يعــد الأطـــول والأنـــى دام 129 عــــاماٍ
هل فكرت بريطانيا بالاعتذار عن احتلالها لجنوب الوطن¿!
نجيب علي العصار
Najibalassar@yahoo.com
هل فكرت بريطانيا بالاعتذار عن احتلالها لجنوب الوطن¿!
نجيب علي العصار
Najibalassar@yahoo.com
> ثلاثة عقود ونيف من الزمان مرت على تحقيق الاستقلال الوطني المجيد لجنوب الوطن من نير الاحتلال البريطاني الغاشم ولم تبادر الإمبراطورية التي ظل محاربوها القدامى يصفونها بأنها إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس إلى الاعتذار رسمياٍ للشعب اليمني والإعراب عن الألم إزاء ما اقترفه جنودها من قتل وظلم إبان حكمها الاستعماري.
اعتذرت إيطاليا رسمياٍ في العام 2008م للشعب الشقيق في ليبيا عن الحقبة الاستعمارية من (1911 إلى 1943م) وتعويضها ليبيا بدفع مبالغ مالية واستثمارات.
ووفق ما نشره موقع الحكومة الإيطالية على الانترنت قال رئيس حكومة إيطاليا “سلفيور برلسكوني”: »أشعر بواجب الاعتذار والإعراب عن الألم لما حدث منذ سنوات عديدة مضت والذي أثر على الكثير من أسركم«.. وعبر برلسكوني عن تأكيده الاعتراف الكامل والأخلاقي بالأضرار التي لحقت بليبيا على يد إيطاليا في تلك الحقبة الاستعمارية.
والتقى »برلسكوني« الزعيم معمر القذافي في خيمة كبيرة في بنغازي وسلمه تمثال »فينوس قورينا« بدون رأس والذي يعود إلى القرن الثاني الميلادي كان قد سرقه جنود إيطاليون من ليبيا عام 1913م.
ووصف سياسيون ومؤرخون هذا الاعتذار الإيطالي بأنه يؤسس لسابقة تاريخية في العلاقات بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها السابقة على الأقل في دول الشرق الأوسط.
احتلال عدن
ولأهمية موقع عدن في الاستراتيجية الدولية احتلت بريطانيا عدن في 19 يناير 1839م وكان الغرض الرئيسي امتلاك محطة تزويد بالفحم آمنة للسفن التجارية في الطريق البحري الموصل بين أوروبا والهند ومن ثم تفاقمت كثيراٍ السياسة العداونية التي اتبعتها بريطانيا في جنوب الوطن آنذاك.
وخلال تلك الحقبة اتسم العهد الاستعماري البريطاني بالبطش والإرهاب ولم يترك لأبناء شعبنا في الجنوب مساحة للحوار فأشهر الغزاة السلاح وجندلوا به رؤوس المواطنين العزل وروعوا النساء والأطفال والعجزة بأصوات المدافع ولعلعات الرصاص ودوي القنابل والمدرعات وأزيز الطائرات.
ومضى المستعمرون بدم بارد في ابتداع أساليب لا إنسانية لإذلال المواطنين مداهمات واقتحام للمساكن والبيوت لاعتقال المطلوبين من عناصر الحركة الوطنية من بين أسرهم وأطفالهم في ساعات متأخرة من الليل وتهافت أجلاف المستعمر من جنوده المتعطشين للدم والتنكيل على استباحة كرامة الإنسان ولو كن نسوة لأن هتك حرمات النساء هو كسر لإرادة الرجال وفي المقدمة منهم المناضلون والثوار.
كما يجب ألا ننسى الأساليب الوحشية التي مارسها جنود الإنجليز في أقبية وكهوف التعذيب داخل المعتقلات والسجون البريطانية في عدن عْدِت من أقسى الأساليب التي اتبعتها الاستخبارات البريطانية في إذلال المواطنين ومحاولة تدمير الروح الوطنية لدى من يتوثب إلى تشديد المقاومة ضد الاستعمار وأعوانه.
تسفير جماعي
وما لبث المستعمرون لترسيخ الاحتلال والسيطرة على المناطق المجاورة لعدن أن يمضوا في تنفيذ سياستهم التي تعتمد على مبدأ »فرق تسد« فعندما رفع العمال شعار الإضراب كأسلوب سلمي من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة ما برح جنود الاحتلال يشهرون في وجوه الشعب كل أسلحتهم وقبل أن تجف دماء الضحايا والشهداء اتخذ الإنجليز إجراءات انتقامية حاقدة تمثلت في التسفير الجماعي لأبناء الشمال اليمني بهدف عزلهم عن الحركة العمالية وإهانتهم وتحطيم معنوياتهم لإدراك المستعمر أن هؤلاء العمال من أبناء اليمن شماله وجنوبه هم القاعدة الشعبية الأساسية التي تعتمد عليها الحركة العمالية الوطنية في نضالها من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق وحدة الأرض اليمنية ووقتئذ أقدمت السلطات الاستعمارية على إلغاء بطاقات تحقيق الشخصية التي أعطيت لأبناء الشمال لتحل محلها بطاقات أخرى لا يستطيع اليمني من أبناء الشمال الحصول عليها إلا إذا كان قد أمضى عشر سنوات متواصلة في مدينة عدن بينما أبناء الجاليات الهندية واليهودية وغيرها يحصلون على الجنسية إذا أثبتوا بقاءهم في عدن لمدة خمس سنوات.
مأساة زهرة
حكايات ومآسُ عديدة لا تنسى عاناها شعبنا في الجنوب أثناء تلك الحقبة اللعينة وتلك الحكايات مفرداتها تتوشى بالشموخ وبالاعتداد بالتاريخ النظيف للكرامة الوطنية وعلى النقيض ظهرت صفحات سوداء في تاريخ المحتل البريطاني.
ويحكي مناضلون مأساة »زهرة« وفقاٍ لكتاب: »عدن.. الاعتقالات ووحشية التعذيب في سجون الاستعمار البريطاني« لمؤلفه راشد محمد ثابت: »أن امرأة من قرية حبيل جبر تدعى »زهرة« كانت تعبر تحت القصف البريطاني سيل ماء متدفق في وادي بنا تحمل في حضنها رضيعة في الشهر الثالث ملفوفة في قماط من رقع وأسمال بالية حتى إذا اجتازت هذا السيل وتوقفت على ضفته الأخرى اكتشفت أنها لم تعد تحمل في حضنها إلا تلك الخرقة والأسمال أما الطفلة الوليدة فقد سقطت من حضنها إلى الماء الجارف دون أن تشعر وهي تشق عباب السيل مذعورة تحت أزيز الطائرات التي كانت تنخفض حتى مستوى رأسها وتقذف الصواريخ ميسرة وميمنة منها حتى خالجها الإحساس بأنها ستقتل لا محالة في تلك اللحظة التي كانت الطائرات تقذف صواريخها من حولها بلا حساب طوال الطريق.
هوية الشعوب
أما في ما يتعلق بـ»هوية الشعوب« الآثار فالمصادر التاريخية ذكرت أن البدايات الأولى لتهريب الآثار اليمنية إلى خارج البلاد تعود إلى خمسينيات القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن حيث نشط عدد من الضباط البريطانيين حينها في تهريب الآثار اليمنية ووفقاٍ لإحصائيات دار المخطوطات فإن 2000 مخطوطة يمنية موجودة في المتحف البريطاني في لندن.
وحكى رجل إنجليزي هو »جون ستودي لي« في صفحات من يوميات بحار إنجليزي تعود إلى نهاية سنة 1838م والأسابيع الأولى من سنة 1839م وهي تمثل الفترة التي شهدت الإعدادات العسكرية البريطانية لاحتلال عدن والذي تم في 19 يناير 1839م حكى هذا البحار الذي عايش الحدث وكان شاهداٍ عليه عن كثب أنه تحقق من وجود رخامات أضرحة في المتحف البريطاني بلندن كان قد تولى بنفسه نزعها ونقلها من عدن سنة 1841م.
الاعتذار الواجب
صور شتى وحكايات مؤلمة لاتزال عالقة في الذاكرة اليمنية عن الأساليب اللا إنسانية الموحشة التي ارتكبها جنود الاحتلال البريطاني في الجنوب لقمع وإذلال المواطنين شيوخاٍ وأطفالاٍ ونساء تْوجت بعد كفاح وطني مرير بتحقيق الاستقلال الوطني المجيد في الـ30 من نوفمبر 1967م.
فهل فكرت حكومة بريطانيا بالاعتذار الواجب والإقرار الأخلاقي بما لحق شعبنا اليمني من قتل لأهالينا واستباحة لحرماتنا أثناء حكمها الاستعماري الذي دام مائة وتسعة وعشرين عاماٍ عْد الأطول والأنكى في تاريخ الدول الاستعمارية.
وهل يحذو رئيس وزراء بريطانيا حذو »برلسكوني« ويعيد ألفي مخطوطة يمنية وآثاراٍ قديمة تعود للحضارة اليمنية نهبها جنود الامبراطورية في تلك الحقبة الاستعمارية أم أن الحرية والعدالة والديمقراطية التي تتشدق بها بريطانيا مجرد مفاهيم زئبقية تتقافز في هواء ساخن لا يحدد معناها للآخرين في لحظة ما إلا من يملك القوة!!.<
اعتذرت إيطاليا رسمياٍ في العام 2008م للشعب الشقيق في ليبيا عن الحقبة الاستعمارية من (1911 إلى 1943م) وتعويضها ليبيا بدفع مبالغ مالية واستثمارات.
ووفق ما نشره موقع الحكومة الإيطالية على الانترنت قال رئيس حكومة إيطاليا “سلفيور برلسكوني”: »أشعر بواجب الاعتذار والإعراب عن الألم لما حدث منذ سنوات عديدة مضت والذي أثر على الكثير من أسركم«.. وعبر برلسكوني عن تأكيده الاعتراف الكامل والأخلاقي بالأضرار التي لحقت بليبيا على يد إيطاليا في تلك الحقبة الاستعمارية.
والتقى »برلسكوني« الزعيم معمر القذافي في خيمة كبيرة في بنغازي وسلمه تمثال »فينوس قورينا« بدون رأس والذي يعود إلى القرن الثاني الميلادي كان قد سرقه جنود إيطاليون من ليبيا عام 1913م.
ووصف سياسيون ومؤرخون هذا الاعتذار الإيطالي بأنه يؤسس لسابقة تاريخية في العلاقات بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها السابقة على الأقل في دول الشرق الأوسط.
احتلال عدن
ولأهمية موقع عدن في الاستراتيجية الدولية احتلت بريطانيا عدن في 19 يناير 1839م وكان الغرض الرئيسي امتلاك محطة تزويد بالفحم آمنة للسفن التجارية في الطريق البحري الموصل بين أوروبا والهند ومن ثم تفاقمت كثيراٍ السياسة العداونية التي اتبعتها بريطانيا في جنوب الوطن آنذاك.
وخلال تلك الحقبة اتسم العهد الاستعماري البريطاني بالبطش والإرهاب ولم يترك لأبناء شعبنا في الجنوب مساحة للحوار فأشهر الغزاة السلاح وجندلوا به رؤوس المواطنين العزل وروعوا النساء والأطفال والعجزة بأصوات المدافع ولعلعات الرصاص ودوي القنابل والمدرعات وأزيز الطائرات.
ومضى المستعمرون بدم بارد في ابتداع أساليب لا إنسانية لإذلال المواطنين مداهمات واقتحام للمساكن والبيوت لاعتقال المطلوبين من عناصر الحركة الوطنية من بين أسرهم وأطفالهم في ساعات متأخرة من الليل وتهافت أجلاف المستعمر من جنوده المتعطشين للدم والتنكيل على استباحة كرامة الإنسان ولو كن نسوة لأن هتك حرمات النساء هو كسر لإرادة الرجال وفي المقدمة منهم المناضلون والثوار.
كما يجب ألا ننسى الأساليب الوحشية التي مارسها جنود الإنجليز في أقبية وكهوف التعذيب داخل المعتقلات والسجون البريطانية في عدن عْدِت من أقسى الأساليب التي اتبعتها الاستخبارات البريطانية في إذلال المواطنين ومحاولة تدمير الروح الوطنية لدى من يتوثب إلى تشديد المقاومة ضد الاستعمار وأعوانه.
تسفير جماعي
وما لبث المستعمرون لترسيخ الاحتلال والسيطرة على المناطق المجاورة لعدن أن يمضوا في تنفيذ سياستهم التي تعتمد على مبدأ »فرق تسد« فعندما رفع العمال شعار الإضراب كأسلوب سلمي من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة ما برح جنود الاحتلال يشهرون في وجوه الشعب كل أسلحتهم وقبل أن تجف دماء الضحايا والشهداء اتخذ الإنجليز إجراءات انتقامية حاقدة تمثلت في التسفير الجماعي لأبناء الشمال اليمني بهدف عزلهم عن الحركة العمالية وإهانتهم وتحطيم معنوياتهم لإدراك المستعمر أن هؤلاء العمال من أبناء اليمن شماله وجنوبه هم القاعدة الشعبية الأساسية التي تعتمد عليها الحركة العمالية الوطنية في نضالها من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق وحدة الأرض اليمنية ووقتئذ أقدمت السلطات الاستعمارية على إلغاء بطاقات تحقيق الشخصية التي أعطيت لأبناء الشمال لتحل محلها بطاقات أخرى لا يستطيع اليمني من أبناء الشمال الحصول عليها إلا إذا كان قد أمضى عشر سنوات متواصلة في مدينة عدن بينما أبناء الجاليات الهندية واليهودية وغيرها يحصلون على الجنسية إذا أثبتوا بقاءهم في عدن لمدة خمس سنوات.
مأساة زهرة
حكايات ومآسُ عديدة لا تنسى عاناها شعبنا في الجنوب أثناء تلك الحقبة اللعينة وتلك الحكايات مفرداتها تتوشى بالشموخ وبالاعتداد بالتاريخ النظيف للكرامة الوطنية وعلى النقيض ظهرت صفحات سوداء في تاريخ المحتل البريطاني.
ويحكي مناضلون مأساة »زهرة« وفقاٍ لكتاب: »عدن.. الاعتقالات ووحشية التعذيب في سجون الاستعمار البريطاني« لمؤلفه راشد محمد ثابت: »أن امرأة من قرية حبيل جبر تدعى »زهرة« كانت تعبر تحت القصف البريطاني سيل ماء متدفق في وادي بنا تحمل في حضنها رضيعة في الشهر الثالث ملفوفة في قماط من رقع وأسمال بالية حتى إذا اجتازت هذا السيل وتوقفت على ضفته الأخرى اكتشفت أنها لم تعد تحمل في حضنها إلا تلك الخرقة والأسمال أما الطفلة الوليدة فقد سقطت من حضنها إلى الماء الجارف دون أن تشعر وهي تشق عباب السيل مذعورة تحت أزيز الطائرات التي كانت تنخفض حتى مستوى رأسها وتقذف الصواريخ ميسرة وميمنة منها حتى خالجها الإحساس بأنها ستقتل لا محالة في تلك اللحظة التي كانت الطائرات تقذف صواريخها من حولها بلا حساب طوال الطريق.
هوية الشعوب
أما في ما يتعلق بـ»هوية الشعوب« الآثار فالمصادر التاريخية ذكرت أن البدايات الأولى لتهريب الآثار اليمنية إلى خارج البلاد تعود إلى خمسينيات القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن حيث نشط عدد من الضباط البريطانيين حينها في تهريب الآثار اليمنية ووفقاٍ لإحصائيات دار المخطوطات فإن 2000 مخطوطة يمنية موجودة في المتحف البريطاني في لندن.
وحكى رجل إنجليزي هو »جون ستودي لي« في صفحات من يوميات بحار إنجليزي تعود إلى نهاية سنة 1838م والأسابيع الأولى من سنة 1839م وهي تمثل الفترة التي شهدت الإعدادات العسكرية البريطانية لاحتلال عدن والذي تم في 19 يناير 1839م حكى هذا البحار الذي عايش الحدث وكان شاهداٍ عليه عن كثب أنه تحقق من وجود رخامات أضرحة في المتحف البريطاني بلندن كان قد تولى بنفسه نزعها ونقلها من عدن سنة 1841م.
الاعتذار الواجب
صور شتى وحكايات مؤلمة لاتزال عالقة في الذاكرة اليمنية عن الأساليب اللا إنسانية الموحشة التي ارتكبها جنود الاحتلال البريطاني في الجنوب لقمع وإذلال المواطنين شيوخاٍ وأطفالاٍ ونساء تْوجت بعد كفاح وطني مرير بتحقيق الاستقلال الوطني المجيد في الـ30 من نوفمبر 1967م.
فهل فكرت حكومة بريطانيا بالاعتذار الواجب والإقرار الأخلاقي بما لحق شعبنا اليمني من قتل لأهالينا واستباحة لحرماتنا أثناء حكمها الاستعماري الذي دام مائة وتسعة وعشرين عاماٍ عْد الأطول والأنكى في تاريخ الدول الاستعمارية.
وهل يحذو رئيس وزراء بريطانيا حذو »برلسكوني« ويعيد ألفي مخطوطة يمنية وآثاراٍ قديمة تعود للحضارة اليمنية نهبها جنود الامبراطورية في تلك الحقبة الاستعمارية أم أن الحرية والعدالة والديمقراطية التي تتشدق بها بريطانيا مجرد مفاهيم زئبقية تتقافز في هواء ساخن لا يحدد معناها للآخرين في لحظة ما إلا من يملك القوة!!.<