متاع الغرور
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:» من كان يريد حرث الأخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الأخرة من نصيب« (الشورى /٠٢) ثم قال: » يقول الله ابن آدم تفرغ لعبادتي أملاء صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك«.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم: »يقول ربكم يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملاء قلبك غنى وأملاء يدك رزقا يا ابن آدم لا تباعد مني وأملأ قلبك فقراٍ وأملأ يدك شغلا«.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفني«.
نام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه قلنا: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء فقال:» مالي وللدنيا¿ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها«.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح لك جسمك وأروك من الماء البارد«.
قال صلى الله عليه وسلم:» لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا« .
الضيعة: هي غير المنقول من المال كالعقارات والمزارع والضياع
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: مرِ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نعالج خْصِا لنا فقال: ما هذا فقلنا قد وهى فنحن نصلحه فقال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك«.
الخص: بيت صغير يصنع من الخشب
مرِ موسى عليه السلام برجل نائم على التراب وتحت رأسه لبنه ووجهه ولحيته في التراب وهو متزر بعباءة فقال: يارب عبدك هذا في الدنيا ضائع فأوحى الله تعالى إليه يا موسى أما علمت أني إذا نظرت إلى عبد بوجهي كله زويت عنه الدنيا كلها«.
وقال كعب الأحبار قال الله تعالى لموسى عليه السلام: يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين.
روي عن علي كرم الله وجهه قال: إذا أبغض الناس فقراءهم وأظهروا عمارة الدنيا وتكالبوا على جمع الدراهم رماهم الله بأربع خصال بالقحط من الزمان والجور من السلطان والخيانة من ولاة الأحكام والشوكة من الأعداء.
قال أبو الدرداء: »رضي الله عنه« ذو الدرهمين أشد حبسا أو قال أشد حسابا من ذي الدرهم.
قال بعض الحكماء: مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف الفقر لنجا منهما جميعا ولو رغب في الجنة كما يرغب في الغنى لفاز بهما جميعا ولو خاف الله من الباطن كما يخاف خلقه في الظاهر لسعد في الدارين جميعا.
قال عيسى عليه السلام: الدنيا قنطره فاعبروها ولا تعمروها وقيل له: يا نبي الله لو أمرتنا أن نبني بيتا نعبد الله فيه¿ قال: اذهبوا فابنوا بيتا على الماء فقالوا: كيف يستقيم بنيان على الماء¿ قال: وكيف تستقيم عبادة مع حب الدنيا.
روي عن أبي ذر قال: من زهد في الدنيا أدخل الله الحكمة قلبه فأنطق بها لسانه وعرفه داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام.
وعن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه قال: تابعنا الأعمال كلها فلم نر في أمر الأخرة أبلغ من زهد في الدنيا.
قال صدر من التابعين لمن بعدهم: أنتم أكثر أعمالا واجتهادا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وكانوا خيرا منكم! قيل ولم ذلك¿ قال: كانوا أزهد في الدنيا منكم..