إن المتأمل لما يجري اليوم على الصعيد العربي عامة واليمني خاصة من أحداث يدرك أن التغيير بات ضرورة حتمية يجب التعامل معها بعقل وحكمة إنسانية قبل أن تكون سياسية. ولا شك أن التغيير سنة كونية من قديم الأزل لا يختلف فيها اثنان. وهناك عوامل وأسباب ملموسة وواقعية يعاني منها الإنسان والمواطن اليوم. تقتضي عدم السكوت عليها وبات من الضروري الافصاح عنها حيث نرى أن الفقر والفساد والبطالة والظلم وغيرها من الأسباب التي لا تحصى ولا تعد فالفقر والمواطن اليمني لصيقان ومتلازمان لا يكادان يفترقا عن بعضهما. وهناك مؤشرات تنبئ بأزدياد هذه الظاهرة وتفاقمها في ظل سياسات عجزت عن الحد من استفحالها والقضاء عليها. وكم هي المعاناه والخلافات التي تواجه المواطن والمشاكل على مستوى الأسرة والبيت الواحد بسبب تردي الوضع الاقتصادي الذي نتج عنه هذه الظاهرة. ويأتي في المرتبة الثانية من بين تلك الأسباب الفساد وما أدراك ما الفساد فقد تشعبت جذوره وفرخ حتى عم كل المستويات والموارد الاقتصادية ونهبت ثروات الشعب ثله قليلة فاسدة صادرتها فلا تكاد تجد مؤسسة من مؤسسات الدولة إلا وينهش فيها هذا السرطان القاتل لكل أمل مشرق ومستقبل أفضل ومجتمع حضاري منظور. وكما نرى أن عدد الفقراء في ارتفاع مستمر وملحوظ كذلك نرى الفاسدين تزداد أعدادهم من وقت إلى آخر. والسبب غياب الرقابة من الجهات المعنية ومحاسبتهم وإخضاعهم للمساءلة القانونية الصارمة النزيهه وما يحز في النفس أن النظام والقانون يعد حصناٍ منيعاٍ ودرعاٍ واقياٍ لأمثال اولئك الفاسدين فأين الرقيب والحسيب.. وإذا جئنا إلى البطالة نلاحظ أنها منتشرة ومتفشية بكثرة في معظم أوساط الشباب الخريجين من الجامعات والكليات والمعاهد أو ممن لم بتسنى له الالتحاق بتلك المؤسسات بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي عند الاغلبية من الشباب وعدم الحصول على فرصة عمل سواء للخريجين أو غيرهم مما يترتب على ذلك مشكلة اسمها البطالة. وكم لها من سلبيات خطيرة على المجتمع حيث يتجه معظم العاطلين عن العمل إلى النهج اللا أخلاقي وغير الإيجابي والاتجاه المغاير غير الحضاري وكل يوم نشاهد تضخماٍ في معدل هذه الظاهرة وزيادة في عدد العاطلين ولم نجد من حلول ومعالجة أو سياسة للحد منها بل العكس يزداد الوضع تعقيداٍ وصعوبه. أما ما يعد من أعظم وأخطر الاسباب التي يجب على كل مواطن التصدي والوقوف له لأن عواقبه وخيمه تعم الصالح والطالح فهو الظلم جاء في الحديث القدسي أن الله قال »يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماٍ بينكم فلا تظالموا« وجاء في الأثر أن الله يقيم الدولة العادلة وأن كانت كافرة ويسقط الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. وما اكثر ما نراه اليوم من ظلم واضطهاد والمتأمل للواقع يرى بأم عينه تلك المشاهد التي يغيب فيها نظام العدل والقانون يسود فيها نظام الغاب فالبقاء للأقوى في ظل قانون لا يطبق إلا على البسطاء والمساكين من بني البشر أما النافذون فمستثنون من مبدأ الثواب والعقاب بمبرر أو بدون مبرر كثيرة جداٍ تلك الصور التي يندى لها الجبين من ظلم وهتك واعتداء على أملاك وحقوق الناس من ناس بلا ضمير ولا أخلاق ولا مراعاة لحقوق الآخرين فلا يجوز السكوت على مثل هذا لأن أعظم الجهاد »كلمة حق عند سلطان جائر« كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم..
محمد المنصوري