طــه العامري
على ضوء معطيات راهن الحال وطنيا وقوميا وعلى خلفية الإرهاصات السياسية والتداعيات التي أخذت تعبيرات متعددة ومتفاوتة الأسباب والدوافع يبرز أمامنا سؤال مهم وهو ما هو شكل وحدود (التغير) الذي نريد ويريده البعض..¿ وما هو سقف هذا (التغير) ..¿ وما هي مقوماته (الذاتية والموضوعية) الواجب توافرها..¿ ثم وهذا الأهم ما هي الرؤى التي يعتمدها دعاة (التغير) لتحقيق هذا الهدف..¿ ومدى تلاؤهم وتناغم واقعنا مع هذا (التغير) ونسبة الحاجة إليه وكذا نسبة نجاحه دون أن يتحول إلى فعل (انكساري) يدفع شعبنا من أمنه واستقراره وسكينته ووحدته الوطنية ثمن ما يمكن وصفها بالمغامرة غير المحسوبة العواقب التي قد تترتب على حماس بعضنا (للتغير) بطريقة درامية لن يكون حصادها غير الندم..
تساؤلات مشروعة على ضوء (الشعارات) التي يرفعها البعض بغض النظر عن دوافعها و ما إذا كانت قد برزت من باب التقليد أو جاءت بها حالة الاحتقانات السياسية والحزبية على خلفية غياب التوافق بين الفعاليات السياسية والحزبية وغياب الموقف الحزبي الجاد والمسئول والصادق الذي يمكن من خلاله احتواء حالة التصعيد التي يتمسك بها (تكتل اللقاء المشترك) بطريقة مثيرة ودون أسس أو مقومات موضوعية يستشف منها الحاجة الوطنية والمصلحة الوطنية والشعبية .. هنا وإذا ما افترضنا حاجتنا للتغير فأي طريقة يمكن اعتمادها لتغير بناء وهادف يلامس حاجة الوطن والشعب ويبتعد بنا والوطن عن مربعات الفوضى ودوائر العنف والخراب والفوضى..¿
الأخوة في (اللقاء المشترك) طبعا هذا الاسم قد تغير وأصبح (تكتل اللقاء المشترك) وتكتل يعني أن (أحزاب اللقاء المشترك) قد اختارت مسمى (التكتل) في سياق علاقة جديدة ربطت هذه الفعاليات ب (جماعة الحوثي) و (جماعة الحراك) وكذا ب (معارضة الخارج) وهذا الموقف يدخل هذه الفعاليات في مربع الفعل (المحظور) على اعتبار أن (أحزاب اللقاء المشترك) افتراضا ومجازا تمثل الوجه الأخر للسلطة وللنظام السياسي وبالتالي عليها أن تكون حريصة على احترام النظم والقوانين والدستور اليمني الذي يحدد شروط وموجبات العلاقة السياسية بكل جوانبها وبما لا يخل بدور وهيبة ومكانة الدولة بغض النظر عما إذا كانت هذه الدولة تحظى بتقدير واحترام هذه الفعاليات الحزبية أم لا.. الأمر لا يهم بقدر ما يهمنا أن يعمل الجميع بتحقيق أهدافهم السياسية بطرق قانونية ودستورية وبما لا يخل بالثوابت والنظم التي توافقنا عليها جميعا وعليه فأن ما يعتمل على واقعنا من تداعيات سياسية وحزبية يفترض أن تكون متصلة بحاجة الواقع وبظروفه وبالتالي فأن أي (تغير) يجب أن يلبي الحاجة وأن تتوفر له شروطه الذاتية والموضوعية وآلياته وبما لا يخل بالسكينة ولا يدفعنا للتنابز أو الانتحار رغبة بالتقليد أو لدوافع وحسابات سياسية وحزبية هي أبعد ما تكون عن مصلحة الشعب وحاجة الوطن ..
بيد أن الأخوة في (اللقاء المشترك) أو ي (تكتل المشترك) نجدهم وخلال أقل من (شهرين) قط يرفعون سقف (مطالبهم) بطريقة توحي وكأنهم غير حريصين على السكينة والاستقرار المجتمعي بقدر حرصهم على تسجيل مواقف وإثارة الرأي العام وخلق حالة من عدم الاستقرار لا تخدم أيا من أطراف المعادلة ولا تشجع على إقامة علاقة وطنية راسخة قائمة على التباينات البرامجية والتنافس الخلاق لخدمة المسار الوطني وتحولاته وهنا أود الإشارة إلى أن مواقف (المشترك) الأخيرة لا تجسد هوية هذه الفعاليات ولا تعبر عن حرصها الوطني ولا تحمل رؤية أو مفاهيم تعود بالخير للوطن بقدر ما نجدها تدخل في سياق الأفعال الكيدية ومحاولة خلط الأوراق والهروب من استحقاقات الحوار بهدف إثارة الناس وخلق صورة مغايرة لواقعنا لا تعكس حقيقة الصورة التي تشكل هذا الواقع..
والمؤسف أننا وبعد أن استبشرنا خيرا بموقف (المشترك) بعد قرار ترحيبه بمبادرة فخامة الأخ الرئيس ألجمتنا الدهشة حين تابعنا موقف (المشترك) من خلال تصريحات رموزه التي ناقضت ما سبق أن أعلنت عنه فإذا توقفنا أمام مفاهيم ومواقف (المشترك) عن (الحوار) ثم (الحوار) بشروط ثم رفع سقف (الحوار) ثم نوافق على (الحوار) بعدها نوافق على (حوار) جزئي ثم لا نوافق وبعدها لا (حوار) كل هذه المواقف المتناقضة تعكس حقيقة واحدة وهي أن الأخوة في (المشترك) لا يؤمنون بالحوار ولا يرغبون به ولا يمكن أن يكونوا جادين من خلاله وبالتالي يتعاطى الأخوة في (المشترك) مع (الحوار) كوسيلة للأبتزاز مع الأسف الشديد بهدف استغلال المناخ العام وطنيا وإقليميا وعلى أمل تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والحزبية وأن على حساب أمن واستقرار الوطن والمواطن وعلى حساب السكينة المجتمعية متجاهلين في مواقفهم وسلوكياتهم ما سبق أن بادر إليه فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية – حفظه الله – الذي قدم من خلال مبادرته كل ما كان (المشترك) ينادي به ويطلبه بل أن مبادرة الأخ الرئيس جاءت بسقف عال لحوار لم يكن في قدرة (المشترك) الحصول عليه قبل فترة لكنهم للأسف أظهروا حقيقة أنهم لا ينطلقون بأجندتهم من دوافع وطنية صادقة بقدر ما يبحثوان في ظل غبار الأزمات عن أهدافهم الذاتية وتلك مصيبة لكنها تكشف وتعري أصحابها بغض النظر عن ضجيج وصخب اللحظة والتسويق الإعلامي لها وتصويرها وكأنها تماهي أحداثا وتداعيات أخرى .. !!
أن للمعارضة كل الحق في التعبير عن قناعتها كما لها الحق في إقامة المسيرات بموجب القانون ولكن عليها في المقابل أن تقدم رؤى وبرامج ومطالب محددة قابلة للحوار والتشاور بعيدا عن الشروط التعجيزية أو الاستهداف الممنهج لمقومات السكينة بدواعي التماهي مع بعض المسارح العربية لأن المعارضة إذا ما تمادت بمثل هذا السلوك ستكون الطرف الأكثر خسارة وأهم خسائرها أنها ستفقد ثقة الرأي العام اليمني الذي يدرك جيدا موقف المعارضة وثقلها الجماهيري خاصة بعد التنازلات الكبيرة التي قدمها الأخ الرئيس وعليه فأن الوطن يجب أن يكون حاضرا في أجندة الكل وعلى الكل أن يدرك الحاجة الوطنية ويعمل على تحقيقها .. فهل تستوعب المعارضة هذا ..¿ نأمل ذلك..