أنور نعمان راجح
رغم كل مساوئ ما يحدث اليوم ومع طول فترة الاعتصامات إلا أن هذه المدة الزمنية سوف تدفع الجميع نحو مراجعة الحسابات بشكل جيد وسوف تعطي الفرصة لأن يقول العقل كلمته التي تجنب هذا البلد وأهله الوقوع في الصراع والفتنة.. هكذا تبدو الأمور كلما طال أمد الأزمة. وكان الأفضل من هذا وذاك ألا نصل إلى ما وصلنا إليه من تعقيدات وانسداد لأفق الحل لكن طول المدة أفضل بكثير من تسارع للأحداث يفضي إلى كارثة وكان الخوف كل الخوف أن تتسارع الأحداث إلى درجة يصعب السيطرة عليها غير أن بقاء الأمور على هذا النحو سوف يقنع الجميع على التفكير بهدوء ومنطقية للخروج بسلام.. أخطر ما في هذا المشهد الحاصل اليوم وفي المشاهد المماثلة في بلدان أخرى هو تسارع الأحداث إلى درجة عدم القدرة على السيطرة عليها وتحديداٍ عندما يصاحب ذلك الأمر بتغطية إعلامية مضللة ومخيفة يتم من خلالها تصوير الأحداث بعدسة التحريض على خلق صراع وتعظيم المشاهد لتأخذ شكل الحرب الحقيقية وهو ما يدفع الناس إلى ردود أفعال سيئة تقود نحو صراع أشد يصعب الإمساك به والسيطرة عليه.. يحدث هذا الشحن الإعلامي كل يوم في محاولات للدفع بالأوضاع إلى خارج نطاق الاعتصامات السلمية وردود الأفعال الطبيعية تجاهها وهو ما يعني تحول المشهد إلى اشتباك مسلح.. في ظل ما هو قائم اليوم فإن المطلوب من الجميع الخذر من الانجرار نحو الصراع الذي سوف يغلق كل الأبواب السلمية والمطلوب من الجميع الاستفادة من طول الفترة الزمنية لحديث الشارع لإتاحة الفرصة للعقل للتدخل كوسيط مقبول ووحيد لوضع الحلول الماسبة.. ليس سوى العقل يمكنه التعاطي مع كم كبير من الشحناء والمواقف التي تحرك عجلة الشارع وبقية الأطراف.. ليس سوى العقل يمكنه كبح جماح العناد الأرعن الذي ينطق بعداوة غير معقولة بين شركاء العمل السياسي وبين أبناء البلد الواحد مهما تباينت رؤاهم.. ليس سوى العقل يمكنه تهذيب السلوك والألفاظ وتهذيب الحريات وكل شيء يستخدم اليوم للتعبير عن الأراء والمواقف.. ليس سوى العقل يمكنه إغلاق زر الأمان لمنع الرصاص الحي والقنابل وكل ما يمكن استخدامه في لحظة غضب وردة فعل مستعجلة.. ليس سوى العقل يمكنه التفكير والحسابات لكل الاحتمالات التي قد تحدث إذا خرج الوضع عن السيطرة فعلا لهذا نقول أن من حسن حظ هذا البلد وأهله أن الأوضاع على هذا الأمر إلى اللحظة الراهنة يفتح بابا للأمل وإن صغيرا بألا تصل الأمور إلى حيث يريد لها المغامرون وأصحاب المواقف الخاصة جدا في نطاق الأسرة وفي البلد عموما هذا البلد ليس موضع تصفية حسابات عائلية وغيرها من الحسابات وعلى الناس أن ينتبهوا لهذا الجانب قبل فوات الأوان..