملية خطرة جدا وقتل منهم بحسب الحكومة الأفغانية 23 من بين مائة مسلح قالت الحركة إنها دفعت بهم لعملية انتحارية ضخمة”.
ويشكك أحمد زي في صحة التحليلات التي تقول إن من شأن مقتل بن لادن دفع الولايات المتحدة إلى عملية سلام سريعة مع طالبان تفسح للقوات الأميركية المجال لخروج سلس وذلك بعدما حققت هذه القوات “نصرا” أمام شعبها بقتل عدو الولايات المتحدة الأول.
وأشار في ذلك إلى أن روح الانتقام لدم بن لادن أكثر من روح البحث عن مخرج للأزمة الأفغانية وأن مقتله قرب الفوارق الفكرية بين طالبان والقاعدة في المرحلة الحالية في إشارة إلى تركيز طالبان على “مقاومة المحتل محليا” مقابل تركيز القاعدة على “الجهاد العالمي”.
جهل بطالبان
ويرى بعض المراقبين الغربيين في كابل أن اصطياد قادة طالبان قد يكون أسهل من قادة تنظيم القاعدة الذين يعتمدون سرية كبيرة في أنشطتهم خلافا لقادة طالبان الذين يتنقلون كثيرا ويتواصلون مع وسائل الإعلام.
وبمقتل بن لادن فإن قادة طالبان قد يلجؤون إلى الحوار وهو رأي رد عليه أحمد زي بأن الغربيين ما زالوا يجهلون أو يتجاهلون طبيعة الشعب الأفغاني والطبيعة الفكرية لحركة طالبان..واستشهد على ذلك بوصية الشيخ يونس خالص -أحد قادة المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفياتي السابق- بمقاتلة الأميركيين حتى لو كان مقتل كل منهم في أفغانستان يقابله مقتل عشرة أفغان إلى أن تخرج القوات الأميركية من البلاد نهائيا.
ويعلق بعض المحللين على مقتل بن لادن بالقول إن هذا الأخير نجح -بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001- في جر الولايات المتحدة إلى مستنقع أفغانستان وقد رحل بن لادن بعد قرابة عشر سنوات تاركا واشنطن في حرب لا تعرف لها نهاية أو بتعبير أحد المواطنين الأفغان في العاصمة كابل “قتل أسامة لكن الحياة قد لا تعود إلى أفغانستان قريبا”..