عوض بامدهف
رحم الله الشاعر العربي الأبرز والشهير أبا الطيب المتنبي القائل ذلك البيت الشعري الذائع الصيت:
عيد بأي حال عدت يا عيدْ
بما مضى أم لأمر فيك تجديدْ..
ولم يدر بخلد هذا الشاعر الفحل أنه بمرور الزمن وكر الأيام سوف ينقلب ما قصده من هذا البيت رأساٍ على عقب.. حيث غدا البسطاء والمعدومون والمحرومون يترحمون على الأيام الغابرة.. أيام كانت فيها فرحة العيد حقا مباحا ومشروعا ومتاحا للجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم وطبقاتهم وألوانهم ومشاربهم ودرجاتهم أكانت في أعلى السلم الاجتماعي أو في أسفله.. حيث علق أحدهم على ذلك بالقول: سقى الله تلك الأيام عندما كانت أصوات كباش العيد تملأ جنبات وأرجاء الحارات والمنازل تعزف من خلال ذلك سمفونية الفرح والابتهاج والسرور.. والأطفال تطوف حولها وتلعب معها في مشهد فرائحي لا مثيل له..
قاتل الله الغلاء الفاحش والطمع والجشع الذين أفقدوا العيد بهجته وأفرغوه من معانيه الإنسانية الرائعة والبديعة.. وحولوا كبش العيد إلى مجرد حلم يقظة فلم يبق للبؤساء والمعدمين والبسطاء سوى الحلم وانتظار الفرج المرتقب لكي يتمكنوا من التعايش مع بقايا عيد لا تسمن ولا تغني من جوع وفاقة واحتياج وأمل بأن يستعيد العيد بهجــــته ورونقه وفرحته ويصبح في متناول الجميع.. وما أصعب العيش لولا فسحة الأمل!