عادل عبدالاله
«الاعلام رسالة الحقيقة ولكن من وجهة نظر صانعيها» .. هكذا يمكن لنا تعريف الرسالة الاعلامية اليوم اذا ما اردنا الانتصار لها ولو من خلال مساحة صغيرة لا تكاد تذكر في بلاط صاحبة الجلالة الاقدم سحرا وغموضا وجاذبية والاكثر تنوعا واتساعا والاغزر انتاجا لكل ما نعرفه من الجديد الذي يظل قديما مهما امتزجت أوراقه وعباراته بالالوان وتشكلت ملامحه بخيوط الضوء او تجسد طيفا مفعما بالحياة صوتا وصورة .
كم نحن في حاجة للاعتراف بأن رسالة الحقيقة اصبحت أشد منا حاجة لقول الحقيقة الخالصة التي تؤكد أن رسالة الإعلام ما تزال تحمل وجهة نظر صانعيها منذ عصر صحيفة الاغريق والرومان المفردة مرورا بكل المدونات التاريخية وانتهاء بصحيفة عصر الفضاء المفتوح والصحافة الالكترونية.
اليوم تخرج المسيرات والتظاهرات في مختلف العواصم والمدن العربية للمطالبة بحرية الرأي والتعبير وتتهم السلطات باحتكار الاعلام وتسخيره لنقل وجهة نظرها بما يخدم بقاءها والغاء الاخر ولأن الحرية التي يسعى اليها المطالبون لا تعني تفعيل دور الرسالة الاعلامية وتوجيهها لخدمة المجتمع ونقل همومه ومشاكله وقضاياه في مختلف المجالات بقدر ما تعني استلام الآخر زمامها واستغلالها وتوجيهها لخدمة مصالحه وأجنداته السياسية والثقافية والأيديولوجية ومن ثم إلغاء الآخر الذي كان سلطة ذات يوم وهي الحقيقة التي يمكن لنا قراءتها وملامستها وتتجسد في ساحات الاعتصامات والتي تؤكد أن المطالبيين بالتغيير أكثر حرصا على مصادرة رأي الأخر في نفس الوقت الذي يتهمون فيه الاعلام الرسمي بالانحياز للسلطة ويتعمدون تجاهل ان السواد الأعظم لا يشاركونهم نفس الرأي .. مفارقات عجيبة نعيشها اليوم لكنها ومهما كانت سلبياتها تؤكد أن مهنة المتاعب بمفهوم الواقع اليوم أصبحت أكثر إتعابا وإيلاما للمجتمع الذي أصبح يؤمن بخلو المساحات الحرة من الحرية في كل وسائل الاعلام ويدرك ان مفهوم حرية الرأي والرأي الاخر لم تتجسد بعد ولا يمكن تجسيدها او بلوغها سواء في دول العالم
«العاشر» او في دول العالم الأول العالم الحر كما يحلو للغرب تسميته..