أنور نعمان راجح
كنا نبكي ونتباكى على حصار العراق في زمن الحصار وعلى غزة وأهلها الذين حاصرتهم اسرائيل ولم تزل تحاصرهم وإن لم نعد نهتم بذلك ولا دموعنا تسيل من أجلهم لأن مشاغلنا أكبر وأكثر من أن تبقي مجالاٍ للتفكير بغيرنا ولو كانوا من ذوي القربى كنا نتعاطف مع كل محاصر ونتحدث عن قيم الدين والإنسانية وعن حقوق الإنسان ونلعن اليهود والنصارى والغرب المؤيد والصامت على ما حدث وما يحدث من تصرفات من قبل اسرائيل وهي تقطع الوقود على كهرباء غزة فتجبر سكان غزة على العيش في بحر الظلام وكثيراٍ ما قلنا غزة تغرق في الظلام بسبب غياب الوقود عن محطة الكهرباء وكثيراٍ ما كنا نلعن الظلام والظالمين ونناشد العالم العمل على وقف الصلف الاسرائيلي ومن قبل ذلك شجبنا العدوان الأميركي الغربي على العراق ودعونا الله ليل نهار أن يفك الحصار عن أهله بعدما عجزنا.
نحن العرب والمسلمين لم نفعل شيئاٍ لأهل العراق للتخفيف من معاناتهم كانت أحاديثنا في الليل والنهار عن وحشية الغرب في العراق واسرائيل في غزة نصب عليهم- الغرب واسرائيل – اللعنات لأنهم منعوا ويمنعون وصول امدادات الغذاء والوقود عن الأماكن المحاصرة وتذكرنا الأحاديث النبوية التي تدل على ذلك الحصار وبكينا وانتخبنا وزرعنا أيامنا وكل مساحات أوقاتنا بالحقد والكراهية على من يحاصر أهلنا في العراق وفلسطين بالطبع كان موقفنا صائباٍ إذ لا يمكن السكوت على حصار الأبرياء من الناس نساءٍ وأطفالاٍ وشيوخاٍ ومرضى وفقراء وكل الفئات التي نتخيلها اليوم نحن أمام مفارقة عجيبة في اليمن تدفعنا نحو التساؤل من الذي يحاصر الناس فيمنع وصول الغاز والوقود إلى القرى والمدن في الظلام¿ كنا تنفسنا الصعداء بعد دخول محطة مارب الغازية للكهرباء وقلنا وداعاٍ للانطفاءات المتكررة فمن الذي يضرب محطة الكهرباء وأبراجها ليغرق المدن في الظلام¿ من الذي استغل ويستغل الظرف الراهن لمحاصرة الناس بأهم شيء يحتاجه الأغنياء والفقراء على حد سواء ويحتاجه أعضاء الحزب الحاكم وأعضاء أحزاب اللقاء المشترك والمستقلون وهم الغالبية العظمى من سكان اليمن¿
من الذي يحاصرنا¿ لماذا لا ندعو عليه كما دعونا على أميركا واسرائيل¿ لماذا لا نتحدث عن غياب القيم الإنسانيةعن الذين يحاصروننا في هذا البلد ويقطعون عنا الغاز والكهرباء¿ ألا يفضحنا هذا أمام الذين دعونا عليهم وشتمناهم بكل الشتائم لأنهم حاصروا اخوتنا في العراق وغزة¿ بالطبع هم لا يحاصرون أهلهم واخوانهم كما نفعل كما أنهم يتراجعون في لحظة من قبل حدوث الكارثة وعندما تصبح الأمور على النحو الذي يمس القوت اليومي للناس ألا يثبت هذا أننا قد تجاوزنا كل الذي انتقدناه عند غيرنا¿ ألا يدل على أن أزمتنا مع القيم الأخلاقية والإنسانية أكبر مما نتهم به غيرنا¿¿!..