نــور باعباد
فجأة تقفز إلى السطح بلد ما حدث ما وشخصية ما. هذا زمن العولمة و سرعة المتغيرات وكذا حرية وصول المعلومة و بقدر وصولها بقدر كاف يكون التعاطي معها أصلح. وهكذا تونس ذلك البلد المتميز في التجربة شهد تسارعا دراماتيكيا للأحداث التي بدأت بعنف ذاتي بأن يقتل إنسان نفسه!!! تعبيرا عن احتجاجه على اللامبالاة الذي قوبل بها في بلد لايستطيع المرء التسكع فيه ولماذا وهو مؤهل في بلد المفروض أن يحصل سريعا على العمل فتكون نهايته مؤسفة فيهتز المجتمع بما فيه رئيس الدولة الذي غطت الوسائل زيارته للمصاب.
كان من حظي أنني زرت تونس مرتين أخرها قبل عامين لحضور مؤتمر -المرأة والمعلوماتية- فتونس تضج بكفاءات علمية نساء ورجالا ولها تاريخ متقدم في التعليم الفني والمهني والقضاء على الأمية ولها تميز في حماية الأسرة في حال الطلاق عبر صندوق 26 الذي أنشاته ليحمي الأسرة وخاصة حق الطفل في الرعاية ولها تجربة ثقافية رائدة.
لعل الأحداث تتراكم وتشتعل جدوتها من قاع المجتمع عندما لاتتفهم السلطات احتياجات المجتمع وتستغل مخرجات التعليم ولاتراعي ميزان العدالة فينخر التواكل والاستغلال الوطن . تونس تمارس تعددية سياسية ولها عدد كبير من المهاجرين و جاليتها كبيرة في فرنسا ويتنوع اقتصادها في السياحة والزراعة والصناعات المتوسطة فأمنها الاقتصادي والغذائي مستقر ولكنها تعاني من تحديات البطالة وارتفاع الأسعار وهامش الحرية المحدود.
صدق الإمام علي كرم الله وجههه بقوله “لو كان الفقر رجلا لقتلته ” أما مواطننا العربي فان استحقاقه في فرص العمل محدود ومتعرقل إلا لمن دفع الرشى وهو اضطرار للحيلولة دون الفقر.
لست مع تفكير ومقولة ما أشبه اليوم بالبارحة وليس الأمر تصدير ثورة أو انقلاب بل كيف نتفحص واقعنا ونتعظ ونرأف بفقرائنا فدوامة العنف تبدأ بالفقراء أما المترفون فهم بمنأى.
لذا لابد من أخد العبرة والاخد بالحسبان أن مستصغر الشرر لابد من إطفائه بالحد من تردي وقلة الخدمات أو سوء تقديمها فإن تبعاته تنعكس سلبا حتى يصل الإحباط لما لايحمد عقباه – الانتحار- واذا قسنا الأمر ببلدنا لأنتحر كل العاطلين والمغلوبين على أمرهم فرادى وجماعات على طريقة عبدة الشمس أو الساموراي اليابانيين.
لابد أن تأخد السلطة المحلية ماجرى وتتفقد أحوال الفقراء وتمكن الشباب من فرص العمل ولا يبقى الحال عليه من هجرات داخلية فخارجية لطالبي العمل فمخرجات التعليم العام والجامعي تعاني من كساد مصطنع ولابد من تشجيع فرص العمل في ريف وصحار الوطن وأن يحسن التعامل مع هذه المعطيات كونه استحقاقا وطنيا لخدمة المجتمع بمعلم قادر ذي كرامة مصانة بمسكن وأجر لائقين وربط وظيفة التدريس بتواجد المعلم في موقع المدرسة لا أن يمارس انتفاع قرائبي . والحد من ظاهرة تحول كفاءات علمية اضطرتها الحاجة لتعمل في البناء وبسطات البيع….
لا أعتقد أننا بحاجة إلى إسقاط سيناريو معين على البلد بل إنى أثق في اتعاظ المعنيين عندنا من ذلك السيناريو المزعج في تونس فالدولة المستقلة يحتاج أبناؤها لكرامة ولاستحقاق وطني يتمثل في مستشفى مدرسة بنية تحتية وصول للأسواق وخدمات متعددة لينهض الوطن ويحافظ على الثروات سليمة للاجيال لا لينتحروا .