حافظ مصطفى علي
الإضراب وسيلة للضغط للحصول على المطالب التي لا تلبى رغم مشروعيتها وهناك معايير خفية تحدد توقيت الإضراب وسقفه المادي والزمني إذ لا يمكن للمضربين أن يقرروا المطالبة برفع الرواتب مثلا وهم يعلمون أن تحقيق ذلك الطلب مستحيل بسبب تدهور أوضاع المؤسسة المالية ولكنهم إذا علموا أن الرواتب في مركز المؤسسة وبعض فروعها أعلى من الفرع الذي هم فيه يتساءلون عن السبب في هذا التمييز وعندما لا يقتنعون بالأسباب يبيتون النية للإضراب وقبل ذلك يتعالى الهمس والصراخ من قبل بعض الأفراد عسى أن يسارع المركز بإزالة هذا التمييز ومع التجاهل المستمر يتحول المطلب الفردي إلى هم جماعي لتبدأ مرحلة الإضراب .والمقارنة بين امتيازات الأفراد أو الجماعات هي أهم الأسباب في إثارة الغضب أو الرضا وقد قال أحدهم أن المساواة في الظلم عدل ! وهناك مؤسسات إذا ما أضرب أعضاؤها لا يشكلون أي ضغط يذكر على حاجات الناس اليومية وأخرى يرتفع ضررها إلى حد تعطيل حياة الناس وإحداث مشكلة يومية للمجتمع مثل تأخير الرواتب في حالة إضراب المالية أو البنك وتقل أهمية ضغط المضربين تبعا لتوقيت وأهمية ونوع الخدمة التي تقدم للمجتمع بالنسبة للتوقيت فإضراب المستشفيات والصيدليات أشد على الناس في حالة انتشار الوباء ولأهمية ماذكرناه عن الرواتب والعلاوات والزيادات في حالة إضراب المالية والنوع ما يتعلق بالخدمة أو السلعة كشحة الوقود أو الطاقة المستخدمة في الطهي المنزلي أو الإنارة وتوصيل السلعة أو المادة شكل من أشكال الخدمة . لكن ماذا سيحدث لو أضرب المسرحي عن التمثيل والفنان عن الغناء والرسام عن الرسم والشاعر عن الشعر والملحن عن التلحين وأغلقت أبواب المعارض والحفلات ماذا سيحدث ¿أي ضغط ممكن أن يشكله هؤلاء حتى يستجاب لمطالبهم المشروعة ¿ لاشيء سوى بعض عبارات الأسف والوعود! لهذا نراهم بين صفوف المعارضة أكثر وهذا الوضع قديم وربما تاريخي في عالمنا العربي لاستغناء الحاكم عن المبدع في قضية تشكيل وعي الناس ولعل خصومة المتنبي مع الحكام و قربه و بعده عنهم وقرب الشاعر ابن زيدون من الحكم دليل على صلة الإبداع بالحكم والسياسة أكثر من الصلة بالحياة اليومية من حيث الحاجات المادية لهذا يتحتم على الحكومة عدم استمراء صمت المبدع لأن إضراب المبدع هو الصمت عن الكلام ولكنه أكثر الفئات إثارة للصخب حين يحين وقت الكلام لهذا لابد من تفعيل هيكل أجور المبدعين بعيدا عن التقييم التقليدي الساذج ( الخدمة + المؤهل = الدرجة والراتب)..