أنور نعمان راجح
أثبتت الأيام الماضية أنه بالإمكان وبسهولة أن نكون مجتمعاٍ حضارياٍ بما لا يقل عن المجتمعات التي توصف بذلك في سائر الأيام والأعوام وبالإمكان أن تكون هناك الكثير من الإيجابيات التي غابت وتغيب كثيراٍ لأسباب لم تثبت حتميتها في حياتنا وبالتالي جاءت نتيجة الاختبار في الفترة الماضية لصالح الجميع وإن شذ القليل النادر وبذلك نستطيع بناء على ما ثبت وما تبين لنا أن نتطلع نحو غد أفضل وننفي عن أوقاتنا القناعات التي كانت سائدة بأن لا أمل في صلاح الأوضاع في هذا المجال أو ذاك.. كنا نسمع كلاماٍ قاسياٍ ومؤلماٍ باستحالة أن تتغير الأمور نحو الأفضل وكأن ارتباطنا بالفشل وبسلبيات الحياة والعيش والتعامل حتمياٍ ولا مناص منه و كان ذلك الحكم لا يقبل المراجعة والنقاش وثمة من رأى واقتنع وتحدث وقال: أن البلد على كف عفريت مجنون وما تبقى من أيامه إلا القليل وعلى ذلك القول هناك من صدق وتسلل إلى نفسه القلق والخوف وحبس أنفاسه بانتظار الكارثة.. حديث الكارثة ليس جديداٍ فمنذ سنوات عدة والأقوال في هذا السياق تردد وتتضارب والاحتمالات عن الزمن المتبقي لساعة صفر الكارثة تقترب والزمن ذاته يضيق ويتسارع.. هكذا يصور البعض وصوروا لغيرهم والحقيقة أن الكثير من دوافع هذا السلوك لم تزل غامضة ولا أعلم ما الذي يريده أصحابه¿ أنا لا أنكر أن لحظات عدة تتكرر وشعرت فيها بشيء من الخوف وكأني صدقت فيها ما يقال عن العفريت المجنون الذي يحمل على كفه بلداٍ تزيد مساحته عن نصف مليون كيلو متر مربع ويزيد عدد سكانه عن اثنين وعشرين مليوناٍ أعلم أن فيهم عقلاء وحكماء وأتقياء وأكثر هؤلاء الملايين أسوياء وبإمكانهم أن يقفوا مواقف نبيلة ومشرفة ويبذلوا الغالي والنفيس من أجل هذا البلد وأهله.. كنت أدرك أن الأمور أفضل مما أتصور سواء على مستوى الداخل أو على المستوى الأكبر في المحيطين العربي والدولي لكن كثرة الأحاديث والتحليلات والكتابات التي يدعي أصحابها علماٍ ودراية وثقافة وسياسة تمكنهم من قراءة المشهد والتنبؤ بالمستقبل من وقت مبكر.. كل ذلك استطاع أن يفعل فعله في القناعات وبالأخص عندما غابت الأصوات والآراء التي تدحض تلك الأقوال والتأويلات وتوضح الصورة الحقيقية دون زيادة أو نقصان.. قد يقول قائل وما الذي حدث يجعلك تثق بالأوضاع ومتانتها¿ أقول: أن أول المؤشرات هو أن الكثير من الناس في الداخل والخارج أدركوا زيف الصورة المرسومة عن البلد ثم أن المتابع يستطيع أن يلمس بسهولة أن الخير ما يزال قوياٍ وحاضراٍ وأن الوعي الشعبي الموجه لمصلحة البلاد والعباد ما يزال بخير ومع الأيام تتكشف الحقائق ويدرك الناس الذين يقرأون الأوضاع والأحوال من على الأوراق غير الذين يقرأونه من الواقع.. الصحف والمواقع على الشبكة العنكبوتية والكثير من الفضائيات تقيم دولاٍ وتطيح بأخرى كل يوم غير أنه في الواقع تكون الحكاية مختلفة وأعداد الشياطين الذين تستند إليهم تلك المصادر وتعتقد أنهم قد أحكموا السيطرة على كل شيء ليست صحيحة وأن الرقم مبالغ فيه إلى حد الكذب والافتراء وأن العفريت المجنون لم يعد بإمكانه بعد أن يحمل على كفه بلداٍ فيه من الأوفياء والصادقين والاتقياء ما يكفي لهزيمتهم.