من يطلع اليوم على إحصائيات الجهات ذات العلاقة بمكافحة الفساد وحماية المال العام يجد انها لا تبشر بخير على الاطلاق.. صحيح أنه مهم حصر أو استرداد ما تم نهبه واختلاسه لكن الأهم هو الوقوف على المعدلات المحققة في الوقاية من الفساد واتساع رقعة الحماية وارتفاع درجات الوعي بمخاطر الفساد وتداعياته الكارثية.
أما أن تزيد معدلات السرقات والسطو والنهب لممتلكات وأموال الدولة وتتفاقم من عام لآخر.. فهنا تكمن الكارثة الحقيقية التي مفادها ان وسائل وآليات مكافحة الفساد وعمليات خلق رأي عام واسع ضدها قد باءت كلها بالفشل.. وان ما يتم اكتشافه وفضحه من جرائم فساد لا يبعث على الاعتزاز والفخر مطلقاٍ بل انه ينبئ بفداحة الخطر وجسامة المصاب.. اذ لا يمكن قياس عمليات مكافحة الفساد بمقدار ما يتم اكتشافه.. ولو كان حجمه كبيراٍ أو ضخماٍ.. بل بقدر ما تكون طرائق المكافحة وآلياتها قد حققت الأهداف المرجوة منها في تراجع ظاهرة الفساد ولو بمعدلات بطيئة ومتواضعة لكن ان يزيد حجم الفساد ويتسع من محافظة إلى أخرى وبمعدلات كبيرة عاماٍ إثر آخر.. فهذا لا يطمئن البتة إلى نجاح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد حتى ولو تم إحاطتها بإجراءات وعقوبات تصل حد الإعدام.. لأن العبرة تكمن في مدى الوقاية والمنعة وارتفاع درجة الوعي.. وليست في اتساع أو ضيق منظومة العقوبات وان كانت مهمة غير انها ليست الأهم تراتبياٍ.
سمير الفقيه
