لم تأت هذه الحزبية بخير على مجتمعاتنا وأوطاننا بل كانت سبباٍ للتفرق والشتات والاختلاف وسبباٍ لسفك الدماء وتبادل الاتهامات والأكاذيب والافتراءات بين المتحزبين ضد بعضهم البعض. استطاعت الحزبية اقتحام كل مجالات حياتنا وكانت هي المتحكم والمسيطر على تعاملاتنا مع من حولنا بناءٍ على الانتماءات الحزبية.. أخبروني ماذا قدمت لنا الحزبية وفي ماذا خدمتنا وخدمت أوطاننا¿! ما هي الأحزاب¿! أنها عبارة عن تسميات أهداف برامج قوانين أسس وكل هذه الأشياء وضعها أفراد يعني بشر فهل يجوز لنا التنفيذ والالتزام بأسس وقوانين ومبادئ بشرية ونقدمها على الأوامر الألهية التي نزلت وفرضها رب البشر ألا نشعر بأننا جعلنا ولاءنا الحزبي قبل ولائنا الألهي وقبل ولائنا الديني وقبل الولاء الوطني¿! ربما نحن لا نشعر بأن هذا هو ما نقوم به وهو ما أصبحنا نلتزم به نحن لا نشعر بهذا أتعلمون لماذا لا نشعر به¿ لأننا جعلنا من ولائنا للحزب ولاء لله وللوطن وولاء للدين أعتقدنا ذلك وتوهمنا به في السياسة والحزبية أصبحوا يستخدمون اسم الله والدين والوطن كمفتاح للدخول في أي ممنوع أو محظور أو مكروه ودائماٍ يتم استخدامها لما يراد فرضه وطرحه على الآخرين لضمان كسبهم وتأييدهم وتطويعهم والتحكم فيهم واستخدامهم كوسيلة لتحقيق الأهداف والغايات والطموحات ولن يكلفهم الأمر أكثر من ترديد بعض الشعارات والعبارات كلما وجدوا أن اتجاهات أفعالهم وتصرفاتهم وسياستهم قد تعارضت وابتعدت كثيراٍ عن المبادئ والأسس الدينية التي وضعوها وتضمنتها برامجهم الحزبية عند تأسيس الحزب.
أن قادة الأحزاب لا يلجأون للدين إلا متى ما حاصرتهم عواقب سياسيتهم الخاطئة أو عندما تصبح أهدافهم ونواياهم غير الحسنة شبه مكشوفة يؤسفني أن معظم الحزبيين والمتخربين لا يلجأون للدين أو يستخدمونه إلا كنوع من الدعاية الإعلانية أو الترويجية لكسب الناس وانضمامهم إليهم على أساس أن الانضمام لهذا الحزب هو وسيلتهم للتقرب إلى الله والحصول على رضاه يقوم قادة الأحزاب بترويج مثل تلك الأفكار حتى يصل الأمر ببعض المتحمسين والمتعصبين للحزب حماسا أعمى أن يعتقدوا ويؤمنوا أن التزامهم بمبادئ الحزب وأوامره وتوجهاته وسياسته والإيمان الكامل بكل أوامر قادته هو من الإيمان بالله الذي لا يتحقق إلا به وإلا فإنه إيمان ناقص ومشكوك فيه هناك نوع من المصادرة للعقل والتفكير والتأمل وربما لو حدث وقام البعض بالتفكير والتأمل لبعض الوقت بعقل واتزان لوجد الكثير من المتناقضات والكثير من المخالفات والمحرمات وحقائق كثيرة لا يود قادة أحزابهم لهم اكتشافها واكتشاف أنهم لم يكونوا إلا مطية يستخدمها قادة تلك الأحزاب لتحقيق أهدافهم الدنيوية الخالصة التي ليس فيها شيء من الدين أو الآخرة وليس غاية بل وسيلة لتحقيق الأهداف أن الأحزاب والحزبيين لم تكن شيئاٍ موجوداٍ مع إشراقة هذا الدين ولم نعرف أو نسمع به لأنها شيء مستورد من الغرب هذا الغرب الذي نردد دائماٍ كارهين التشبه به أو تقليده ولا نردد ذلك إلا في ما يتعارض مع رغباتنا وأهدافنا ثم نتفاخر بتقليدهم والتشبه بهم في ما يوافق رغباتنا وأهوائنا.
أعتقد أن الحزبية التي وهبنا لها معظم أوقاتنا ومعظم حياتنا ليست هي القضية المناسبة والصحيحة التي تستحق أن نضيع وقتنا وحياتنا فيها أو الانشغال بها لأنها شغلتنا عن قضية أهم وهي القضية التي خلقنا الله من أجلها قضية الدين وقضية تبليغه للناس وهو ما لا نفعله الآن في ظل الحزبية والاشتغال بها.
زايد منصور الجدرى