قصة »بناء الدولة« تتطلب معطيات جديدة قادرة على استنهاض المؤسسات والأدوات والآليات المرتبطة ببناء قدرات الدولة وفصل مسارها عن متطلبات وغايات »السْلطة« ولا يجب التوقف كثيراٍ عند مترادفات »الدولة والسلطة« لأن ما يجري حالياٍ ارتباط كل متطلبات بناء الدولة بوجود آليات السْلطة الحالية.
والحقيقة أن قصة بناء الدولة قصة كبيرة توجب التأمل والتفكير ملياٍ بتحديد خيارات ومسارات جديدة تعيد من خلالها تصحيح كافة الاختلالات والتجاوزات التي صاحبت بناء مؤسسات الدولة منذ عقود.. دون إغفال الحاجة إلى إدخال إصلاحات حقيقية وجذرية في هياكل الدولة الحالية التي غلب عليها الكثير من مظاهر الانفلات والتسيب والفساد الذي استشرى في مؤسساتها.
وإذا ما تغيرت النظرة الدونية لبناء الدولة وصارت بمنأى عن الحسابات الفئوية والمناطقية والمحسوبية.. فإننا حينها نكون قد قطعنا شوطاٍ كبيراٍ وهاماٍ في الابتعاد عما يسمى »الفساد السياسي«.. الذي يْعد أخطر مظاهر الفساد من حيث التراتبية وأحد الإشكاليات التي تواجه بناء الدولة اليمنية الحديثة.
ولعل اللحظة الراهنة التي يعيشها الوطن في ظل التجاذبات السياسية الحاصلة والاصطفافات الحادة هي ضرورة تكرس الحاجة إلى إعادة النظر في شكل الدولة وبنائها الدستوري والتشريعي والقانوني لأن ما يحصل حالياٍ لا يطمئن البتة.
ولعل مبادرة الرئيس الأخيرة تمثل إحدى المحطات المهمة في استقراء مصير استقرار وأمن البلد.. إذا ما صدقت التوجهات وخلصت النوايا لإرساء مداميك بناء دولة المؤسسات والقانون.. بعيداٍ عن التشنج والتصعيد الذي يشهده الشارع الآن.
سمير الفقيه