تب/ محرر الصفحة:
أينما وجدت الديمقراطية وجدت حرية التعبير وأينما سادت حرية التعبير دلت على وجود الديمقراطية كقرين شرطي بين الحرية والديمقراطية وهنا تقتضي الضرورة خلق آليات تنظم هذه الحرية وفق أسس وقواعد تشريعية تتوافق والحرية يتم صياغتها بصورة مدروسة وعلى درجة عالية من الدقة تحفظ قداسة هذه الديمقراطية السائدة في البلاد بحيث يتم بناء على مضمونها التفريق والتمييز بل وإيضاح الحدود الفاصلة بين حرية التعبير وحرية الفوضى أو إثارة الفوضى والعنف.. في بلادنا وبحسب العديد من الباحثين والمتابعين فإن حرية التعبير التي تنبثق منها طبعاٍ وبصورة رئيسية حرية الصحافة والإعلام موجودة ومكفولة دستورياٍ وقانونياٍ للجميع وبلا استثناء لكن المشكلة تكمن هنا في التعاطي مع أطر هذه الحرية.. فتعرض أي صحافي للمساءلة- مثلاٍ- لا يعني بحال من الأحوال تغييباٍ لحرية الصحافة بل هو دليل على حراك ديمقراطي يحدث في أي قْطرُ يؤمن بالديمقراطية فضلاٍ عن أن العديد من الصحافيين اليوم لا يعطون أهمية لقانون الصحافة والمطبوعات رقم (٥٢) لسنة ٠٩٩١م أي أن هنالك جهلا بنصوص التشريعات المتصلة بالمهنة التي لو اطلع عليها فإنها لا محالة ستمكنه من التعاطي بل استخدام الحرية المكفولة في أداء مهنته بأسلوب أكثر مهنية وموضوعية وستحميه بالضرورة من التعرض للمساءلة القانونية أو غيرها من الاعتداءات والانتهاكات فالصحافي الذي يتعامل مع الصحافة بمهنية ولديه إلمام بالقانون لا يلجأ للمحاكم هذا ما يؤكد عليه أستاذ الاتصال الدكتور عبدالملك الدناني. ويضيف: أن المتتبع لواقع الصحافة اليمنية يلاحظ أنها شهدت منذ العام ٠٩٩١م نهضة كبيرة بفضل قانون الصحافة والمطبوعات رقم (٥٢) لسنة ٠٩٩١م فدستور الجمهورية اليمنية كما ضمن التعددية السياسية ضمن أيضاٍ حرية الرأي والتعبير.
سقف الحرية
فيما يرى أستاذ الإعلام الدكتور محمد عبدالجبار سلام أن الصحافة في اليمن متميزة سواء من حيث الممارسة العملية أو من حيث الأسس التشريعية والقضائية حيث يعطي قانون الصحافة والمطبوعات رقم (٥٢) مساحة واسعة للحريات العامة إلاِ أن بعض الصحف تجاوزت سقف الحرية التي يمنحها القانون من الناحية المهنية والأخلاقية والالتزام بالثوابت الوطنية حيث صارت اليوم بعض وسائل الإعلام تدعو إلى الفوضى لذا ومن أجل الحفاظ على هذه الحرية الصحافية لابد من مراعاة الثوابت المهنية والأخلاقية!!
الخطاب الإعلامي
بالمقابل يرى أستاذ الإعلام الدكتور عبدالرحمن الشامي: أن الخطاب الصحافي غير مسؤول في كثير من أوقاته وغير واعُ فهو اتهامي وتجهيلي في صحافة الحكومة وانفعالي في صحافة الأحزاب وتابع أحياناٍ وغير مهتم في الصحافة الأهلية.
وعن واقع المهنية في الصحافة اليمنية يؤكد الشامي: أنها لم تتأسس لها القواعد والشروط التي تكسبها هوية ديمقراطية ومهنية خالصة تجعلها تسهم بشكل مؤثر في العملية المجتمعية الصحافة الحزبية- ورقية والكترونية- لا توجد فيها مهنية مطلقاٍ.. الأمر الذي يؤدي إلى نظرة مجتمعية سلبية نحو الصحافي فهو انتهازي ومبتز بالمعلومات فضلاٍ عن أن ثقة الجمهور بالصحافيين تكاد تكون مفقودة حيث ينظر إليه وكأنه صاحب مهنة إعلانية دعائية تهدف للإثارة ليس إلاِ وبالتالي فإن رسالة المهنة في واقع كهذا هي شكل من أشكال السفسطائية العبثية حيث تفرغ »الحرية« من قيمتها وأخلاقيتها على خلفية العلاقات المشحونة بالخيارات المسبقة التي يتمترس عندها وعليها المشتغلون بالمهنة..
تتساءل الأستاذة نادية السقاف رئيسة تحرير »يمن تايمز« في مداخلة لها قائلة: لماذا لا تؤثر الصحافة الأهلية على الرأي العام في اليمن¿!
وتجيب: ربما لسببين رئيسيين الأول: أن الإعلام المقروء يصل فقط إلى نسبة أقل من ٠٣٪ من السكان وغالباٍ ما يكون قراء الصحف هم أنفسهم الذين يكتبونها. وهذا الأمر لا يقتصر على اليمن فقط بل ينتشر في الكثير من المجتمعات الديمقراطية.
والسبب الثاني: الفشل وهو غياب المهنية والمصداقية في الإعلام اليمني ككل وبالذات في الصحافة المقروءة. وربما يعزى غياب المهنية إلى العمر القصير للصحافة اليمنية الحديثة لكن الأمر المثير للاهتمام أن عدم وجود قراء يؤدي إلى عدم اكتراث الصحافيين بالمهنية ومن ثم إلى خسارة القراء أنفسهم وهكذا ندور في حلقة مفرغة ربما إلى أن نجد أنفسنا بلا صحافة ولا قراء.
تصحيح المفاهيم
وتضيف السقاف في ذات السياق: والملاحظة التي تعتبر في غاية الأهمية هي دور وسائل الإعلام في تصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة أو الاعتقادات النمطية فوسائل الإعلام المقبولة والموثوق في مصداقيتها تستطيع تغيير الكثير من سلوكيات المجتمعات التقليدية ولقد ساهمت وسائل الإعلام بلا شك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في توضيح التناقضات بين الحضارتين الشرقية والغربية وللأسف فقد قامت الكثير من وسائل الإعلام بتعزيز الصور النمطية بدل البحث عن الحقيقة وتغييرها.
وبالتالي على صحافتنا بناء على كل ما ذكر سلفاٍ دراسة مجتمعاتها والتقرب من قرائها لمعرفة مايهمهم وما يحركهم لتستطيع أن تكون امتداداٍ لهم وعوناٍ لدعم قضاياهم..