على الرغم مما يرصد لمؤسسة صناعة وتسويق الاسمنت من موازنات سنوية تجاوزت 88 ملياراٍ إلا أن أياٍ من مصانعها »عمران ـ البرح ـ باجل« لم تحقق الأهداف المنشودة في موازناتها وبرامجها الاستثمارية.. سواءٍ ما يتعلق بتطوير الاداء التشغيلي والانتاجي والبحث عن بدائل حقيقية تعمل على خفض كلفة الانتاج والتي تتعلق باستمرار تلك المصانع في العمل بمصادر الوقود من المازوت والديزل والطاقة الكهربائية المشتراة التي كبدت المؤسسة خسائر فادحة وانعكست تراجعها على مداخيلها والمقدرة بعشرات المليارات وكذلك الفشل في إقامة مصانع لإنتاج مواد التعبئة من الاكياس ومواد التغليف بدلاٍ من تصنيع هذه المستلزمات وتوفير مئات الملايين من الريالات لصالح خزينة الدولة.. وغيرها من الاختلالات وأوجه القصور في الاداء الرقابي والمالي والإداري في تلك المصانع مما افقدها القدرة التنافسية في مواجهة القطاع الخاص نظراٍ للمراوحة عند نفس تلك السياسات القديمة والتي لم تبرع سوى في الاستثمار في اذون الخزانة. ويكشف تقرير جهاز الرقابة حول مراجعة الحسابات الختامية للمؤسسة اليمنية لصناعة وتسويق الاسمنت للعام المالي 2008م والصادر في أواخر العام 2009م عن العديد من المشاكل والصعوبات التي تواجه قطاع الاسمنت في بلادنا والتي تشكل بحسب التقرير في مجملها عائقاٍ أمام نمو وتطور هذا القطاع وبما يلبي احتياجات ومتطلبات خطط التنمية الشاملة والذي تمثل في تعثر تنفيذ العديد من المشاريع الهامة والحيوية خلال السنوات السابقة والمرتبطة بتنمية موارد المؤسسة من انشطتها الرئيسية وكذا خفض كلفة الانتاج مما ترتب عليه الاعتماد على الايرادات العرضية الناتجة عن الاستثمارات في أذون الخزانة لتوليد الأرباح..
علاوة على ارتفاع متوسط تكلفة الانتاج وكذا تصاعدها من سنة لأخرى وذلك نتيجة الارتفاع المتصاعد سنة إثر أخرى في اسعار المشتقات النفطية »مازوت ـ ديزل« وارتفاع تكلفة الطاقة المشتراة لكل من مصنعي البرح وباجل وبنسبة كبيرة مقارنة بمصنع عمران.. فضلا عن ارتفاع متوسط تكلفة المبيعات من مواد التعبئة وكذا تصاعدها من سنة لأخرى كما اشار التقرير إلى عدم شمولية البرامج الاستثمارية للاعوام السابقة للعديد من المشاريع المرتبطة بخفض كلفة الانتاج من الوقود والتي من أهمها تحويل الخط الانتاجي في مصنع باجل للعمل بالطريقة الجافة بدلاٍ من الطريقة الرطبة وبالتالي خفض كلفة الانتاج عن الوقود وبنسبة تصل إلى »50٪«.
مؤشرات الإخفاق
ويوضح التقرير أن من اسباب عدم تحقيق مؤسسة الاسمنت الارباح الفعلية المتوخاة في موازناتها خلال العام 2008م تلك التجاوزات في حجم الإنفاق الفعلي على مستوى بند »الوقود والزيوت والقوى المحركة« والبالغة »8 . 865 . 718 . 961« ريالاٍ وبنسبة »52٪« من إجمالي الربط المعتمد البالغ »17 . 000 . 000 . 000« ريالاٍ حيث يمثل التجاوز في حجم الإنفاق الفعلي على مستوى هذا البند مانسبته »70٪« من إجمالي التجاوزات في حجم الانفاق الفعلي على مستوى الاستخدامات الجارية ويبين التقرير أن ماساعد على ذلك الارتفاع المتصاعد في أسعار مادة المازوت وبنسبة تتراوح ما بين »50٪ ـ100٪« وارتفاع اسعار مادة الديزل وبنسبة تتجاوز »150٪« تقريباٍ نتيجة لتحرير اسعار مادة الديزل والتي تباع لمصانع الاسمنت والحديد بموجب قرار مجلس الوزراء رقم »302« لعام 2008م وكذا ارتفاع معدلات استهلاك الوقود »المازوت« في كل من مصنعي باجل والبرح وبنسبة تتجاوز »4٪« عما هو مخطط لها.. فضلاٍ عن زيادة كمية الطاقة الكهربائية المشتراة في مصنع اسمنت باجل وبمقدار »36 . 392 . 000« كيلو وات بالاضافة إلى ارتفاع متوسط سعر شراء الكيلو وات من الطاقة خلال عام 2008م وبنسبة »18٪« وكذا ارتفاع معدلات استهلاك المواد الأولية والخامات الاساسية في كل من مصنعي اسمنت البرح وعمران وبنسبة »25٪« و »20٪« على التوالي عما هو مخطط لهما في حين أن الفعلي المستخدم في بند الزيوت والوقود والقوى المحركة بلغ »25 . 865 . 718 . 960« ريالاٍ.
شراء الاكياس
كما يشير التقرير إلى حدوث تجاوز على مستوى بند/ مواد التعبئة والتغليف بمبلغ »717 . 552 . 479« ريالاٍ وبنسبة »51٪« من الربط المعتمد والبالغ »1 . 412 . 200 . 000« ريال واسباب ذلك يعود إلى ارتفاع أسعار اكياس التعبئة وبنسبة تتجاوز »20٪« عما هو مخطط لها والبالغ »2 . 129 . 752 . 479« ريالاٍ..
ويلفت التقرير إلى أن ارتفاع متوسط تكلفة مواد التعبئة والتغليف وبنسبة »5٥٪« »50٪« على التوالي قد ساعد على ذلك استمرار المؤسسة بالتعاقد مع الشركة اليمنية لصناعة الاكياس الورقية على الرغم من ارتفاع اسعارها مقارنة باسعار الشركات الآخرى وكذا تعثر إنشاء مصنع الاكياس الفارغة والمرحل من سنوات سابقة لاسباب خارجة عن ارادة المؤسسة وفقاٍٍ لإفادة المختصين بالمؤسسة بحسب التقرير ويوضح الجدول التالي مقارنة معدلات الاداء الفعلي للعام 2008م بكل من »المخطط للعام 2008م وفعلي عام 2007م«.
مشاريع على الورق
ووفقاٍ للتقرير فقد حققت المؤسسة تجاوزاٍ في حجم الإنفاق الفعلي على مستوى الباب الرابع في الموازنة المتعلق بمشاريع قيد التنفيذ وبمبلغ »26 . 380 . 437 . 884« ريالاٍ بما نسبته »338٪« عن الربط المعتمد والبالغ »7 . 800 . 000 . 000« ريال.. منوهاٍ إلى أن التجاوز في حجم الانفاق الفعلي ليس ناتجاٍ عن قيام المؤسسة بتنفيذ مشاريعها بالتجاوز عما هو معتمد لها.. وإنما نتيجة لتعليق حساب الموجودات الثابتة بتكلفة تنفيذ خط التوسعة في مصنع اسمنت عمران بمبلغ »24 . 144 . 067 . 068« ريالاٍ.
قصور وإختلالات
كما يلفت إلى وجود الكثير من جوانب القصور والإختلالات في نظام الرقابة الداخلية على عملية الصيانة واستخدام قطع الغيار الامر الذي حال دون تمكن جهاز الرقابة من التحقق من صحة وسلامة حجم الإنفاق عليها والمتمثلة في عدم مسك البطائق أو السجلات الناظمة لاعمال الصيانة والتبديل على مستوى كل معدة من معدات المصانع وكذا عدم ترقيم قطع الغيار المنصرفة للصيانة بأرقام خاصة يمكن من خلالها مطابقة أرقام تلك القطع المستهلكة مع الارقام المثبتة في السجلات بالرغم من القيمة المرتفعة للعديد من القطع والتي تصل إلى »25« مليون ريال.
توظيف سيئ
كما يشير التقرير إلى زيادة الاستثمار في المخزون السلعي نتيجة الشراء بكميات كبيرة وبطريقة غير مدروسة وبما يفوق الاحتياجات الفعلية للمؤسسة البالغ »6 . 803 . 313 . 294« ريالاٍ حيث ترتب على ذلك تجميد جزء من أموال المؤسسة في شكل مخزون سلعي أدى إلى حرمان المؤسسة من الاستفادة من تلك الاموال في تنفيذ مشاريعها المرتبطة بتنمية مواردها وخفض كلفة الانتاج وزيادة الأعباء التي تتحملها المؤسسة مقابل عملية التخزين وكذا وجود مخزون راكد وبكميات كبيرة دون قيام المختصين بالمصانع باتخاذ الاجراءات اللازمة بشأنه .
خلافاٍ للمناقصات
ويلفت التقرير إلى استمرار ظاهر الشراء بالامر المباشر وبصورة مجزأة والتي يتطلب الأمر توفيرها عبر مناقصات عامة.. حيث بلغ ما أمكن حصره من تكلفة المشتريات والتي تمر بالامر المباشر على مستوى المصالح الثلاثة أكثر من »200« مليون ريال.