أحمد ونعمان ولبوزة وناصر وفتاح وصالح.. مرْوا من هنا
مدينة ترفل في عباءة التاريخ.. وتْسطر سفúر الثورة والوحدة والاستقلال
مدينة ترفل في عباءة التاريخ.. وتْسطر سفúر الثورة والوحدة والاستقلال
حسن عبدالوارث
wareth26@hotmail.com
>> إثر قيام الثورة السبتمبرية وجد رجال الثورة الأكتوبرية في مدينة تعز أرضية خصبة للالتئام والتنظيم والتدريب والانطلاق في مهام ميدانية في الجنوب أو مهام سياسية في الخارج بالإضافة إلى جمع الأموال وأوجه الدعم المختلفة ناهيك عن إصدار المطبوعات الصحافية المناهضة للاحتلال..
ويومها احتضنت تعز – بكل الدفء الدفاق في صدرها – جميع ثوار الجنوب على اختلاف انتماءاتهم التنظيمية وتكويناتهم الآيديولوجية.. لم تْفرق قط بين عنصر سياسي أو فدائي ينتمي إلى الجبهة القومية (NLF) أو جبهة التحرير (Flosy) أو التنظيم الشعبي أو غيرها من التنظيمات والخلايا الثورية.. فقد كانت هذه المدينة العظيمة الخلفية الاستراتيجية لمعظم العمليات النوعية التي شنِها الثوار ضد قوات الاحتلال في عدن وردفان والحواشب وفحمان والضالع وبيحان وغيرها من مناطق الجنوب المحتل حينها.
{
أجدني أسرد هذه المقدمة القصيرة للإشارة إلى بعض ملامح الدور العظيم لهذه المدينة البطلة في تاريخ الثورة اليمنية – بشطريها – والاستقلال الوطني بل والحدث العظيم: إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة..
إذú تكاد هذه الفصول الملحمية أن تكون الفصل المْهúمِل – أو المسكوت عنه – في سفúر الثورة والاستقلال والوحدة.. وهو ظلم كبير لحقِ بحق هذه المدينة ورموزها من المناضلين والساسة والعسكر والتجار الذين لولا جسامة أدوارهم وجسارة مواقفهم لما تحققت تلك الانتصارات المجيدة في حياة اليمن وواقع اليمنيين ولما أسفر الماضي البغيض عن مستقبل مشرق!
فلاش باك
إثر النكبة التي تعرضت لها حركة 1948م وأفضت إلى قطع رؤوس بعض رموزها وفرار البعض الآخر إلى عدن ومدن أخرى.. قرِر ولي العهد سيف الإسلام أحمد – بعد أن استلم صولجان الإمامة – أن يهجر عرش أبيه الإمام القتيل في صنعاء المنهوبة المنكوبة ويتخذ من تعز عاصمة للعهد الجديد..
ويومها كانت تعز تمور بحالات شتى وعناصر مختلفة وقوى متجددة.. وقد اكسبتها إقامة الإمام فيها بْعداٍ جديداٍ وسبباٍ إضافياٍ للمغايرة في السلوك العام.. لاسيما أنها عرفت كثيرين من الوافدين إليها قادمين من عدن وعدد من البلاد العربية والأفريقية وغيرها حاملين أفكاراٍ جديدة وبعضها ما يشعل فتيل الثورة على النظام الإمامي.. كما تسللت الكتب و المطبوعات الصحافية – بمختلف ألوانها وتصنيفاتها – إلى تعز.. مثلما تسلل الثوار والمتمردون على النظام الكهنوتي.. ومثلما تسلل – في حركة مغايرة من تعز إلى عدن وسواها – عديد من الشبان الذين راحوا يغترفون من مناهل الفكر والمعرفة فإذا ما عادوا إلى »الحالمة« أضافوا صفحات جديدة إلى سفúرها التاريخي ونشاطها اليومي المتميز.
وجه التاريخ
ظلت تعز حبلى وولادة منذ البدء.. فمن رحم تعز تواترت سلالات باسقة الأسماء والصفات في شتى ميادين الحياة..
وقد ظهر منها خيرة أهل العلم والتنوير والحكمة والمعرفة.. وأبرز رجال الفكر والسياسة والعسكرية ورموز الحركة الوطنية.. وصفوة أهل المال والأعمال والتجارة والحرِف.. وأبرز مؤسسي الطرائق الصوفية إلى جوار أبرز مؤسسي التيارات الحزبية.. وأهل الأدب والفن والثقافة والصحافة..
وقد غيِر هؤلاء وجه التاريخ وقلب الأحداث ومجرى الحياة في اليمن ومصائر اليمنيين بصورة لم تكن على هيئتها من دون هؤلاء..
فلينظر المرء في سطور التاريخ اليمني الحديث والمعاصر خالية من ذكر أسماء وأفعال أحمد النعمان وعبدالله الحكيمي وعبدالفتاح إسماعيل وياسين عبدالعزيز وعبدالرقيب عبدالوهاب!!
واشطب اسم وفعل أحمد بن علوان ثم اقرأ.. أو اشطب اسم وفعل الفضول ثم اقرأ.. أو اشطب اسم وفعل هائل سعيد ثم اقرأ!!
وغير هذه الأسماء الكثير.. وغير الأفعال الغزير..
وفي المهاجر ومناطق الاغتراب كان أبناء تعز السبِاقين لتشكيل الاتحادات والروابط التي تلم شمل المغتربين والمهاجرين اليمنيين في شتى بقاع الأرض.. مثلما لمِت تعز كل أبناء اليمن الذين سكنوها فسكنوا إليها مثلما سكنت فيهم فلم تكن تعز يوماٍ قط مدينة طاردة بل كانت – إلى جوار عدن – أكثر المدن اليمنية قدرة على الجذب والاستقطاب.
وقد جمعت تعز غزير المال وعزيز الرجال غير أنها ظلت حالمة مسالمة ومثالاٍ على التمدْن والتحضْر والعصرنة والوداعة وهي الصفات التي سكن إلى جوهرها أحد كبار الضباط الذي عاش في هذه المدينة أفضل وأهم فترات حياته العسكرية والإنسانية فكان أثرها على وعيه ووجدانه وتجربته الوطنية والحياتية بالغاٍ.. ما دعاه إلى التقدم – ذات يوم – بخطى ثابتة في أشد لحظات الخطر القاتل في حياة اليمن وأهلها..
ثم قْدر له أن يكون الرجل الذي سيْسجل التاريخ اسمه وفعله الاستثنائي باعتباره الزعيم الذي أعاد توحيد اليمن.
من تعز إلى ردفان
كان الشيخ المناضل راجح بن غالب لبوزة ومجموعة من رجاله – المنتمين لقبائل ردفان – في طريق عودتهم إلى منطقتهم بعد مشاركتهم في مهمة نضالية في مدينة تعز دفاعاٍ عن الثورة السبتمبرية والجمهورية..
وكان لبوزة ورجاله مطلوبين من قبل سلطات الاحتلال البريطاني طبقاٍ لقانون استعماري يعاقب كل من يشارك في أي »جيش أجنبي!!« بسجنه ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف شلن..
وفي ذات اليوم – الموافق 14 أكتوبر 1963م – كمنتú قوة بريطانية مسلحة للشيخ لبوزة ورجاله فدارت معركة بين الجانبين سقط فيها عدد من رجال قبائل ردفان بينهم الشيخ لبوزة نفسه.. فكان ميلاد الثورة الأكتوبرية.
ثم احتضنت تعز كل رجال الثورة الذين تعلموا وتدربوا وتنظموا فيها من أجل استمرار ثم انتصار ثورة أكتوبر..
كما كانت مسرحاٍ لمفاوضاتهم في أوقات الخلاف.. وكانت مأوى آمناٍ دافئاٍ للنازح من الثوار وعموم الأهالي من عدن وسائر مدن وقرى الجنوب..
ويوم أراد الزعيم العروبي خالد الذكúر جمال عبدالناصر أن يوجه رسالته التاريخية إلى بريطانيا »العظمى« داعياٍ إياها لأن تحمل عصاها وترحل من الجنوب.. اختار مدينة تعز لتوجيه هذه الرسالة..
لم يكن الجميع – يومها – يْفكر باللجوء إلى جيبوتي أو الصومال أو سلطنة عمان.. بل إلى تعز.. الحضن الأكثر دفئاٍ.. والدار الأكثر أمناٍ.. والساحة الأكثر حيوية.
الوحدة مرِت من هنا
قد يعتقد البعض أن أهم الاتفاقات وأخطر القرارات التي أفضت إلى قيام دولة الوحدة المباركة كانت قائمة في صنعاء أو صادرة من عدن..
ولا يدري الكثيرون أن ما تم الاتفاق عليه في تعز – بالذات – كان هو الممهد الحقيقي لقيام هذا الكيان الوحدوي الجديد والمجيد..
في هذه المدينة عقدت لجنة التنظيم السياسي – أهم اللجان الوحدوية بعد إنهاء اللجنة التشريعية أعمالها مبكراٍ جداٍ – معظم أعمالها.
وبرغم أن السلاسة قد سادت أعمال جميع اللجان ولم يكن ثمة ما يعتور أعمالها من خلل يعطل مسيرة التوحيد.. إلاِ أن أعمال لجنة التنظيم السياسي ظلت تعاني حالات التوتر والشد والرد بين الجزر والمد..
ومنذ اختيار تعز لإتمام لقاءات وأعمال هذه اللجنة تغيرت الأجواء النفسية لدى أطرافها وكأن لطبيعة هذه المدينة فعل السحر.. فإذا بالأمور تجري بسلاسة وشفافية وهدوء.. وإذا بالصعوبات التي كانت تكتنف أعمال هذه اللجنة تتململ وتتذلل وتنصاع للإرادة الوحدوية الصادقة من دون أطروحات حادة أو حسابات متزمتة أو شروط عسيرة.. حتى أفضى الأمر إلى ترك الخيارات الثلاثة الأخيرة المطروحة للخارطة السياسية والحزبية الأساسية مفتوحة على مصراعيها لمرحلة ما بعد قيام دولة الوحدة بحيث يقررها أصحابها بصورة سليمة وديمقراطية بعد أن كانت الخيارات السابقة تهدد سلامة الحياة السياسية لواقع ما بعد الوحدة..
وبهذا القرار تجلى الاقتران الشِرúطي بين الوحدة والتعددية على نحو عضوي حقيقي..<
wareth26@hotmail.com
>> إثر قيام الثورة السبتمبرية وجد رجال الثورة الأكتوبرية في مدينة تعز أرضية خصبة للالتئام والتنظيم والتدريب والانطلاق في مهام ميدانية في الجنوب أو مهام سياسية في الخارج بالإضافة إلى جمع الأموال وأوجه الدعم المختلفة ناهيك عن إصدار المطبوعات الصحافية المناهضة للاحتلال..
ويومها احتضنت تعز – بكل الدفء الدفاق في صدرها – جميع ثوار الجنوب على اختلاف انتماءاتهم التنظيمية وتكويناتهم الآيديولوجية.. لم تْفرق قط بين عنصر سياسي أو فدائي ينتمي إلى الجبهة القومية (NLF) أو جبهة التحرير (Flosy) أو التنظيم الشعبي أو غيرها من التنظيمات والخلايا الثورية.. فقد كانت هذه المدينة العظيمة الخلفية الاستراتيجية لمعظم العمليات النوعية التي شنِها الثوار ضد قوات الاحتلال في عدن وردفان والحواشب وفحمان والضالع وبيحان وغيرها من مناطق الجنوب المحتل حينها.
{
أجدني أسرد هذه المقدمة القصيرة للإشارة إلى بعض ملامح الدور العظيم لهذه المدينة البطلة في تاريخ الثورة اليمنية – بشطريها – والاستقلال الوطني بل والحدث العظيم: إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة..
إذú تكاد هذه الفصول الملحمية أن تكون الفصل المْهúمِل – أو المسكوت عنه – في سفúر الثورة والاستقلال والوحدة.. وهو ظلم كبير لحقِ بحق هذه المدينة ورموزها من المناضلين والساسة والعسكر والتجار الذين لولا جسامة أدوارهم وجسارة مواقفهم لما تحققت تلك الانتصارات المجيدة في حياة اليمن وواقع اليمنيين ولما أسفر الماضي البغيض عن مستقبل مشرق!
فلاش باك
إثر النكبة التي تعرضت لها حركة 1948م وأفضت إلى قطع رؤوس بعض رموزها وفرار البعض الآخر إلى عدن ومدن أخرى.. قرِر ولي العهد سيف الإسلام أحمد – بعد أن استلم صولجان الإمامة – أن يهجر عرش أبيه الإمام القتيل في صنعاء المنهوبة المنكوبة ويتخذ من تعز عاصمة للعهد الجديد..
ويومها كانت تعز تمور بحالات شتى وعناصر مختلفة وقوى متجددة.. وقد اكسبتها إقامة الإمام فيها بْعداٍ جديداٍ وسبباٍ إضافياٍ للمغايرة في السلوك العام.. لاسيما أنها عرفت كثيرين من الوافدين إليها قادمين من عدن وعدد من البلاد العربية والأفريقية وغيرها حاملين أفكاراٍ جديدة وبعضها ما يشعل فتيل الثورة على النظام الإمامي.. كما تسللت الكتب و المطبوعات الصحافية – بمختلف ألوانها وتصنيفاتها – إلى تعز.. مثلما تسلل الثوار والمتمردون على النظام الكهنوتي.. ومثلما تسلل – في حركة مغايرة من تعز إلى عدن وسواها – عديد من الشبان الذين راحوا يغترفون من مناهل الفكر والمعرفة فإذا ما عادوا إلى »الحالمة« أضافوا صفحات جديدة إلى سفúرها التاريخي ونشاطها اليومي المتميز.
وجه التاريخ
ظلت تعز حبلى وولادة منذ البدء.. فمن رحم تعز تواترت سلالات باسقة الأسماء والصفات في شتى ميادين الحياة..
وقد ظهر منها خيرة أهل العلم والتنوير والحكمة والمعرفة.. وأبرز رجال الفكر والسياسة والعسكرية ورموز الحركة الوطنية.. وصفوة أهل المال والأعمال والتجارة والحرِف.. وأبرز مؤسسي الطرائق الصوفية إلى جوار أبرز مؤسسي التيارات الحزبية.. وأهل الأدب والفن والثقافة والصحافة..
وقد غيِر هؤلاء وجه التاريخ وقلب الأحداث ومجرى الحياة في اليمن ومصائر اليمنيين بصورة لم تكن على هيئتها من دون هؤلاء..
فلينظر المرء في سطور التاريخ اليمني الحديث والمعاصر خالية من ذكر أسماء وأفعال أحمد النعمان وعبدالله الحكيمي وعبدالفتاح إسماعيل وياسين عبدالعزيز وعبدالرقيب عبدالوهاب!!
واشطب اسم وفعل أحمد بن علوان ثم اقرأ.. أو اشطب اسم وفعل الفضول ثم اقرأ.. أو اشطب اسم وفعل هائل سعيد ثم اقرأ!!
وغير هذه الأسماء الكثير.. وغير الأفعال الغزير..
وفي المهاجر ومناطق الاغتراب كان أبناء تعز السبِاقين لتشكيل الاتحادات والروابط التي تلم شمل المغتربين والمهاجرين اليمنيين في شتى بقاع الأرض.. مثلما لمِت تعز كل أبناء اليمن الذين سكنوها فسكنوا إليها مثلما سكنت فيهم فلم تكن تعز يوماٍ قط مدينة طاردة بل كانت – إلى جوار عدن – أكثر المدن اليمنية قدرة على الجذب والاستقطاب.
وقد جمعت تعز غزير المال وعزيز الرجال غير أنها ظلت حالمة مسالمة ومثالاٍ على التمدْن والتحضْر والعصرنة والوداعة وهي الصفات التي سكن إلى جوهرها أحد كبار الضباط الذي عاش في هذه المدينة أفضل وأهم فترات حياته العسكرية والإنسانية فكان أثرها على وعيه ووجدانه وتجربته الوطنية والحياتية بالغاٍ.. ما دعاه إلى التقدم – ذات يوم – بخطى ثابتة في أشد لحظات الخطر القاتل في حياة اليمن وأهلها..
ثم قْدر له أن يكون الرجل الذي سيْسجل التاريخ اسمه وفعله الاستثنائي باعتباره الزعيم الذي أعاد توحيد اليمن.
من تعز إلى ردفان
كان الشيخ المناضل راجح بن غالب لبوزة ومجموعة من رجاله – المنتمين لقبائل ردفان – في طريق عودتهم إلى منطقتهم بعد مشاركتهم في مهمة نضالية في مدينة تعز دفاعاٍ عن الثورة السبتمبرية والجمهورية..
وكان لبوزة ورجاله مطلوبين من قبل سلطات الاحتلال البريطاني طبقاٍ لقانون استعماري يعاقب كل من يشارك في أي »جيش أجنبي!!« بسجنه ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف شلن..
وفي ذات اليوم – الموافق 14 أكتوبر 1963م – كمنتú قوة بريطانية مسلحة للشيخ لبوزة ورجاله فدارت معركة بين الجانبين سقط فيها عدد من رجال قبائل ردفان بينهم الشيخ لبوزة نفسه.. فكان ميلاد الثورة الأكتوبرية.
ثم احتضنت تعز كل رجال الثورة الذين تعلموا وتدربوا وتنظموا فيها من أجل استمرار ثم انتصار ثورة أكتوبر..
كما كانت مسرحاٍ لمفاوضاتهم في أوقات الخلاف.. وكانت مأوى آمناٍ دافئاٍ للنازح من الثوار وعموم الأهالي من عدن وسائر مدن وقرى الجنوب..
ويوم أراد الزعيم العروبي خالد الذكúر جمال عبدالناصر أن يوجه رسالته التاريخية إلى بريطانيا »العظمى« داعياٍ إياها لأن تحمل عصاها وترحل من الجنوب.. اختار مدينة تعز لتوجيه هذه الرسالة..
لم يكن الجميع – يومها – يْفكر باللجوء إلى جيبوتي أو الصومال أو سلطنة عمان.. بل إلى تعز.. الحضن الأكثر دفئاٍ.. والدار الأكثر أمناٍ.. والساحة الأكثر حيوية.
الوحدة مرِت من هنا
قد يعتقد البعض أن أهم الاتفاقات وأخطر القرارات التي أفضت إلى قيام دولة الوحدة المباركة كانت قائمة في صنعاء أو صادرة من عدن..
ولا يدري الكثيرون أن ما تم الاتفاق عليه في تعز – بالذات – كان هو الممهد الحقيقي لقيام هذا الكيان الوحدوي الجديد والمجيد..
في هذه المدينة عقدت لجنة التنظيم السياسي – أهم اللجان الوحدوية بعد إنهاء اللجنة التشريعية أعمالها مبكراٍ جداٍ – معظم أعمالها.
وبرغم أن السلاسة قد سادت أعمال جميع اللجان ولم يكن ثمة ما يعتور أعمالها من خلل يعطل مسيرة التوحيد.. إلاِ أن أعمال لجنة التنظيم السياسي ظلت تعاني حالات التوتر والشد والرد بين الجزر والمد..
ومنذ اختيار تعز لإتمام لقاءات وأعمال هذه اللجنة تغيرت الأجواء النفسية لدى أطرافها وكأن لطبيعة هذه المدينة فعل السحر.. فإذا بالأمور تجري بسلاسة وشفافية وهدوء.. وإذا بالصعوبات التي كانت تكتنف أعمال هذه اللجنة تتململ وتتذلل وتنصاع للإرادة الوحدوية الصادقة من دون أطروحات حادة أو حسابات متزمتة أو شروط عسيرة.. حتى أفضى الأمر إلى ترك الخيارات الثلاثة الأخيرة المطروحة للخارطة السياسية والحزبية الأساسية مفتوحة على مصراعيها لمرحلة ما بعد قيام دولة الوحدة بحيث يقررها أصحابها بصورة سليمة وديمقراطية بعد أن كانت الخيارات السابقة تهدد سلامة الحياة السياسية لواقع ما بعد الوحدة..
وبهذا القرار تجلى الاقتران الشِرúطي بين الوحدة والتعددية على نحو عضوي حقيقي..<