ابن النيل
نعرف منذ أول الوعي.. أن هناك حكومات دستورية وحكومات تحت الاحتلال وحكومات في المنافي غير أنه في الحالة الفلسطينية تحديداٍ قد جرى الاتفاق بين مغتضبي حقوق أهلنا في الوطن المحتل وما عرف في زمن مضى بالمثل الشرعي الوحيد للمغتصبة حقوقهم على تشكيل نوع فريد من الحكومات اصطلح على تسميته بالسلطة الوطنية بحيث تؤدي المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة بين الجانبين فيما بعد إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة لها علمها ونشيدها وربما مقعدها في المنظومة الدولية الأم دونما تحديد واضح لملامح هذه الدولة المزعومة من حيث حدودها الجغرافية وما إذا كان من المفترض تأسيس قوة عسكرية لحماية سيادتها من عدمه..
لتبقى الأمور خاضعة لما قد تسفر عنه وقائع تلك المفاوضات الماراثونية العقيمة وما قد يتسنى لراعيها الحصري إقناع الجانب الصهيوني بقبوله ولتبقى السلطة الوطنية الفلسطينية هذه منزوعة السلطة كذلك لدرجة أن أيا من كبار مسؤوليها لا يستطيع التنقل بحرية داخل المناطق المسؤول عن إدارة شؤونها نظرياٍ إلا بتصريح من قوات الاحتلال الصهيوني وهو ما اعترف به الرئيس الفلسطيني محمود عباس »أبو مازن« صراحة في تصريح صحافي له من أنه لا يستطيع مغادرة مدينة رام الله – على سبيل المثال – دونما حصوله على إذن مسبق بذلك.
وبغض النظر عن تحفظاتنا المبدئية الثابتة.. على مجمل ما ارتآه الجانب الفلسطيني في الاتجاه ذاته سبيلاٍ لإقامة دولته المبتغاة وقد جرى تسخير تلك المفاوضات – صهيونياٍ – عنواناٍ لإضاعة الوقت بالمقابل فإنه وعلى مدى ما يقرب من عشرين عاماٍ من مفاوضات عبثية كهذه وعلى ما تعاقب جولاتها التي لم تنته بعد لم ينجح مفاوضو السلطة الفلسطينية في سياق ما مضى منها على الأقل في إحراز أي تقدم من شأنه الحفاظ على ما تبقى من ماء وجوههم أمام مرآة التاريخ..
بينما تمكن بنو صهيون من تحقيق ما أرادوه منها متمثلاٍ في استحداث ما يبتغونه على الأرض المتفاوض عليها ومن ثم فرضه على الطرف الآخر كأمر واقع جديد ينبغي الإقرار به.
ولقطع الطريق أمام أية محاولة لإخضاع مدينة القدس لمبدأ التفاوض حول الجانب الشرقي منها فقد بادر الكنيسيت الصهيوني باستصدار قرار سياسي ملزم يقضي بعدم تمكين مفاوضيه الصهاينة من التصرف في أي مما بين أيديهم من حقوق فلسطينية مغتصبة دون إخضاع أمر كهذا لاستفتاء شعبي عام وهو ما يضع القضية برمتها رهناٍ لمشيئة مواطنيهم مما يجعل إمكانية الحصول ولو على شبر واحد من الأرض العربية المحتلة عن طريق المفاوضات أمراٍ بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاٍ بالفعل..
ولا نعرف على وجه التحديد لماذا يصر الجانب الفلسطيني على مواصلة لعبة المفاوضات الماراثونية العقيمة تلك وقد سبق وأن هدد الرئيس الفلسطيني في إطلالة صحافية له بحل السلطة الوطنية التي يترأسها ما لم يلمس من الجانب الصهيوني ما يؤكد رغبته المدعاة في التوصل إلى حل في هذا الشأن على أهميته¿!