على مدى العقود الماضية كانت ولا تزال القضية الفلسطينية حاضرة في ظل الصراع العربي الاسرائيلي ومثلت القضية المركزية للشعوب العربية وقادتها وتحديدا الدول المجاورة لفلسطين وبذلك غدا المصير مشتركا يجمعهم.
وفي ستينيات القرن الماضي أبان حكم الرئيس المصري جمال عبدالناصر الذي كان يتمتع بشعبية منقطعة النظير بين الشعوب العربية كان مرجع ذلك دعواته إلى الوحدة العربية ودعم قضايا أمته فما لبثت مصر أن تكون زعيمة الأمة وهي السد المنيع الذي سيقف في وجه المشاريع الإسرائيلية والإمبريالية وغدا واضحاٍ بأن الصراع العربي الإسرائيلي إنما هو عبث دون مصر وبدونها لن يتحقق للعرب قاطبة أي مكسب ومن لم يصدق ذلك فعليه الرجوع إلى التاريخ فمنذ خروج مصر من الصراع في 1978م لم يحرك العرب ساكناٍ إنما ازدادت الأمور سوءاٍ فمعاهدة السلام مع مصر رأها البعض مكسبا لإسرائيل وتركت بلاد الشام تعاني التعنت والصلف الصهيوني وهكذا لا يتوقف الأعداء إلا عندما ينهض لهم المصريون فهذه حقيقة تاريخية لا يمكن تجاهلها فحطين وعين جالوت وطرد الصليبيين شواهد على قيادة مصر في مجابهة الغزاة وتحمل النتائج المترتبة وبعد نجاح ثورة يوليو 1952م واجهت مصر العروبة العديد من الكوارث والأزمات السياسية بدءاٍ بأزمة السويس حتى تأميم القناة عام 1956م وما تلى ذلك من نكسات حزيران وحرب اكتوبر غير أن مصر استطاعت اجتيازها بنجاح منقطع النظير وأفرزت تلك الأحداث قيادة بحجم المسؤولية تمكنت من تحقيق إنجازات أكبر مما كانت عليه من قبل.
غير أن الأمور تغيرت بعد رحيل الرئيس عبدالناصر ومجيء الرئيس أنور السادات وتمكن هذا الرجل من تحقيق انتصار حرب أكتوبر الذي لم يكن بحسبان كل عربي ثم تلى ذلك بعقد اتفاقية سلام مع اسرائيل وكان ضحية لها فعقب المعاهدة أْغتيل السادات ومن ثم جاء الرئيس مبارك ليغيب دور مصر تماماٍ في مناصرة القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضايا العربية بشكل عام ولعل حرب غزة ومحاصرتها من قبل اسرائيل وما أحدثوه من قتل وتدمير عالق بذهن كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج بينما مصر لم تحرك ساكناٍ.
يحيى محمد غنيمه -صعدة