الرهان الراسخ على الموارد البشرية من أهم الأسس التي يبنى عليها التطلع المستقبلي لبلوغ موقع مرموق ضمن الدول المتقدمة من خلال اعتماد نظام تعليمي بحثي بأرقى مواصفات الجودة ووفقاٍ للمقاييس العالمية قصد إعداد المهارات والكفاءات القادرة على دفع مسار التنمية الشاملة في عالم لا مكان فيه إلا لمن امتلك ناصية المعرفة وأحسن التحكم في التكنولوجيا المتقدمة وتشبع بعقلية التفوق والتألق بما يعزز اقتصاد المعرفة ويدعم المناخ الاستثماري الملائم »الوحدة« وعلى هامش الندوة التعريفية بآفاق وفرص التكامل الاقتصادي بين اليمن وتونس التي نظمتها الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة مطلع الأسبوع الجاري بالتعاون مع جمعية الإخاء اليمنية التونسية.. سلطت الضوء من خلال الاستطلاع التالي:
استطلاع/عبده حسين
في البدء أكد الدكتور يحيى المتوكل وزير الصناعة والتجارة على أهمية تطوير العمل العربي المشترك خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية وعلى أهمية دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز العلاقات بين الدول..
مشيداٍ بتنظيم مثل هذه الندوات التي تعمل على زيادة الترابط الاقتصادي والتجاري بين بلدينا الشقيقين اللذين يتمتعان باقتصادات واعدة تعمل على زيادة التعاون وتفتح فرصاٍ أوسع خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية بما يحقق المنافع الاقتصادية الثنائية.
مضيفاٍ: ان تباعد المسافات لا يمثل عائقاٍ في تعزيز العلاقات الاقتصادية التي يجب علينا الدفع بها إلى الأمام في إطار التكتلات القائمة بين الدول والتي لا يستهان بها في ظل العولمة.
وحدة اقتصادية
من جهته قال الأخ حسن الكبوس رئيس الغرفة التجارية بأمانة العاصمة أننا اليوم في عالم التكتلات الذي لا يعترف إلا بالأقوياء ليس أمامنا من خيار إلا أن نتجه نحو إيجاد شراكة عربية مبنية على أسس متينة سعياٍ نحو الوحدة الاقتصادية العربية مؤكداٍ أن هذه الندوة تأتي في إطار حرص الغرفة التجارية بالأمانة على تعزيز علاقات التكامل والتعاون الاقتصادي مع البلدان العربية ومنها الجمهورية التونسية.
نجاح اقتصادي
فيما شدد السيد توفيق جابر سفير الجمهورية التونسية بصنعاء على أن التبادل التجاري بين اليمن وتونس يبقى دون المأمول ولا يعكس طبيعة وعمق العلاقات الثنائية التي تربط البلدين قيادة وشعباٍ للارتقاء بالتعاون الثنائي إلى أفضل المستويات والامكانات المتاحة والواعدة لتطوير حجم التبادلات البينية وفتح آفاق الشراكة والبحث معاٍ في سبل تطويرها خاصة وأن السلع التونسية تتميز بجودتها العالية ومميزاتها التنافسية وهو ما يقتضي تضافر جهود جميع الأطراف الرسمية والقطاع الخاص وجمعيتي الإخاء في البلدين لتدارك الواقع الراهن للتبادل التجاري وبلوغ المستوى المنشود.. مؤكداٍ أن التطوير الشامل للاقتصاد التونسي يرتكز على ثلاثية متكاملة للتنمية المستقبلية من خلال الاهتمام بالمحتوى التكنولوجي العالي والقدرة على التجديد وإرساء نمط من النشاط الاقتصادي صديق للبيئة والسيطرة على عامل الطاقة وبناء القدرة على التحكم فيها.. مضيفاٍ: أن النجاح الاقتصادي الذي ثمنته التقارير والتصنيفات الدولية يقف على أرضية متماسكة تضافرت فيها مقومات التنمية الشاملة وخيار التكامل مع نسيج اجتماعي متوافق تضامنت داخله كافة الأطراف في نطاق تقاسم الأعباء والمسؤوليات وتجسمت بمقتضاه غايات الملاءمة بين متطلبات الرقي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي التي تعـــــتبر أحد مفاتيح النجــــاح في المقــــاربة التنـــموية التي مكنت تونـــس من أن تكون في مقدمة دول العالم من حـــيث اتـــساع طبـــقتها الوســطى التي تناهز اليوم 80٪..
مشيراٍ إلى أن الرهان الراسخ على الموارد البشرية هو أهم الأسس التي ينبني عليها التطلع المستقبلي التونسي لبلوغ موقع مرموق ضمن الدول المتقدمة حيث يبرز ذلك بجلاء في اعتماد نظام تعليم وتكوين وبحث بأرقى مواصفات الجودة ووفقاٍ للمقاييس العالمية قصد إعداد المهارات والكفاءات القادرة على دفع مسار التنمية الشاملة في عالم لا مكان فيه إلا لمن امتلك ناصية المعرفة وأحسن التحكم في التكنولوجيا المتقدمة وتشبع بعقلية التفوق والتألق.
وسيلة حقيقية
وأشار الأخ جمال الحضرمي – مستشار رئيس الوزراء إلى أن العلاقات التجارية اليمنية التونسية لا ترتقي إلى المستوى المنشود وتكاد تنحصر في أنشطة اقتصادية محدودة ولذا فإن التجارة البينية بين الدولتين تكاد تكون منعدمة مضيفاٍ أن أهم السلع المتداولة بين البلدين تتمثل في الأسماك والقشريات ومستحضرات اللحوم والزيوت والمواد الغذائية والمنتجات الزراعية وأصناف أخرى ويتم استيراد (زيت الزيتون والملابس والمنتجات المعدنية والجلدية والالكترونية).
مؤكداٍ أن الميزان التجاري بين اليمن وتونس للأعوام (2007م -2009م) يزداد لصالح اليمن بفضل الزيادة المستمرة للصادرات اليمنية إلى تونس مع أن تونس ليست من العشرين دولة المهمة المستوردة أو المصدرة مع اليمن.
مشدداٍ على أن التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الدول وخاصة العربية منها يعد وسيلة حقيقية لخلق مصالح مشتركة وربطها بمصالح الشعوب وتطوير قدراتها.
اقتصاد المعرفة
كما يؤكد الدكتور عبدالصمد عبدالواسع – باحث اقتصادي أن أسباب نجاح مقاربة الجمهورية التونسية الشقيقة في الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية يرجع إلى الاستثمار في الموارد البشرية ورفع مخصصات البحث العلمي وحريته واجتذاب مصادر التمويل وتشجيع التجارة وتشجيع المؤسسات الاقتصادية على المضي قدماٍ في درب التطوير التقني والتجديد التكنولوجي وتخصيص منح في إطار برامج الاستثمار والبحث والتنمية وتعزيز مقومات اقتصاد المعرفة عبر تجسيم الإجراءات التي تدعم المناخ الملائم للاستثمار في التكنولوجيات الحديثة والعمل على الارتقاء بالقدرات التنافسية للمؤسسات لتعزيز مقومات هذا الاقتصاد.
مضيفاٍ: أن الاستثمار في الموارد البشرية يولد ثروة أكبر لتعويض شحة الموارد الطبيعية والتعامل مع التعليم والبحث العلمي بجدية ومسؤولية من حيث السياسات وتوفير الإمكانيات في بلد صغير تعوزه الثروات الطبيعية من نفط وغاز حيث صار التعليم ودرجة التحصيل العلمي يمثلا رأس المال الوحيد ومقياس الرقي الاجتماعي والمهني.. مؤكداٍ أن الاهتمام بالبحث العلمي في الجمهورية التونسية ارتفع من (0.53٪) عام 2001م إلى (1.07٪) عام 2006م من الناتج المحلي الإجمالي وتكاد تقترب هذه النسبة من النسب المسجلة في بعض بلدان جنوب أوروبا عام 2001م مثل إيطاليا (1.05٪) وأسبانيا (0.86٪) والبرتغال (0.83٪) كما يتمتع الباحثون بالحرية العلمية الكاملة فبإمكانهم تصور أرضية للإبداع في إطار موضوع معين في ظل التوجهات العامة للجهات أو الوزارات المعنية والسياسات العامة وتنصهر الأبحاث العلمية في إطار البحث الهادف إلى تحصيل الدرجة العلمية والعمل على تحويل نتائجه إلى مشاريع وتكنولوجيات تطبق في مجال الإنتاج ودفع وتشجيع عقود الشراكة في مجال الأبحاث والتطوير بين مؤسسات الإنتاج والمؤسسات الجامعية والمراكز البحثية.
اقتصاد تضامني
كما تطرق الأخ علي الشعباني إلى التجربة التونسية في مجال التضامن الاجتماعي والنجاح والريادة العالمية التي حققتها وحظيت بها وما يجب علينا في اليمن فعله للاستفادة من هذه التجربة من خلال التركيز على البعد الاجتماعي في كل عمل تنموي واستهداف الفئات الأقل حظاٍ واستحداث المزيد من مؤسسات الاقتصاد التضامني لتنفيذ السياسات الهادفة للارتقاء بمستويات العيش خاصة في المناطق ذات الأولويات التنموية وإشاعة مفهوم الاقتصاد التضامني وتعزيز الشراكة المؤسسية بين الأجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإيجاد قطاع مؤسسي للتضامن الاجتماعي في اليمن تشارك في تمويله وإدارة شؤونه مختلف شرائح المجتمع ودعم وتشجيع المبادرات التضامنية والشبابية والمشاريع الصغيرة والابتكارات والإبداعات وانعاش ثقافة التضامن الاجتماعي بين أوساط المجتمع وفرض رقابة صارمة على الجميعات الخيرية والطوعية ومصادر تمويلها والنظر في آلية التضامن الاجتماعي بطريقة مغايرة للطريقة الحالية التي تكرس البطالة والاتكالية بدلاٍ عن العمل والانتاج وتعزيز أواصر التعاون الثنائي بين اليمن والبلدان التي تمتلك تجارب اجتماعية ناجحة مثل تونس عن طريق تبادل الخبرات وإقامة الأنشطة المختلفة والارتقاء بالحرفية وتوجيه التدخلات الاقتصادية والتضامنية نحو المجالات الأكثر استقطاباٍ على غرار مهن الجوار والعناية بالبيئة والمحيط وغيرها.